يعيش نحو 1200 وافد يعملون في مؤسسة كبيرة للمقاولات (تحتفظ «الحياة» باسمها) في مجمع سكني بالرياض وفره لهم كفيلهم، لكنه تجاهل مطالبهم برواتبهم لثمانية أشهر، بعد أن أعلنت مؤسسته إفلاسها، الأمر الذي جعلهم بلا عمل، وأوراقهم الثبوتية ذات صلاحية منتهية. وطالب الوافدون بحقوقهم المالية لدى كفيلهم الذي يماطل في تسليمها طوال الأشهر الماضية، أو تسفيرهم إلى بلادهم، كونهم لا يعملون، ولا يملكون قيمة تذكرة السفر التي تعيدهم إلى ذويهم. وجالت «الحياة» في المجمع الذي يقع في الحاير (جنوبالرياض)، فهو عبارة عن استراحة ذات مبنى متهالك، يقطنها العمال الذين من بينهم المهندس والاختصاصي والعامل وذو المهنة الرفيعة، توزعوا على كل محتويات المجمع الذي أصبح الملاذ الأخير لهم، إذ يحوي سيارات وحافلات، جميعها تعود ملكيتها للمؤسسة التي يعملون فيها، ويتوزعون النوم في وحدات مختلفة، من بينها خيام، بعد أن تجمع جميع عمال المؤسسة من أنحاء المملكة. ويروي المتحدث عنهم ظهير الرحمن والدمعة بين محاجر عينيه: «قدمنا إلى المملكة على كفالة مؤسسة معروفة في المقاولات، كان لديها عدد كبير من المشاريع الحكومية والمناقصات التي تعمل بها، إلى أن باعها مالكها لآخر، لكن الأخير لم يعرف أن يتصرف بالمؤسسة، ما جعلها تتعثر حتى وصلت إلى الإفلاس، وأصبحت مستخلصاتها تذهب مباشرة إلى البنوك، فأصبح لا يعطينا رواتبنا في الفترة الأولى إلا متقطعة، ومن ثم توقف تماماً عن دفعها، فأصبح 1200 عامل في الشارع، لا يعرفون أين وكيف يعيشون؟». وأضاف أن جميع مقومات الحياة فُقدت في هذا المجمع، فلا حقوق ولا أكل ولا شرب، إذ إن الماء الذي نشربه مصدره بئر حفرت في وسط المجمع، وهو آسن مليء بالملح، يصيب من يغتسل به بالمرض والحساسية في جسده ويدع جسده مليئاً بالبثور التي تجعله قابلاً للحك في كل أنحاء جسمه، من دون أي تصفية أو تحلية. ولم يكن الطعام بعيداً عن سوء الشراب، فهو ما يصعب عليهم الظفر به إلا من خلال صدقات أهل الخير والإحسان في شهر رمضان الكريم، فبقي أجزاء منه يأكلون منه الآن، وتحاول مجموعات منهم أن يذهبوا إلى المزارع التي تحيط بهم، فيعملون بها بيومية لا تتجاوز 30 ريالاً يعودون بها إلى المجمع بحسب ما زعمه معظمهم. وحاول العمال مطالبة صاحب المؤسسة – كما يقولون – بحقوقهم، فردهم خائبين، محذرهم من الاقتراب من مكتبه للمطالبة بحقوقهم، وإلا سيرحلهم من دون الحصول على مبالغهم، وذهبوا إلى كل الجهات الحكومية (مكتب العمل – الجوازات – إمارة الرياض – الشرطة – المحكمة) للحصول على حقوقهم لكنهم لم يحصلوا عليها حتى الآن. ويؤكد ظهير الحق أن المجمع شهد وفاة خمسة من زملائهم داخله، وبقي الكثير ممن يحملون أمراضاً مزمنة، «يحمل أحد الموجودين مرض السل، ووضعناه في غرفة معزولة، بناءً على أمر الطبيب الذي طلب مراجعة أقرب مستشفى، لكن ليست لدينا أوراق ثبوتية نستطيع من خلالها معالجته»، مشيراً إلى أن عاملاً آخر دهسته سيارة هرب سائقها، فلم يستطع العلاج، وأصبح مكسراً ملقى به بينهم. ولفت العمال الى أنهم أصبحوا لا هم لهم في الحياة إلا العودة إلى ذويهم في بلادهم، الذين رأفوا بحالهم وأصبحوا يساعدونهم من هناك، وان يحصلوا على حقوقهم المادية المثبتة بالأوراق الرسمية المصدقة عليها من الجهات المختصة. «حقوقي» و«قانوني»: التنسيق بين «الجهات» مفقود... وتجمّعهم خطر