اعتبر وزير المال السعودي إبراهيم العساف أمس، أن «الأزمة الأوروبية لا تزال التحدي الرئيس أمام نمو الاقتصاد العالمي»، مشيراً إلى أن الوقت يعد العامل الجوهري بالنسبة إلى الأسواق الأوروبية، ومؤكداً أن للسعودية طرقاً ومعالجات مختلفة للتصدي للأزمات المالية العالمية، وذلك من خلال احتياطات مالية تدار من مؤسسة النقد العربي السعودي، ومشدداً على أن إيرادات الدولة جاهزة للحفاظ على هذه الاحتياطات. وقال العساف في كلمته أمام «حوار الطاقة» في الرياض: «أدت الشكوك وانعدام الثقة إلى تباطؤ اقتصادي»، مؤكداً أن السعودية تمكنت من الصمود أمام الأزمة منذ بدايتها، وحققت، على رغم الأزمات المالية العالمية الحرجة، نسب نمو جيدة، كما استمرت في إنشاء مشاريع ضخمة ومهمة، تلقى من خلالها القطاع الخاص دعماً كبيراً. ولفت إلى أن برنامج الاستثمارات الضخمة الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وخصص له من خلال الموازنة 400 بليون ريال (107 بلايين دولار)، مستمر، لافتاً إلى تطلع الحكومة إلى الاستثمار في فرص تجارية خارجية. وشدّد على أن السيولة والثقة يجب أن تسيرا جنباً إلى جنب، آملاً بأن يكون الاقتصاد الأوروبي قادراً على التعامل مع هذه التحديات. وأوضح أن عدداً من الأسواق الأوروبية لم يعد قادراً على تجاوزات الاختلالات، كما أظهرت الأسواق في حال اليونان وأخيراً في إيطاليا واسبانيا. وقال: «نحن في حاجة إلى سياسات اقتصاد أكثر انضباطاً، لأن عدم الانضباط في عدد من الدول أدى إلى تراكم الاختلالات الخارجية». وأكد أن «السعودية لا تزال تلعب دورها كقوة استقرار في سوق النفط العالمية، ومن الضروري أن نلاحظ أن التزامنا يطمئن أسواق النفط». برامج الاستثمار وبيّن العساف أن برامج الاستثمار التي تشارك فيها بلاده كواحدة من دول مجموعة العشرين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تحقق منافع واضحة للاقتصاد السعودي وقال: «في ذروة الأزمة المالية عام 2009 كانت السعودية من بين عدد قليل من الاقتصادات في دول المجموعة التي سجلت نمواً في الناتج المحلي الإجمالي». وزاد: «نمت وارداتنا من السلع بنسبة 40 في المئة في العامين الماضيين كشاهد حقيقي على قوة الاقتصاد المحلي، واستمرت التحويلات من السعودية لدعم استقرار الاقتصاد الكلي والحد من الفقر في بلدان كثيرة، خصوصاً في البلدان ذات الدخل المنخفض، كما أن المملكة هي واحدة من الدول القليلة التي حققت هدف الأممالمتحدة لمساعدات التنمية الرسمية». وذكر أن السعودية ساعدت في تأمين كمية كبيرة من المساعدات، التي تجاوزت واحداً في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مذكراً بأن قمة الطاقة التي عقِدت في حزيران (يونيو) 2008 في جدة، شهدت إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة «الطاقة من أجل الفقراء»، «وعملنا في شكل وثيق جداً مع المنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات المالية والتنمية، بما في ذلك مجموعة البنك الدولي وصندوق أوبك للتنمية الدولية، والمصرف العربي للتنمية في أفريقيا، والصندوق السعودي للتنمية لتنفيذ المبادرة». آفاق النمو وقال العساف: «على رغم التحديات التي تلوح في الأفق وتواجه الاقتصاد العالمي، إنني واثق من أن آفاق النمو في السعودية على المديين القصير والمتوسط لا تزال قوية»، مشيراً إلى أن تعزيز المشاريع الضخمة «هو السمة المهمة من التزامنا تجاه النمو والتنمية في بلادنا، والحكومة ماضية قدماً في مشاريعها بما في ذلك البنية التحتية الضخمة، والمدارس والطرق والجسور والطرق الحديد ومحطات الطاقة». ولفت إلى أن السعودية اتخذت خطوات مهمة لتقوية القطاع الخاص، وذلك في مجالات مثل تحلية المياه والمرافق والمطارات والسكك الحديد، وهو جدير بالاهتمام ويستحق التقدير. وأوضح أن المملكة تركز على تخصيص موارد كبيرة للبنية التحتية المادية، وتخصيص موارد كبيرة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة من خلال التعليم والبحوث، خصوصاً في مجال العلم والتكنولوجيا وقال: «لدينا استراتيجية تكنولوجيا بتكلفة أكثر من بليوني دولار، وندخل الآن في المرحلة الثانية من التنفيذ». وفي ما يتعلق بالمشاريع المتأخرة التي حددها بمشروعين فقط، قال إن «أسباب تعثرها لا تعود إلى الحكومة، لكن هناك صعوبات تعرض لها القطاع الخاص، من بينها الأزمات المالية العالمية». وقال: «على رغم أن سير تنفيذ المشاريع التنموية بطيء، إلا أنه يسير بثبات».