دمشق، بروكسيل -»الحياة»، أ ف ب ، رويتزر - أعلن الاتحاد الأوروبي عقوباته أمس على ثلاث شركات نفط سورية وهى «سترول» و «الشركة العامة للبترول» و «شركة الفرات للنفط»، وذلك في إطار جهوده لتكثيف الضغوط المالية على الحكومة السورية بسبب حملتها على المحتجين. ونشرت أسماء الشركات في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي ما يعطي الصفة القانونية لقرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أول من أمس. وتشمل قائمة العقوبات كذلك شركات إعلامية وشركات يقول الاتحاد الأوروبي إنها تورد معدات حساسة لمركز أبحاث يدعم قمع المنشقين. كما ادرج الاتحاد الاوروبي صحيفة «الوطن» اليومية السياسية الوحيدة الخاصة في سورية والتي عرفت بسعيها للتقريب بين سورية واوروبا، على لائحة العقوبات. في المقابل لم يطل هذا الاجراء الصحف الحكومية الثلاث «تشرين» و «البعث» و «الثورة». وأكد الاتحاد الاوروبي لدى نشره قراره في جريدته الرسمية ان صحيفة الوطن «تشارك في حملات التضليل وتحرض على العنف بحق المتظاهرين». وهذه الصحيفة التي أسسها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 ثلاثة رجال اعمال، تعمل من المنطقة الحرة في دمشق وذلك لتفادي القيود المشددة على الصحافة السورية. ويعمل فيها 120 شخصاً بينهم مدير و52 صحافياً. وقال ديبلوماسي اوروبي «الصحيفة قريبة من السلطة في هذا البلد الذي تواجه فيه الصحافة صعوبات وكانت الوحيدة التي يمكن ان تجد فيها شيئاً يستحق القراءة لأنها تملك مصادرها الخاصة في حين ان بقية الصحف مملة جداً». ولخص الامر بقوله «في الواقع هذه الصحيفة يعدها صحافيون في حين ان منافساتها يعدها موظفون». وبلغت خسائر الصحيفة هذا العام 1.7 مليون دولار. وطالت العقوبات ايضاً موقع «شام برس» الاخباري على الانترنت الذي يملكه الصحافي علي جمالو. في موازاة ذلك، قالت شركة «رويال داتش شل» إنها ستوقف أنشطتها في سورية تنفيذاً للجولة الجديدة من العقوبات المفروضة على البلاد. وقال ناطق باسم الشركة «شل ستوقف أنشطتها تنفيذاً للعقوبات. أولويتنا الرئيسية هي سلامة العاملين بالشركة الذين نفخر بهم. نأمل أن يتحسن الوضع سريعاً على السوريين جميعاً». ويواجه رجال الأعمال السوريون اختباراً صعباً بين العقوبات التي تفرض من كل حدب وصوب على سورية والخوف من فكرة أن يضطروا لدفع ثمن غال لدعمهم للنظام إذا انهار. وقال متعهد في دمشق لوكالة «فرانس برس» إن «العقوبات اليوم تشبه فتحات تسرب للمياه في باخرة. تسد واحدة فتفتح أخرى». وأضاف: «ما أن نجحنا في التكيف مع العقوبات الأميركية ثم الأوروبية التي وجهت ضربة رهيبة حتى فرض العرب» عقوباتهم. وتبنى الاتحاد الأوروبي أول من أمس سلسلة عاشرة من العقوبات هدفها «منع النظام من الحصول على تمويل». وقال ديبلوماسي غربي إن الهدف هو «خنق النظام». وأضاف إن «حرباً اقتصادية تحل محل تدخل عسكري مستحيل كما في ليبيا. إنها حرب حركات. العقوبات ليست جامدة وتأتي من كل الجهات». وقال رجل أعمال يملك مصنعاً للقماش يبيع إنتاجه إلى الدول العربية إن «العقوبات العربية تنص على تعليق العلاقات مع البنك المركزي السوري. هذا مبهم جداً. إذا كان الأمر يتعلق بالصفقات فسنتأثر لأنها تمر عبر المصرف المركزي». وبالفعل أصبح كل شيء أصعب. فالمصارف اللبنانية التي كانت «رئة» سورية لم تعد تفتح حسابات للمواطنين السوريين. وفي الولاياتالمتحدة كما في أوروبا حيث يفترض ألا تطاول العقوبات الأفراد غير المدرجين على لائحة سوداء، ما أن تظهر كلمة سورية واسم مدينة في هذا البلد حتى يرفض النظام المصرفي الصفقة. وقال مصرفي لبناني إن «زبوناً كان يريد إرسال أموال إلى ابنه في الولاياتالمتحدة رفضت العملية التي يريد القيام بها لأنه يعيش في شارع دمشق في بيروت». واعترف وزير الاقتصاد والتجارة السوري محمد نضال الشعار بأن سورية تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ سنوات لكنها قادرة على تجاوزها بتحقيق تقدم على طريق الاكتفاء الذاتي. وأوضح الاتحاد الأوروبي أن هدف العقوبات هو فصل رجال الأعمال عن النظام. وكتب أن «الذين يقولون لا للنظام ونعم لتطلعات الشعب لن يتأثروا بالعقوبات الأوروبية». ويثير الإعلان عن «لائحة سوداء» جديدة للشخصيات التي تتهم بمساعدة النظام، قلق رجال الأعمال. وقال أحدهم إن «شائعة أفادت أنني سأكون (على لائحة). شعرت أنني أواجه محنة لكن في نهاية المطاف تبين أنه تشابه أسماء». وأضاف إن «وجود الاسم على لائحة يجعل الشخص مثل مصاب بالجذام. الذين يقومون بصفقات معه يبتعدون عنه حتى لا يصابوا بالعدوى ويكون عليه الانسحاب من شركات حتى لا يؤثر على شركائه». لكن كثيرين من رجال الأعمال الذين عاشوا مع هذا النظام منذ 1963، يقفون في صف النظام السوري خوفاً من الفوضى وخصوصاً من تصفيات الحسابات إذا انهار.