في وقت ينشغل المصريون بمحاولة فهم خطوات التصويت المعقدة في الانتخابات البرلمانية التي تبدأ اليوم أولى مراحلها وسط استمرار الآلاف في الاعتصام في ميدان التحرير وميادين أخرى في المحافظات، وُضعت السلطات في اختبار عسير مساء أول من أمس عزز الشكوك في قدرتها على تأمين الانتخابات في ظل حوادث انفلات أمني. وانشغل سكان بعض المناطق بمتابعة تطورات معارك عدة بين عائلات استخدمت فيها أسلحة آلية سقط فيها قتلى وجرحى من دون تدخل أمني لبضع ساعات، فعلى بعد أقل من كيلومترين من مقر وزارة الدفاع في ضاحية كوبري القبة، اندلعت معركة بين عائلات من منطقتي الزاوية والوايلي بسبب خلاف على تعريفة مرور سيارات نقل الركاب، تطور إلى اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الآلية والزجاجات الحارقة وسقط فيها قتيل ونحو 90 مصاباً. اللافت أن المواجهات استمرت نحو ست ساعات، فيما قوات الشرطة تتمركز على بعد كيلومتر من دون أي تدخل. وبدت المنطقة القريبة من مقار عسكرية ساحة حرب، فالصبية يعدون الزجاجات الحارقة لاستخدامها في القتال، ودوي الأعيرة النارية لم يتوقف على مدى ساعات، وتطور الأمر إلى حد إحراق سيارات خاصة ومتاجر ومهاجمة بعض المنازل. وبعد ساعات، حاولت قوات الشرطة التدخل لفضِّ الاشتباك، لكنها تراجعت تحت وقع سيل من الأعيرة النارية، قبل أن يرسل الجيش آليات مدرعة للفصل بين الجانبين. وقال صلاح الدين أحمد (26 عاماً)، وهو من سكان منطقة الزاوية إن «عائلات المنطقة اتصلت بالشرطة مئات المرات من أجل التدخل لوقف المعركة لكن من دون مجيب». وأضاف: «كيف تُجرى الانتخابات المتوقع أن تشهد أعمال عنف، في حين أن الشرطة غير قادرة على فض شجار بين عائلتين... كنت أعتزم الإدلاء بصوتي، لكنني لن أتوجه إلى لجان الاقتراع في ظل هذا الفراغ الأمني». وفي وقت كان سكان القاهرة يتابعون أنباء «معركة الزاوية»، كانت الأوضاع الأمنية أشد سوءاً في مدينة بنها في محافظة القليوبية (شمال القاهرة) حيث قتل شخصان وأصيب العشرات في شجار بين عائلتين بسبب خلاف مالي أحرقت خلاله منازل. ولم يختلف التعامل الأمني في هذه الحادثة عن سابقتها، إذ ظل سكان المدينة تحت الحصار لما يقرب من خمس ساعات حتى أرسل الجيش تعزيزات لفض الاشتباك بين العائلتين. وأغلقت اشتباكات أخرى على أطراف القاهرة الطريق الدائري لما يقرب من ثلاث ساعات، فيما قوات الأمن تتمركز على مقربة من دون تدخل. وعززت هذه الحوادث بقوة التساؤلات عن قدرة الأمن على تأمين المقار الانتخابية، وسط تفضيل الشرطة عدم الاشتباك مع مثيري الشغب في حوادث محدودة، لكن تطمينات القوات المسلحة بأنها ستقف بقوة خلف تأمين الانتخابات ربما تخفف من قلق الشارع وتدفع المصريين إلى النزول إلى المقار الانتخابية اليوم.