لاأحد يعرف يدير عقارات والد (س) المتوفى .. كما أخاه (ي) المتمرس في دواخل عمليات البيع والشراء .. ولذا لم يتردد في تسيير أموره بوكالة منحها لأخيه .. بينما تفرّغ هو لدراسة الماجستير .. فهو ممن يؤمن بأن شهادة في اليد .. خير من ملايين في اليد .. هكذا كان مبدؤه ..! بدأت وقائع القصة أولاً والقضية تبعاً لذلك .. حينما نزعت الدولة قطعة الأرض منهما وعوّضتهما عنهما .. ولدى مراجعة ( س) لمصلحة أملاك الدولة تبين له أن أحد المحامين .. تسلّم قيمة تثمين الأرض وقام بإجراءات نقل ملكية العقار إلى وزارة المالية استناداً إلى توكيل ثبت له أنه صادر من شقيقه .. بزعم أن شقيقه (ي) وكيل عن (س) بتوكيل رسمي عام .. حاول الطعن بناء على أنه لم تصدر للمحامي أية وكالة ولم يكلفه (س) بمباشرة أي إجراء بشأن ذلك العقار .. وبالتالي فإنه يكون قد تسلّم قيمة تثمينه بدون وجه حق ويلتزم من ثم برده ل ( س) .. لكن المحكمة حكمت برفض الدعوى .. فاستأنف ( س) هذا الحكم بناء على أن الحكم عوّل في قضائه بصحة التوكيل والمقول بصدوره للمحامي من أخ (س) بوصفه وكيلاً عنه .. على التوكيلين لأخيه بغرض تولي شئون تركة والدهما وليس للتصرف في العقارات المملوكة له .. وأن عبارات التوكيلين جاءت عامة لا تجيز للوكيل إلا أعمال الإدارة .. لكن محكمة التمييز قضت بتأييد الحكم .. بناء على قواعد أنه : - من المقرر أنه إذا تعاقد الوكيل مع الغير باسم الموكّل وفي حدود الوكالة فإن العقد يقع للموكل وكأنه صدر منه فيكسب مباشرة كل ما ينشأ عنه من حقوق ويتحمل كل ما يترتب عليه من التزامات .. ولمحكمة الموضوع كامل السلطة في التعرف على مدى سعة الوكالة وما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خوّل الموكل الوكيل إجراءها وذلك بالرجوع إلى عبارات التوكيل وما جرت به نصوصه والى الملابسات التي صدر فيها التوكيل باعتبار أن ذلك من المسائل التي تستقل بها بغير معقّب ما دام هذا التفسير مما تحتمله عبارات التوكيل. - ولما كان من المقرر أن الوكالة بالبيع تصح ولو لم يعين بها محل البيع على وجه التخصيص فيجوز للوكيل عندئذ أن يبيع أي مال للموكل منقولاً أو عقاراً دون أن يكون قد خرج عن حدود الوكالة. - أن التوكيل الخاص الصادر عن الطاعن والموثق من كاتب العدل ويوضح فيه صفة المقر بأنه باع الأرض بصفته وكيلاً عن أخيه المستأنف وأن المشتري هو المستأنف عليه (المطعون ضده) وشريكه وأن هذا التوكيل يكفي بحد ذاته لإثبات عقد البيع لما انطوت عليه الوكالة من تفويض للوكيلين مجتمعين أو منفردين باتخاذ كافة الإجراءات الرسمية لإثبات حق المستأنف بقطعة الأرض مع منحهما بعد ذلك حق التصرف المطلق فيها ببيعها لنفسيهما أو لغيرهما بالثمن الذي يريانه وبقبضه. صحيح بأن القضية لها مخرج قانوني آخر .. انصرف عنه (س) .. وأضاع من الوقت والجهد الشيء الكثير .. لكن هذا هو الدليل الأعظم .. على خطورة الوكالات التي .. استهان بها الكثير .. دونما استشارة قبل منحها ..! * قانوني