ليتنا بقينا صغاراً، فكان أكبر همّنا الرضّاعة واللعبة، وعندما كبرنا قليلاً كبر همنا معنا قليلاً، وأصبحت الواجبات المدرسية والاختبارات هي جُلّ معضلاتنا في هذا العالم وأكبر همّ قد يواجهنا، فكُنَّا نطالب الزمن بأن يسرع بنا، بل كُنَّا أحياناً ندفع عجلته كي نكبر ونهرب من عناء الدراسة وهمّها إلى ملاذ الوظيفة وراحتها والتمتع بالراتب الذي سيزور الحساب البنكي كل نهاية شهر من دون قلق الواجبات أو أرَق الامتحانات، وما درينا أنَّنا سنطالب الزمن ذاته بأن يُرجعنا الى الوراء كي نبقى صغاراً لا ندرك ما يجري حولنا من ظلمٍ مستشرٍ وقمعٍ متسع الرقعة وفسادٍ مترامي الأطراف. ليت ذلك الزمن يعود، فقد أدركنا يقيناً أنَّنا كُنّا في نعمةٍ يغبطنا عليها مَنْ كان يكبرنا، كما هو حالنا الآن مع مَنْ يصغرنا. الطفولة من النعم الثمينة التي سرعان ما تزول، فلنوجِّه مَنْ حولنا من الأطفال بأن ينعموا بها قدر استطاعتهم، لأنهم سيتمنون عودتها باكين يوماً ما من دون جدوى.