لم تبق سيول جدة الكثير من المحال والمستودعات إلا وغمرته، بعد أن وصل منسوب المياه نتيجة الكارثتين المعروفتين إلى قرابة الثلاثة أمتار في غالبية أحياء و شوارع العروس، ارتوت جراءها المحال التجارية كغيرها، ماء أتلف الأخضر وقضى على اليابس من السلع والمواد، ما رفع مؤشر الخسائر إلى أعلى درجاته، ملحقاً بالتالي أصحاب المركبات التي بحاجة إلى صيانة عاجلة أو أي نوع من أنواع قطع الغيار بالضرر الأكبر بعد أن ارتفعت أسعارها إلى أرقام فلكية. ومن قلب المنطقة الصناعية في المدينة الساحلية، سرد بائع قطع الغيار عبدو مهدي ل «الحياة» قصة تلك الكارثة، وقال: «في ذلك اليوم الغارق اجتاح الماء جميع المحال وأتلف برامج التخزين بأجهزة الكومبيوتر التي تحوي معلومات مهمة عن أرقام قطع الغيار ومواقع فرزها، الأمر الذي صعب علينا تدارك الهم الأكبر وهو تلف ما لا يقل عن 45 في المئة من قطع إصلاح المركبات التي يحتاجها حتماً كل من تعرضت مركبته لتغلغل الماء داخلها. وأضاف: «زاد الطين بلة، انقطاع التيار الكهربائي عن المحال والتماس بعض الأجهزة والقطع الموصلة للكهرباء، هذا الموقف حمس البعض في بيع القطعة التي نجت من التلف بسعر باهظ أكثر من مضاعف في الوقت الذي وازت أسعار القطع التجارية غير المتضررة من تغلغل الماء لها ثمن نظيرتها الأصلية. واعتبر عامل الميكانيكا بورشة للصيانة السريعة للسيارات مجيد خان وقت هطول الأمطار موسماً مثمراً له ولكثير من أمثاله، وتابع: «حتماً كان ذلك الوقت هو الموسم، إذ إن وصولنا إلى مقر الورش يهدد حياتنا بالخطر، بل ربما نعود إلى منازلنا أو لا نعود عندما نمشي بين طرقات المنطقة الصناعية التي شهدت انهيارات أرضية في الشوارع والأسفلت وسقط بها الكثير من العاملين معنا، وأما عن سعر الصيانة فكان ضعفي المبلغ الذي نتقاضاه في الأيام العادية، نتيجة اعتمادنا على الإصلاح من دون الفك والتركيب في ظل تلاشي وضعف السوق من قطع الغيار غير المتضررة». وفي المقابل، أفاد أحد المتضررة مركباتهم أحمد عبدالله «الحياة» بقوله: «بعد اجتياح الماء مركبتي وسبحها وسط بحور الشوارع، لم أجد بعد انقطاع أحد سيور الماكينة بداً من مغالبتها والسير بها إلى أقرب محل قطع غيار، بيد أنني صدمت بسعر السير قافزاً من 80 ريالاً إلى 190 ريالاً، زعماً من البائع أنني لن أستطيع الحصول على قطعة في ذلك الوقت، فتركتها حتى هدأت الأحوال وتمكنت من جلبه بالسعر المعقول».