موسكو، واشنطن - «الحياة»، أ ف ب - دعت روسيا إلى الكف عن توجيه «انذارات» إلى سورية وايجاد تسوية للأزمة هناك على غرار السيناريو اليمني، كما اعلنت انها تعارض فرض حظر سلاح على ذلك البلد، وذلك بعد إقرار وزراء الخارجية العرب عقوبات على دمشق ومطالبة واشنطن والاتحاد الأوروبي بوقف العنف فوراً في هذا البلد. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قولَه «الأهم الآن هو الكف عن التحرك بواسطة الإنذارات ومحاولة إعادة الوضع الى العمل السياسي»، مشدداً على وجوب ايجاد تسوية سلمية للنزاع. وقال لافروف إن «جميع الدول، بما فيها تلك التي تطالب الآن باتخاذ إجراءات بحق سورية، كان لها موقف مختلف تماماً حيال اليمن، حيث استمرت المفاوضات حول خطة تسوية سلمية اقترحها مجلس التعاون الخليجي على مدى أشهر». وتابع: «في نهاية المطاف، وبعد إبداء صبر ومثابرة وممارسة ضغوط مماثلة على جميع اطراف العملية، تمكنت الاسرة الدولية من الحصول على توقيع هذه الخطة». وشدد لافروف على انه «من الضروري اعتماد مثل هذا النهج بالنسبة للمشكلة السورية، لأن الإنذارات التي تلجأ اليها بعض الدول، وعلى الأخص الجامعة العربية، لا تحل هذه المشكلة». وأكد لافروف ايضاً ان موسكو لن تلتزم على الارجح بحظر على شحن الاسلحة لسورية بعد تجربة عمليات القصف على ليبيا. وقال الوزير الروسي في ختام لقاء مع نظيرته الآيسلندية اوسور سكارفيدينسن: «إنني أصف المقترحات التي نسمعها أحياناً حول فرض حظر شامل على شحنات الاسلحة الى سورية، بأنها غير نزيهة... لأن تطبيق حظر السلاح سيقطع الإمدادات عن حكومة الرئيس بشار الأسد ولكن ليس عن معارضيه». وتابع: «نعلم كيف سارت الأمور في ليبيا عندما طبق حظر السلاح فقط على الجيش الليبي في حين حصلت المعارضة على السلاح، وتحدثت دول مثل فرنسا وقطر علانية عن الأمر من دون خجل». وكرر دعوة روسيا إلى الحوار بين الحكومة السورية وخصومها، الذين تقول موسكو إنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية في إراقة الدماء. وقال لافروف: «كلما استمرت الأوضاع على هذا المنوال في سورية كلما سبب لنا هذا مشاكل. في الأغلب تستفز الجماعات المسلحة السلطات، ليس من الصواب توقع أن تتجاهل الحكومة هذا الأمر». وترتبط موسكو -التي انتقدت أيضا المزيد من العقوبات التي فرضتها دول غربية وعربية على سورية- بعلاقات سياسية وإستراتيجية وثيقة مع الحكومة السورية، وتمثل مصدراً أساسياً للسلاح بالنسبة لدمشق. وتحالفت روسيا مع الصين في الشهر الماضي في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مدعوم من الغرب في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة يدين دمشق بسبب العنف، الذي قال محققون من الأممالمتحدة إنه أسفر عن سقوط 3500 قتيل. وتحث روسيا الأسد على تنفيذ إصلاحات، لكنها ترفض المطالب الدولية باستقالته، واتهمت دولاً غربية بمحاولة تمهيد الطريق للتدخل العسكري. وتقول مؤسسة (كاست) الروسية، وهي مركز أبحاث، إن سورية مثلت سبعة في المئة من صفقات السلاح الروسية للخارج، والتي بلغ حجمها عشرة مليارات دولار عام 2010. ويعقِّد موقف موسكو أيَّ مساع غربية لتعزيز الضغوط على النظام السوري. وكانت الادارة الاميركية رحبت ليلة اول من امس بما اعتبرته «إشارة واضحة» الى رفض العنف، وجهتها الجامعة العربية الى النظام السوري عبر العقوبات. وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية مارك تونر: «إنها رسالة واضحة لا لبس فيها، مفادها ان جيران (الرئيس السوري بشار) الاسد في المنطقة ضاقوا ذرعاً... بسلوكه وبالطريقة التي يقتل فيها نظامُه المدنيين». إلى ذلك ذكرت وكالة الأنباء الروسية «ايتار تاس» نقلاً عن مصدر عسكري امس أن روسيا سترسل اعتباراً من كانون الأول (ديسمبر) سفناً حربية إلى سورية، بعدما تحدثت وسائل إعلام عن إرسال سفن ربيع 2012. وقال هذا المصدر في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية إن حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف والسفينة الحربية الأميرال تشاباننكو «ستتوجهان على الأرجح بعد العاشر من كانون الأول إلى المحيط الأطلسي والبحر المتوسط». وأضاف انه «من المقرر أن تزورا في نهاية كانون الأول مرافئ سورية». وكرر هذا المصدر العسكري القول إن هذا التوقف «كان مقرراً منذ فترة طويلة ولا علاقة له بالحوادث في سورية». وكانت صحيفة «ايزفستيا» الروسية ذكرت أول من امس أن روسيا سترسل في 2012 أسطولاً من السفن الحربية إلى سورية رسمياً من اجل توقف بسيط بينما يتصاعد التوتر بين موسكو والغربيين حول الأزمة في هذا البلد. ونقلت الصحيفة عن ناطق باسم رئيس أركان البحرية الروسية قوله إن السفن التي ستكون بقيادة حاملة الطائرات الروسية الوحيدة الأميرال كوزنيتسوف، سترسو ربيع 2012 في مرفأ طرطوس حيث تقع قاعدة بحرية روسية. وتستخدم هذه القاعدة التي أقيمت في عهد السوفيات لصيانة وتموين السفن ولا ترسو فيها حالياً أي سفينة. ويأتي ذلك فيما أيدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل قرار الجامعة العربية الخاص بسورية مبدية دعمها العقوبات المفروضة عليها. ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل في الاتجاه نفسه، وأن ألمانيا تسعى داخل الأممالمتحدة إلى اتخاذ مواقف مماثلة من النظام السوري. وكانت ميركل تتحدث خلال محادثات في برلين مع العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين الذي قال إن بلده يدعم فرض العقوبات على سورية «لكننا لا نوافق على استخدام الحل العسكري ضدها رغم أننا قلقون جداً من الوضع المأسوي الحاصل هناك».