حاول القانوني علي بن يحيى بابكر، اختصار تجربته في كتاب جديد أصدره بعنوان «كيف تطالب بحقوقك أمام القضاء»، وقدم في صفحات معدودة مئات النصائح والاستشارت، التي تختصر على أصحاب القضايا جهداً ووقتاً، وربما توفر عليهم أموالاً طائلة إن هم نجحوا في تطبيق ما شرح أمام القضاة، ولم تخنهم الذاكرة، أو التعبير. ورتب الباحث كتابه، بحسب سير القضية، من بداية رفع الدعوى حتى صدور الحكم وتنفيذه أو الاعتراض عليه، ولم ينس أن يضرب الأمثال والشواهد لكل واقعة، لتعم الفائدة الاختصاصيين وأفراد الجمهور، فهو كتاب، كما وصفه مؤلفه «جامع بين معرفة الأنظمة القضائية والخبرة العملية في الترافع والتقاضي»، كما أنه بمثابة «دورة قانونية مركزة، اشتملت على بيان كيفية رفع الدعوى وإجراءات تبليغ المدعى عليه، وبيان الاختصاص النوعي والمكاني، والإجراءات المتبعة في منع المدعى عليه من السفر، وآداب الجلسة والمرفقات التي تحملها عند حضورك للجلسة، والإجراءات المتبعة للحجز التحفظي على أموال المدعى عليه قبل صدور الحكم، والإجراءات المتبعة لإقامة حارس قضائي، وطلب الإدخال والطلبات العارضة، وطلب معاينة الشيء المتنازع عليه، وأنظمة الشهادة، وأنظمة اليمين، والإجراءات المتبعة عند صدور الحكم، وتنفيذه، والإجراءات المتبعة للحجز التنفيذي بعد صدور الحكم، وطريقة كتابة اللائحة الاعتراضية، مع صياغة نموذج لائحة اعتراضية للتدرب عليها مع آثار نقض الحكم، وإجراءات التماس إعادة النظر». وبين المؤلف أهمية الاستشارة لمن يريد أن يرافع بنفسه أو لا يستطيع أن يدفع تكاليف المحامي، وذلك في القضايا الدقيقة، وذلك أن المحامي يرسم لك الطريق التي تسير عليها في أثناء المرافعة، ويبين لك ما هو لك وما هو عليك، وبالاستشارة تسير على بصيرة وتوفر قيمة توكيل المحامي في المرافعة، لأن رسوم الاستشارة أقل بكثير من أتعاب توكيل محامٍ في المرافعة. وبين المؤلف –في حال الرغبة في توكيل محام- أنه يجب على الموكِّل أن يأخذ نسخة من العقد ويدرسها دراسة جيدة قبل أن يوقع عليها ويُضيف عليها شروطه، ولا يترك المجال للمحامي ليضع ما يريد من الشروط ويحذف ما يريد هو فقط، وعليه أن ينظر في شروط المحامي. واعتبر بابكر هذا التنبيه ضرورياً، لكي لا يدخل (صاحب القضية) في خلاف آخر مع المحامي، ويرفع عليه المحامي قضية أخرى، ويصير المحامي خصماً آخر له، وهَمّاً جديداً عليه، مثلما جرى في وقائع عدة. ولفت الكاتب إلى أنه من عادة المحامين أن يأخذوا جزءاً من الأتعاب مؤخراً، فإن استطاع الموكِّل أن يشترط على المحامي بأنه لا يستحق الأتعاب المؤخرة إلا في حال نجاح القضية وثبوت الحق، فهذا أمرٌ حسن للموكِّل. ونصح بأن يشترط الموكل على المحامي أن يكون تسليم المؤخر، بعد تنفيذ الحكم وسداد المطلوب للمبلغ، «لأن بعض المحامين يشترط أن يكون المؤخر عند ثبوت الحق فقط أمام القضاء، ويُخلي نفسه من مسؤولية تنفيذ الحكم (أي إحضار المحكوم عليه عبر الشرطة وإلزامه بالسداد أو السجن، وهذا يحتاج إلى وقت كثير وجُهد كبير، فإذا كان المطلوب معسراً ودخل السجن فلن يستفيد الموكِّل شيئاً)، فيشترط الموكِّل على المحامي أنه لا يلزمه دفع المؤخر إلا عند سداد المحكوم عليه». واقترح المؤلف على الموكِّل أن يحدِّد مدة الوكالة لمدة سنتين –مثلاً- أو ثلاث سنوات، ولا يجعلها مفتوحة المدة، وألا يوكل محاميه باستلام المبالغ نقداً، وإنما يوكله في استلامها بشيكات مصدقة باسم الموكِّل، أو لا يوكله في استلام شيء، ويحضر هو بنفسه عند الاستلام، ويستلم حقه ويعطي المحامي منها مؤخر أتعابه. وفي شأن إقامة «الحارس القضائي»، أكد أن ذلك إجراء يكون في النزاع الذي يحصل بين الشركاء، فيستلم الحارس القضائي الإيرادات ويوزعها بين الشركاء على حسب حصصهم حتى يُفصل في القضية، ويُعطى الحارس أجرة مناسبة على ذلك، كأن تكون ما نسبته واحداً أو اثنين أو خمسة في المئة من قيمة الإيرادات أو الإيجارات الحاصلة من العقار العائد للشركة أو الورثة. وكذلك يُعين الحارس القضائي في النزاع الذي يحصل بين الورثة، خصوصاً إذا كانوا إخواناً من أب واحد وأمهات مختلفات، ففي بعض الأحيان يكون أبناء الزوجة الأولى –بسبب كبر سنهم وبسبب معرفتهم بأموال والدهم وعقاراته- هم الذين يقبضون الإيجارات وسائر الإيرادات من تجارة والدهم، فيستحوذون على النصيب الأكبر ولا يعطون إخوانهم من أبيهم إلا النزر اليسير. أحياناً يحدث العكس بحسب الكاتب، إذ يكون أبناء الزوجة الأخيرة هم المسيطرون على أموال والدهم بسبب أن والدهم يقيم معهم في المنزل، وقد فارق الزوجة الأولى بطلاق أو هجر، فيحرمون إخوانهم من الزوجة الأولى من نصيبهم. وهذه مشكلة تحدث وتتكرر، فيكون أبناء الزوجة المقربون من والدهم، بحوزتهم الصكوك وأختام المؤسسات التجارية وأرقام الحسابات وبطاقات الصرف الإلكتروني وأرقامها السرية، وبعضهم يكون معه وكالة عامة أخذها من والده قبل وفاته فيتصرف تصرفات تضر بإخوانه، وبعضهم يتجرأ أكثر إذا كان إخوانه من أبيه إناثاً، ولكنه يفلت من يد العدالة، وسيُلزم برد كل ما أخذه إذا ثبت ذلك، وسيُحاسب على كل مبلغ صُرف من حساب والده بعد وفاته (بموجب كشف حساب البنك) وسيُعرف بموجب كاميرات التصوير الموجودة في البنوك التي تُسجِّل صورة الساحب ووقت السحب باليوم والساعة والدقيقة والمبالغ التي سحبها، وسَيُحاسب على كلِّ عقارٍ أُفرِغَ بعد وفاة والده.