تختلف انتخابات النادي الأدبي في جدة عن انتخابات أي منطقة، و التي تعني أن «كل ما هو خاص ناتجه خاص». والخاص هنا يتعلق بالقدرة على تمثيل قيمة المشروع وغايته الرئيسية، وهو ما يجعل انتخابات النادي الأدبي في جدة «طوق النجاة الأخير» الذي سيُنقذ مشروع «الديموقراطية الثقافية في السعودية» من الفشل بعد السقطات المتتالية له، أو الثقل الذي سيقضي على المشروع، وسمعة «عدم النزاهة» التي رافقته في كل الأندية. لأن الاستراتيجية التاريخية ل«جدة» وما تحظى به من انفتاح حضاري و استعداد لقبول العامل النهضوي الجديد، إضافة إلى ما تتميز به الأديبة الجداوية من حرية فكرية واستقلالية اجتماعية، كل تلك الأمور تجعل جدة «وسطاً نموذجياً» لنجاح مشروع الديموقراطية الثقافية في السعودية. ولا شك أن الكل يعلّم أن وصول المرأة إلى «رئاسة النادي الأدبي» هو جوكر نجاح مشروع الديموقراطية الثقافية، لأنه برهان على تحقيق «تغير في العقل النسقي للمجتمع». ولذلك فالجميع يراهن على أن «رئيس النادي الأدبي في جدة الجديد»، «سيدة». وكل الأديبات السعوديات سيعتبرن وصول الأديبة الجداوية إلى «الرئاسة» هو نصر للمثقفة التي أُقصيت من «مركز صناعة القرار» طويلاً، وبخاصة وأن الأديبات اللائي وصلن إلى عضوية مجالس الأندية الأدبية من دون مناصب جميعهن، بدأن يتضجرن من معاملة التمييز والتهميش من الرجال. ولذلك فوصول الأديبة الجداوية هو «تمثيل اعتباري لهن» و«فك للارتباط بين رئاسة الأندية و الاستحقاق الذكوري»، وزعزعة «لفقه ولاية المثقف» التي سيطرت من قبلُ مرحلة الانتخابات و من بعدها. وعدم وصولها سوف يعيد الأديبة إلى «المربع الأول» و«جاهلية المشهد الثقافي في السعودية والتمييز الذي كان يمارس ضدها»، وتعزيز «فقه ولاية المثقف» بل وتشريع «ذكرّنة رئاسة الأندية». والأخطر من كل ذلك هو ممارسة «تيئيس الأديبة»، فمازال المشهد الثقافي عندنا في ظل مشروع الديموقراطية الثقافية يمارس «صناعة تيئيس الأديبة»، لجعلها ترتضي عما يقل عن استحقاقها الفعلي. فوصول الأديبة الجداوية إلى الرئاسة وهو رهان يستمد واقعيته، إضافة إلى وجوب تطبيق المقتضى الرئيسي لمشروع الديموقراطية الثقافية، من خلال «ماكينة الانتخابات الأدبية» هناك وجوب التمثيل الحقيقي للقوة الكيفية، التي أسستها الأديبة الجداوية، وهو ما يمنحها حق «الرئاسة» في قيادة المشروع الثقافي الجداوي، والأسبقية الريادية في البلد كله. لكن ما يوقع ذلك الرهان في مأزق هو التباين الشديد، بين وجوب اقتضاء ذلك الاستحقاق للأديبة الجداوية، ونوعية الوعي المحافظ الذي يتصف به الأغلب الأعم من أدباء جدة، ممن يشكلون الجمعية العمومية، بما يعني إخراجها من «مركز الرئاسة»، وهو ما «يهدد باغتيال استحقاق الأديبة الجداوية في الرئاسة». و خطورة «انتخابات جدة الأدبية» أنها تدعم «اختيارات الفئوية»، من خلال «احتلال أدباء فئة المحافظين القدامى وتلاميذهم «الجمعية العمومية وقائمة المرشحين، وهذه الفئة معروفة بموقفها من «الاستحقاق الرئاسي للمرأة» وهو ما يعني إضاعة فرصة الأديبة للوصول إلى «منصب رئيس النادي»، في ظل «التكتلات السرية بين المرشحين وأعضاء الجمعية». وهنا على الوزارة أن تتدخل «لحفظ حق الأديبة الجداوية في استحقاق الرئاسة»، في ظل دكتاتورية «التكتلات السرية» و«عدم نزاهة» آلية الانتخاب، وهذا من «حق الأديبة الجداوية». فهل ستقف الوزارة مع «المثقفة الجداوية» لحماية حقها المشروع في الرئاسة، في وجه» هوامير مجلس إدارة النادي القديم التي تسعى للإطاحة بالأديبة، أم ستساعدهم على «اغتيال الأديبة الجداوية»؟. لقد حان الوقت لتُثبت وزارة الثقافة بقيادة الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي عُرف بإيمانه بحقوق المثقفة «صدق ما تدعيه» و أن تقف في صف الأديبة الجداوية للحصول على استحقاقها المشروع بأن «تصبح رئيسة للنادي» أو«نائبة للرئيس» كأقل تقدير لدورها الريادي في صناعة المشروع الثقافي السعودي. وتدخلها هنا واجب لأنها تمنع وقوع ضرر على الأديبة الجداوية، وواجب لأنها تمنع ممارسة التمييز ضدها من هوامير مجلس إدارة النادي القديم. وفي حالة «صمت الوزارة عما يدور في كواليس النادي لإبعاد الأديبة عن الرئاسة أو النيابة، فستكون الوزارة مشاركة في «اغتيال الأديبة الجداوية». وأنا أدعو في حالة عدم اختيار أديبة لرئاسة النادي أو النيابة أن تتقدم الأديبات اللائي فزن بعضوية المجلس إلى «استقالة جماعية» احتجاجاً. وأخيراً، كلي يقين أن وزير الثقافة الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي علمنا الديموقراطية الثقافية فكراً وأسلوباً لن يتخلى عن الأديبة الجداوية، وسيدافع عن حقها في الرئاسة... «وآ خوجاه».