تجمع المئات من المصريين المتخلفين عن موسم العمرة والأعوام الماضية، غالبيتهم من كبار السن والنساء والأطفال، أمام قنصلية بلادهم في محافظة جدة مطالبين بمنحهم جوازات سفرهم بعد احتجازها من جانب الشركات التي أتوا من طريقها في شهر رمضان الماضي. وفيما أنهى أعضاء منظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان بجدة خلال اليومين الماضيين معاناة أكثر من 700 متخلف مصري تجمعوا أمام قنصلية بلادهم في المدينة الساحلية، أكدت مصادر ل «الحياة» أن الشركات المحتجزة لجوازات المعتمرين المتخلفين عن المغادرة بعد تأديتهم مناسك العمرة فرضت على كل جواز مبلغاً ماليا يصل إلى ثلاثة آلاف ريال ما دفع بأصحابها إلى التجمع لدى القنصلية للمطالبة باعتماد إدارة الجوازات ورقة المرور التي حصلوا عليها من السفارة المصرية للمغادرة إلى بلدهم. وقال عضو منظمة العفو الدولية الدكتور طلعت عطار: «تم إلزام القنصلية المصرية في جدة بتوفير سكن ووجبات للمتجمعين يومياً ونقلهم لأخذ البصمات من الجوازات»، مفيداً بمحاولة منظمته مخاطبة أمير المنطقة لاعتماد وثيقة مرور المغادرة في حال وجد أن الحصول على الجوازات سيتأخر أمده. بدوره، أوضح رئيس لجنة الحج والعمرة سعد القرشي في رده على سؤال «الحياة» حول وضع المعتمرين أنه لا يزال مشغولاً بمهمات عودة الحجاج حتى الآن، ولا يعلم عن هذه المشكلة. في مقابل ذلك، أفاد القنصل المصري في جدة علي عشيري «الحياة» أنه تمت مخاطبة وكيل وزارة الحج وبناء على ذلك تم إسكان المطالبين بالسفر في مدينة الحجاج ابتداء من يوم أمس على نفقة الحكومة المصرية، واعداً بإنهاء عملية ترحيل جميع المعتمرين المتخلفين خلال اليومين المقبلين، وقال: «عقب مخاطبة وزارة الحج خاطبت بدورها شركات العمرة لتسليم المعتمرين جوازات سفرهم حتى يتسنى للجهات المختصة إنهاء إجراءات عودتهم، ما أثمر ذلك عن مبادرة عدد من الشركات بتسليم الجوازات لأصحابها». وحول وضع المطالبين بتسليم جوازاتهم، أبان عشيري ل «الحياة» أن غالبية الذين تجمعوا أمام القنصلية من متخلفي العمرة خلال شهر رمضان الماضي والأعوام السابقة، كاشفاً وجود تعاون مع إدارة الجوازات السعودية ممثلة في شعبة الوافدين بغرض ترحيل من يحملون جوازات سفر، أما الذين لم يحملوها فسيتم ترتيب أمرهم خلال الأيام القليلة المقبلة. واعتبر عشيري في تصريحات صحافية أدلى بها أول من أمس مشكلة المتخلفين عن العودة بعد مواسم العمرة والزيارة من المشكلات الكبيرة التي يضع المواطنون المصريون أنفسهم فيها كل عام بتجاوزهم الفترة المحددة للإقامة بالمملكة سواء للعمرة أو للزيارة والمكوث في البلاد بطريقة غير نظامية بهدف أداء فريضة الحج. وأضاف أن مدد التخلف تصل في بعض الحالات إلى 10 أعوام، وتابع: «مما يعقد المشكلة أكثر، احتفاظ شركات السياحة بجوازات سفر كل المعتمرين بحوزتها، لحماية نفسها أمام وزارة الحج والعمرة السعودية، وبالتالي فإن غالبية المخالفين لا يكون بحوزتهم جوازات سفرهم، وتبذل القنصلية العامة جهوداً حثيثة مع وزارة الحج السعودية للحصول على أكبر قدر من تلك الجوازات وإعادتها إلى أصحابها، بينما تصدر وثائق سفر للبقية لتمكينهم من العودة إلى مصر». وأشار العشيرى الى أن القنصلية المصرية يتعين عليها التعامل مع مشكلة العتمرين وفق التعليمات والإجراءات السعودية المنظمة لسفر كل قسم من هؤلاء المخالفين، وهي الإجراءات التي تستغرق بعض الوقت، لذلك قامت القنصلية العامة - بالاتفاق مع مدينة الحجاج - بتوفير مكان لهؤلاء المخالفين على نفقة الدولة المصرية، حتى لا يظل هؤلاء المواطنون مقيمين في الشوارع، مستدركاً: «إلا أن بعضهم يرفض الإقامة في مدينة الحجاج ويصر على افتراش الطريق أمام مبنى القنصلية العامة لأسباب عدة من بينها تلقي المساعدات العينية من المقيمين والمارين بمنطقة القنصلية، الأمر الذي لا يتوافر بمدينة الحجاج، مما يسيء إلى مظهر الجالية المصرية ومصر عامة، إضافة إلى محاولتهم جذب انتباه وسائل الإعلام لإثارة مشكلتهم ومحاولة كسب التعاطف مع قضيتهم». وعلى رغم تصرفاتهم المخالفة للقانون السعودى التي توقعهم تحت طائلة هذا القانون، شدد عشيري على أن القنصلية المصرية تواصل جهودها لمساعدة أولئك المواطنين وتأمين عودتهم إلى مصر على مدار العام. من جانبه، قال عضو منظمة العفو الدولية الدكتور إيهاب السليماني: «إن القنصلية المصرية تجاوبت مع مطالبة المنظمة في ما يتعلق برعاية المتجمعين ريثما يتم إنهاء إجراءات مغادرتهم إلى بلدهم»، مشيراً إلى أن المنظمة تبحث حالياً عن الشركات المحتجزة لجوازاتهم، إضافة إلى مخاطبة أمير منطقة مكةالمكرمة لاعتماد وثيقة السفارة المصرية لتمكينهم من المغادرة بموجبها. وكشف أن المتجمعين من القادمين للعمرة خلال شهر رمضان الماضي وقبله من المواسم، تمكنوا من التخلف في السعودية حتى موسم الحج وبعد تأدية الفريضة توجهوا إلى المغادرة، إلا أن شركات العمرة رفضت تسليمهم جوازاتهم، فيما فرضت بعضها على كل جواز ثلاثة آلاف ريال كغرامة مالية على التخلف عن العودة. ووفقاً لمسؤول في إدارة الجوازات، أكد أن تعليمات إدارته واضحة وأن أي متخلف لابد من التأكد من وضعه وأخذ البصمات له، إذ إن الكثير من الحالات التي تستغل العودة في موسم الحج تكتشف أنها كانت مقيمة ومطلوبة أو من العمالة الهاربة عن كفلائها أو من عليهم قضايا جنائية.