بغداد - أ ف ب - تسعى الحكومة العراقية الى تبديد الشكوك التي تبديها مجالس الصحوات حيالها بعد اعتقالات طالت عدداً من قياداتها في الآونة الاخيرة، في حين يؤكد الجيش الاميركي «التزامات» بغداد ازاء المقاتلين الذين يحاربون «القاعدة» والمجموعات المتطرفة. وقال محمد سلمان، رئيس لجنة «متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية» المسؤولة عن ملف الصحوات خلال مؤتمر حضره عدد كبير من قادة الصحوات، ان «السلطات لا تعتقل عناصر (الصحوات) بعد نقل ملفها الى القوات العراقية، باستثناء من يرتكب اعمال القتل». واضاف ان «الله والقانون لا يسامحان الدم. جميع التهم الموجهة نسقطها باستثناء القتل». وقد اندلعت مواجهات في بغداد اواخر اذار (مارس) الماضي بعد اعتقال قائد صحوة منطقة الفضل عادل المشهداني بتهم القتل والابتزاز، فيما اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي ان بعض العناصر الموالية لحزب البعث اندست في قوات الصحوة. كما اعتقلت قوات عراقية قبل اسبوعين قائد صحوة الضلوعية، شمال بغداد، الملا ناظم الجبوري اثر تقديم شكوى قضائية ضده بتهم القتل. وشارك نحو 200 من قادة الصحوات من انحاء العراق في المؤتمر لمناقشة عملية دمج عناصرها بالوظائف المدنية. وكان الجيش الاميركي اعلن مطلع نيسان (ابريل) الماضي انتهاء عملية نقل مسؤولية قوات الصحوة، البالغ عدد عناصرها حوالي 94 الفاً، الى السلطات العراقية بشكل كامل. بدوره، قال الميجور جنرال جي. دي. جونسن، نائب قائد العمليات في قوات التحالف «اعتقد ان ابناء العراق يريدون ان يروا دليلا على ان الحكومة ملتزمة امرهم. واعتقد انهم تحققوا من ذلك حيث منحت عدداً منهم وظائف في الاجهزة الامنية، وهي في طريقها لاعطاء وظائف للآخرين، كما انها تدفع الرواتب حاليا». واضاف: «هناك صعوبات تواجههم، لكننا سنواصل العمل لحل جميع العقبات. وفي مطلع تموز (يوليو) المقبل سنرى ابناء العراق في بغداد ينتقلون الى وظائف مدنية في الوزارات». ويبدي عدد كبير من قادة الصحوات تذمراً ازاء عدم تسلم رواتبهم منذ انتقال مسؤوليتهم من القوات الاميركية الى السلطات العراقية. وقال محمد السبع، احد قادة الصحوة في محافظة نينوى، «انضممنا الى الصحوة منذ عام ونصف وقاتلنا الارهاب، وتمكنا من تطهير مناطقنا الواقعة على مناطق حدودية مع اقليم كردستان ولا توجد مشاكل امنية حاليا». واضاف «لكن، لم نتسلم رواتبنا منذ انتقال المسؤولية (الى الحكومة) حتى الآن، بحجة عدم ورود الاسماء في قائمة الرواتب». الى ذلك، هدد شيخ عشيرة من محافظة الديوانية، جنوب بغداد، بالانسحاب من مجلس الصحوة اذا لم يعد هناك اي اعتبار لشيوخ العشائر. وقال «لا بد للسلطات في المحافظة من ان تأخذ في الاعتبار احترام الشيوخ من خلال دفع الرواتب بصورة منتظمة». واضاف: «سأترك عملي اذا لم يتم توفير الرواتب المتأخرة، لأنني لا استطيع السيطرة على المقاتلين من دون اموال». من جهة اخرى، برزت مشاكل جديدة في بعض المناطق، بينها على سبيل المثال تقديم عائلات مسلحين تابعين ل «القاعدة» شكاوى قضائية ضد عناصر من الصحوة. وقال قائد صحوة في جنوب شرقي بغداد «هناك عائلات من تنظيم القاعدة تقدمت بدعاوى ضد عناصر الصحوة، بعد مقتل ابنائهم في مواجهات». واضاف ان «السلطات القضائية تنظر في الدعاوى، مما يجعلنا امام مصير مجهول (... ) لقد قتلنا مجرمين ارهابيين، اصبحوا اليوم ابرياء ونحن مطلوبون قضائيا». وتسلمت الحكومة العراقية مسؤولية جميع عناصر الصحوة اعتبارا من الاول من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي على ان ينطبق ذلك على 54 الف عنصر في محافظة بغداد في بادئ الامر. ومنذ مطلع 2007 يعمل الجيش الاميركي على تشكيل مجالس الصحوة او الاسناد في مناطق السنة بشكل رئيسي، بحيث اصبح عددها يناهز 130 مجلسا تابعة لبلدات ومدن ونواح في شمال بغداد وشرقها وغربها. وتساهم قوات الصحوة في المناطق السنية غرب بغداد ووسط العراق وشماله في تراجع اعمال العنف بعد ان رفع عناصرها السلاح في وجه من قاتلوا في صفوفهم سابقا. ويسود الاعتقاد بان الحكومة العراقية، ذات الغالبية الشيعية، لا تبدي ثقة كبيرة بقوات الصحوة. وانبثقت قوات الصحوة للمرة الاولى في ايلول (سبتمبر) 2006 في محافظة الانبار حيث استطاعت خلال اشهر قليلة طرد تنظيم «القاعدة» والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكه الامر الذي شجع الجيش الاميركي على تطبيق هذه التجربة في محافظات اخرى. وكان المالكي حدد نسبة عشرين بالمئة فقط من مجموع قوات الصحوة للانضمام الى القوات الامنية من جيش وشرطة في حين وعد بتدبير وظائف مدنية للآخرين.