لندن، دمشق، باريس، واشنطن عمان، نيقوسيا -»الحياة»، أ ف ب، رويتزر، أ ب - شهدت سورية امس يوما داميا مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية وخروج مئات الالاف من المحتجين في مدن عدة في «جمعة الشهيد صالح العلى»، ما ادى إلى مقتل ما لا يقل عن 16 محتجا بينهم صبي مراهق، هو أول قتيل يسقط في مدينة حلب منذ بدء حركة الاحتجاجات في آذار (مارس) الماضي، اضافة الى عشرات الجرحى. وتوازى ذلك اتساع لافت لعمليات الجيش السوري في المدن الشمالية. وقال ناشطون إن الجيش سيطر بشكل كامل على مدينة معرة النعمان التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 آلف شخص وقطع الطريق بينها وبين حلب. كما تقف قوات الامن على مشارف مدينة خان شيخون حيث تقوم بعمليات تمشيط واعتقال واسعة. ووسط اتساع العمليات العسكرية السورية على الحدود التركية، فر أكثر من آلف من السوريين أمس الى داخل تركيا هربا من هجمات محتملة. وفي ضوء تضاؤل فرص اتخاذ مجلس الامن قرارا يدين العنف في سورية، بسبب اصرار روسيا والصين على رفض هذه الخطوة، قالت فرنساوالمانيا أنهما ستعملان على فرض عقوبات في الاتحاد الاوروبي تستهدف اشخاصا جددا ومصارف وشركات سورية. وشدد البلدان على أنهما «سيضغطان» على السلطات الروسية من اجل دعم قرار دولي في مجلس الامن. وكان لافتا امس ان سوريين اظهروا غضبهم من الموقف الروسي، إذ قال شاهد في ضاحية عربين في دمشق إن المحتجين احرقوا العلم الروسي احتجاجا على موقف موسكو. وعن التطورات الميدانية، قال ناشطون وشهود ان سورية شهدت تظاهرات كبيرة امس شملت حمص وحماة ودير الزور وبانياس ودرعا ودوما والقامشلي وتلبيسة والرستن واللاذقية ومناطق أخرى. وذكروا ان قوى الامن استخدمت الرصاص الحي لتفريق التظاهرات وان العشرات سقطوا بين قتيل وجريح. وقالت جماعة «لجان التنسيق المحلية السورية» إن قوات الامن قتلت 16 محتجا على الاقل. وأوضحت في بيان ان بين القتلى اول محتج يسقط في حلب ثانية اكبر المدن السورية. وذكرت الجماعة ان لديها اسماء المدنيين ال 16، موضحة ان بينهم تسعة في حمص، وثلاثة في ضواحي دمشق، واثنين في دير الزور. وقال عمار القربي الناشط السوري في مجال حقوق الانسان إن قوات الامن قتلت بالرصاص ذلك متظاهر شاب في حلب حين اطلقت النار على مئات من المحتجين في شارع سيف الدولة الرئيسي، وسط المدينة. وذكر ناشطون أن «هناك عدداً من الجرحى بينهم خمسة في حال خطرة» في حمص، وأن «شخصين قتلا في داعل (ريف درعا، جنوب البلاد). وذكر «المرصد السوري» أن رجال الأمن استخدموا الرصاص لتفريق تظاهرتين في مدينة بانياس الساحلية (غربا) ما أدى الى «إصابات» بين المتظاهرين ايضا. كما ذكر ناشط حقوقي أن «حماة وحمص (وسط) خرجتا عن بكرة أبيهما»، مشيراً الى «خروج نحو 100 ألف متظاهر في حمص وعشرات الآلاف في حماة». وعلى صعيد الضغوط الدولية، أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان فرنسا «تؤيد توسيع العقوبات الاوروبية ضد سورية لتشمل كيانات اقتصادية» وفق مشروع يجري بحثه في بروكسيل. وقال الرئيس نيكولا ساركوزي خلال مؤتمر صحافي، بعدما أجرى محادثات في برلين مع المستشارة الالمانية انغيلا مركل ان «فرنسا، وبالتعاون مع المانيا، تدعو الى تشديد العقوبات على السلطات السورية التي تقوم بأعمال لا يمكن السكوت عنها وغير مقبولة وأعمال قمع ضد الشعب ‹السوري›.» وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو رداً على اسئلة حول الكيانات الاقتصادية المزمع فرض عقوبات عليها، انه يجري البحث في استهداف «شركات ومصارف» واحتمال اضافة اسماء الى العقوبات الشخصية المفروضة على شخصيات سورية. وقال ديبلوماسي اوروبي ل «فرانس برس» إن الافراد والشركات مترابطون والاتحاد الاوروبي يستهدف «12 شخصاً قد يكونون يتمولون من خلال شركات». وقالت مركل، بعد محادثاتها مع ساركوزي، ان الجانبين سيضغطان على روسيا حتى تؤيد قرار الاممالمتحدة ضد دمشق. وأضافت: «أعتقد بان هناك وعيا بأن القوة تستخدم ضد الشعب بطريقة غير مقبولة. ولذلك كل منا سيتحدث الى روسيا بطريقته لضمان تحقيق النجاح». وفي واشنطن، لفت مسؤول أميركي رفيع إلى أن «العنف والاشتباكات وقعت» امس حيث كان هناك قوى أمن. ورأى في ذلك مؤشرا آخر على أن الحكومة السورية «هي وراء عدم الاستقرار في البلاد». وصعد المسؤول لهجته ضد النظام السوري معتبرا أن «صبر الشعب السوري بدأ ينفذ والرئيس الأسد يمكن أن يقول ما يشاء من الكلمات... لكن السوريين يركزون على التغييرات على الأرض أكثر منه على الكلمات.» ولم يعر المسؤول أهمية لخطوة رجل الأعمال السوري رامي مخلوف بالتبرع بثروته للاعمال الخيرية، مشيرا أن هذا الأمر «مثير للضحك ورأينا يافطات تسخر منه في التظاهرات». وجدد المسؤول أن واشنطن تعمل على ثلاث جبهات فردية واقليمية ودولية لزيادة الضغوط على الأسد. واعتبر أن النظام السوري «يتوجه إلى صديقته الوحيدة ايران. وهذا ليس جيدا لأن أجواء التظاهرات تعكس المشاعر السلبية للسوريين من ايران وحزب الله». إلى ذلك، بدأ لاجئون سوريون في تركيا اضرابا عن الطعام احتجاجا على العزلة التي وضعتهم فيها السلطات التركية، كما قال ناشط حقوقي سوري. وقال ان «اللاجئين في مخيم يايلاداجي بدأوا اضرابا عن الطعام بعد صلاة الجمعة». واضاف «انهم يحتجون على منع الزيارات، ومنعهم من التظاهر ضد النظام في دمشق وانعدام الاتصالات بالخارج». وتحدث عن اقدام حراس اتراك على «ضرب» لاجئين.