البصرة - أ ف ب - ينشغل جنود أميركيون في قاعدة في البصرة في تأمين طريق محوري تجتازه المواكب العسكرية المنسحبة نحو الكويت، خصوصاً عبر دفع أموال لشيوخ عشائر مقابل المساعدة في حماية الطريق. وقال الكولونيل دوغلاس كريسمان إن «واجبنا يتركز في حفظ أمن الطريق السريع (...) الذي يجتازه إخواننا وأخواتنا» من الجنود الأميركيين خلال توجههم نحو الحدود الكويتية. وأضاف كريسمان الذي يشرف على عمل الجنود في المحافظات العراقية الجنوبية الأربع: «تربطنا اليوم علاقة بأكثر من عشرين شيخ عشيرة تشرف قبائلهم على الطريق السريع (...) وندفع لهم أموالاً مقابل أن يبقوا هذا الطريق نظيفاً». ويجري الجنود الأميركيون حالياً عملية انسحاب كاملة من العراق بعد ثماني سنوات من الاحتلال. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن في 21 تشرين الأول (أكتوبر) أن القوات ستنسحب بالكامل بحلول نهاية 2011 بموجب اتفاق أمني بين بغداد وواشنطن. وغادر في الأشهر الماضية عشرات آلاف الجنود الأميركيين، اتجه معظمهم نحو الكويت، ولم يبق سوى أقل من 13800 جندي يتمركزون في سبع قواعد حول العراق. وقال مصدر مسؤول في محافظة الديوانية، إن القوات الأميركية تسلك في خروجها من العراق الطريق السريع ويبدأ من تقاطع مدخل عفك على بعد حوالى 10 كلم جنوب الديوانية (160 كلم جنوب بغداد). وأضاف أن «طول الطريق بين الديوانية والناصرية (305 كلم جنوب بغداد) 145 كلم ثم يرتبط بطريق البطحاء البصرة السريع الذي يبلغ طوله 240 كلم ويصب في البصرة». وأشار إلى أن «الطريق يتألف من جانبين للمرور ذهاباً وإياباً يبلغ عرض كل جانب 15 متراً، فيما يبلغ عرض الجزرة الوسطية عشرة أمتار، والأكتاف الجانبية للطريق يبلغ عرضها ثلاثة أمتار، مع وجود جسور للمركبات على طول الطريق». ويخشى الأميركيون أن تستهدف مواكبهم المنسحبة من مدن عراقية متفرقة على هذا الطريق الذي تنتشر على جانبيه بساتين وأراضٍ جرداء وعدد محدود من القرى، خصوصاً عبر إقدام ميليشيات مسلحة على زرع عبوات ناسفة. وقال كريسمان «عندما يقع انفجار مثلاً، نتصل بالشيخ المسؤول عن منطقة الحادث. ونسأله عما حدث ونقول له: هذه مسؤوليتك، لماذا ندفع لك إذا لم تقم بواجبك؟». وكثفت الميليشيات المسلحة الصيف الماضي عملياتها ضد الجنود الأميركيين، خصوصاً في بغداد والمناطق الجنوبية حيث قتل في حزيران (يونيو) 23 جندياً، ما جعله الشهر الذي تسجل فيه أفدح خسائر للقوات الأميركية منذ ثلاث سنوات. وروى أبو محمد الجبوري، أحد وجهاء عشيرة الجبور أن «مع نهاية عام 2007، تم تشكيل مجموعات لحماية الطرق الخارجية بالاتفاق مع القوات الأميركية». وأشار إلى أنه «جرى تخصيص رواتب شهرية تغطي نفقات كل كيلومتر إذ تم تعيين مجموعات حماية لا يقل عدد أفرادها عن عشرة أشخاص لكل كيلومتر». وتابع: «راوحت الرواتب الشهرية بين 500 و700 دولار للعنصر الواحد يدفعها الأميركيون». لكن الجبوري أكد أن في منتصف 2008، تم تحويل مجموعات حماية الطرق الخارجية إلى «لجنة المصالحة الوطنية وأصبحت اللجان الأمنية في مجالس المحافظات والأقضية والنواحي تشرف على عملهم مباشرة ويتلقون تعليماتهم من الجيش العراقي والشرطة الوطنية». وشدد على أنه «بذلك انقطعت علاقة مجموعات حماية الطرق الخارجية من أبناء العشائر بالقوات الأميركية في شكل كامل، علماً أنهم ما زالوا يمارسون عملهم في حماية الطرق والحفاظ على المارة من عصابات السرقة والسلب ويتلقون رواتب من وزارة المصالحة الوطنية». وإلى جانب تأمين الطريق السريع، يعمل الجنود الأميركيون المتمركزون في قاعدة البصرة وعددهم حوالى 500، على تسليم أجزاء منها إلى الجيش العراقي، وأجزاء أخرى إلى وزارة الخارجية الأميركية التي سيعمل موظفوها في «أكبر قنصلية أميركية في العالم». وأكد كريسمان أن «عملية التسليم في هذه القاعدة أكثر تعقيداً من تلك التي جرت وتجري في قواعد أخرى لأننا نسلمها إلى مجموعة من الكيانات المختلفة». وزاد: «سنؤمن خروج المواكب، ثم نتبعها إلى الخارج (الكويت)، ونغلق بعد ذلك الباب خلفنا».