تراجعت «هيئة الوزراء الثمانية» الإسرائيلية عن قرارها السابق تجميد تحويل مستحقات السلطة الفلسطينية من العائدات الضريبية الشهرية التي تجبيها إسرائيل بالنيابة عنها (نحو مئة مليون دولار شهرياً)، وهو قرار اتخذته عقاباً على قبول فلسطين عضوا كامل العضوية في «منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو) مطلع الشهر قبل الماضي، وقررت أمس تحويل الأموال المستحقة عن تشرين الأول (أكتوبر)، واضعة شروطاً جديدة لمواصلة تحويلها شهرياً. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مهد لقرار أمس، حين أعلن أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية مطلع الأسبوع أنه بصدد الإفراج عن الأموال المجمدة للسلطة، بداعي أن الأخيرة أوقفت خطواتها الأحادية الجانب في أروقة الأممالمتحدة للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة. وأيد القرار سبعة من أعضاء «هيئة الثمانية» وعارضه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي كان هدد قبل أسبوع بأزمة ائتلافية في حال اتخذت هيئة حكومية قراراً بالإفراج عن الأموال للسلطة. وقبل يومين، اعتبر مثل هذا القرار «خنوعاً للإرهاب»، لكنه تراجع عن تهديده بافتعال أزمة حكومية. ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن هيئة الثمانية أوضحت في قرارها أنه في حال استأنف الفلسطينيون مساعيهم في الأممالمتحدة أو تم تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بمشاركة حركة «حماس»، فإن إسرائيل ستنظر من جديد في تجميد الأموال الفلسطينية. وأضاف أنه في حال تبين أن السلطة حوّلت جزءاً من الأموال التي تتلقاها من العائدات الضريبية على «مخربين»، فإن إسرائيل ستقوم بخصم المبلغ الذي يتم صرفه من التحويلات في المستقبل. وطبقاً للتقارير الصحافية، فإن تغيير «هيئة الثمانية» قرارها تم نتيجة الضغوط الأميركية والأوروبية على إسرائيل وتحذيرها من الانعكاسات السلبية على إسرائيل ذاتها، خصوصاً أن حجب الأموال يَحُول دون دفع الرواتب لأفراد أجهزة الأمن الإسرائيلية «ما يمس بالتعاون الأمني المشترك بين هذه الأجهزة ونظيرتها الإسرائيلية». وتبنى هذا الموقف أيضاً وزير الدفاع ايهود باراك الذي سبق أن أعلن أن الأموال المجمدة هي فلسطينية وأن تحويلها لا يعني صنع معروف للفلسطينيين «إنما يخدم أيضاً مصالح إسرائيل الأمنية، لأن حجبها سيؤدي إلى زعزعة الوضع الأمني في أراضي السلطة الفلسطينية». وأيدت باراك في هذا الموقف المؤسسة الأمنية بأذرعها المختلفة. وفي تعقيب له على القرار الاسرائيلي الافراج عن الاموال الفلسطينية، قال رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض أمس في كلمة له في حفلة استقبال اقامتها ممثلية اليابان في رام الله لمناسبة عيد الميلاد ال 78 للامبراطور الياباني، ان على الحكومة الإسرائيلية ألا تلجأ الى حجز الاموال الفلسطينية لأنها أولاً اموال فلسطينية وليست اسرائيلية، وثانياً لأن هذه الاموال بالغة الاهمية للسلطة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني. وأوضح فياض: «علمنا من وسائل الاعلام عن قرار الافراج عن الاموال، لكن الاموال لم تحول بعد». وأشار إلى التأثير التدميري لهذه «الإجراءات الإسرائيلية الخانقة والمكبلة للاقتصاد الفلسطيني»، معتبراً أنها «تزيد من إضعاف الثقة وفي شكل كبير في إمكان أن تحقق العملية السياسة ما هو مطلوب منها، والمتمثل أساساً في إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة»، وطالب المجتمع الدولي بمكوناته كافة إلزام اسرائيل تحويل الاموال الفلسطينية وعدم اللجوء مجدداً الى اسلوب احتجازها في أي شكل من الأشكال.