عزا معلقون في إسرائيل العدد القليل نسبياً (عشرة آلاف شخص) الذي شارك في الذكرى السنوية ال 16 لاغتيال رئيس الحكومة السابق اسحق رابين على يد متطرف يهودي، إلى الأجواء اليمينية المسيطرة على الشارع الإسرائيلي منذ أكثر من عقد من الزمن والآخذة في التجلي، ضمن أشياء أخرى، داخل الكنيست الإسرائيلية حيث يتفتق ذهن الغالبية اليمينية، أسبوعاً بعد آخر، عن قوانين جديدة يراد منها النيل من اليسار وما يمثله، وتحديداً من استقلالية الجهاز القضائي الذي يتهمه اليمين بالتدخل في شؤون السلطتين التشريعية (الكنيست) والتنفيذية (الحكومة)، ومن منظمات حقوق الإنسان على خلفية وقوفها أمام الممارسات العسكرية القمعية ضد فلسطينيي الأراضي المحتلة والقوانين العنصرية ضد فلسطينيي ال 1948. واتهمت الناشطة من حركة «سلام الآن» اليسارية المسؤولة عن رصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة حغيت عفرون في كلمتها في مهرجان إحياء ذكرى رابين، الكنيست بأنها «المُلهم للعنف المتزايد ضد الناشطين اليساريين»، في تذكير بالتهديدات التي تعرضت لها في الأيام الأخيرة من غلاة المستوطنين المتطرفين على خلفية نشاطها. قانون التمويل الأجنبي على صلة، صادقت «اللجنة الوزارية لشؤون التشريع» أمس على مشروع قانون لحجب الأموال عن منظمات حقوقية، وهو قانون بات يعرف ب «قانون تجفيف الجمعيات اليسارية» الذي ينص على منع جمعيات سياسية إسرائيلية من تلقي تبرعات تزيد عن ستة آلاف دولار من جهات أجنبية، مثل الأممالمتحدة أو احدى أذرعها أو الاتحاد الأوروبي. وأيد المشروع 11 وزيراً في مقابل خمسة معارضين. وجاء في مسودة القانون أنه «جاء على خلفية النشاط المتواصل لمنظمات كثيرة تعمل تحت غطاء منظمات حقوق إنسان إلا أنها تتحرك للتأثير على السجال السياسي وعلى طابع دولة إسرائيل وسياستها». وأضاف: «لا يمكن للدولة أن تتيح في شكل حر ومعلن لدول العالم التدخل في شؤونها الداخلية». وردت المنظمات الحقوقية على التصديق على مشروع القانون بالتنديد به، وقال مدير «اللجنة الشعبية ضد التعذيب في إسرائيل» يشاي منوحين إن التصديق على مشروع القانون «يضع إسرائيل في مصاف الدول غير الديموقراطية في العالم». وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مارست ضغوطاً على مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية لحمله على معارضة مشروع القانون، إلا أنها لم تثمر بالرغم من تحذير سفير الاتحاد لدى إسرائيل أندرو ستندلي لمستشار رئيس الحكومة لشؤون الأمن القومي يعقوب عميدرور من أن التصديق على مشروع القانون سيمس بمكانة إسرائيل في الغرب كدولة ديموقراطية. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يرى في مشروع القانون هذا وغيره من القوانين الأخيرة محاولة لتقييد نشاط المجتمع المدني في إسرائيل «وهذا ما يبعث على قلقنا». وعقبت منظمة «بتسيلم» على القرار بالتأكيد على أن «الحكومة لن تسطيع كم أفواهنا ... ولن نصمت إلا عندما تكف إسرائيل عن انتهاك حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ... وحتى ذلك الحين سنواصل كشف جوْر الاحتلال». وأضافت أن كل دولة ديموقراطية بحاجة إلى منظمات لحقوق الإنسان ونشاط «بتسيلم» يساهم في أن يكون المجتمع الإسرائيلي عادلاً أكثر. حكومة نتانياهو تدهور مكانة إسرائيل في العالم إلى درك جديد». على صلة، تصوّت الكنيست اليوم على اقتراح قانون لتعديل تشكيلة لجنة تعيين القضاة الغرض منه تعزيز نفوذ أعضاء اللجنة الداعمين لوزير القضاء يعقوب نئمان على حساب رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش التي يعتبرها اليمين الإسرائيلي «يسارية» وينتقد المحكمة على حقها في التدخل في عمل الكنيست وقرارات السلطة التنفيذية وأذرعها. واستعجل مقترح القانون من حزب «ليكود» الحاكم طرحه على التصويت اليوم قبل اجتماع لجنة تعيين القضاة الأسبوع المقبل لتعيين ثلاثة قضاة جدد، أحدهم مستوطن يصر وزير القضاء على تعيينه بينما ترفض بينيش تعيينه لقطع الطريق على «تسييس تعيين القضاة». وتحذر بينيش من أن موجة القوانين الأخيرة خطيرة للغاية وتهدد بالنيل من استقلالية الجهاز القضائي. في المقابل، أرجأت اللجنة الوزارية للتشريع التصويت على مشروع القانون القاضي بإلزام كل مرشح لمنصب قاض بالمثول أمام لجنة الدستور البرلمانية ل «جلسة استماع» على أن تكون للجنة صلاحية رفض تعيينه. وجاء التأجيل للأسبوع المقبل بناء لقرار نتانياهو الذي لم يعلن موقفه من القانون بعد، بينما أقطاب حزبه «ليكود» منقسمون بين مؤيد ومعارض. واحتلت هذه المسألة اهتمامات وسائل الإعلام أمس التي حذرت بمعظمها من التصديق على قانون «يمس في شكل مباشر بالنظام الديموقراطي وبمبدأ فصل السلطات». وحذر القطب في الحزب وزير التعليم جدعون ساعر من «التدهور في منحدر زلق ستكون نتيجته شل قدرات الجهاز القضائي على أن يكون مدافعاً عن حقوق المواطن». وقال النائب السابق لرئيس المحكمة القاضي الياهو ماتسا إن مشروع القانون الجديد «سيء وخطير للغاية وسيصدّع الأسس الديموقراطية، وهو يشكل استمراراً لسيرورة النيل من كل الجهات المكلفة مراقبة عمل السلطة التنفيذية، بما فيها وسائل الإعلام». وأضاف أنه في حال منحت لجنة الدستور البرلمانية صلاحية تحديد هوية القضاة، فإن الجهاز القضائي سيفقد استقلاليته و«يصبح جهازاً تابعاً للسلطتين التنفيذية والتشريعية». على صعيد آخر، أجرى الجيش الإسرائيلي أمس تدريباً خاصاً في غور الأردن المحتل حاكى تعرض جندي إسرائيلي على حاجز عسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى عملية خطف على يد فلسطينيين». وحضر التدريب رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال بيني غانتس. وحاكى التدريب خطف الجندي ونقله بسيارة إلى قلب بلدة فلسطينية ورد فعل الجيش على العملية وتخليص الجندي من خاطفيه. ويأتي هذا التدريب وسط استمرار الجدل داخل الجيش وخارجه عن التصرف المطلوب من جنود وحدة عسكرية يتعرض أحد أفرادها لعملية خطف، كما حصل للجندي غلعاد شاليت الذي أطلق قبل أقل من شهر في عملية تبادل أسرى مع «حماس». وثمة شبه توافق في الرأي على ضرورة وضع تعليمات واضحة للجنود في شأن كيفية التصرف، في وقت ينفي رئيس هيئة الأركان ما يتردد من أن هناك تعليمات للجنود تقضي بأن يطلقوا النار على زميل لهم تعرض للخطف وعجزوا عن تخليصه من يد الخاطفين. كما أجرى الجيش أمس تدريبات حاكت تسلل فلسطينيين إلى مستوطنات في الضفة الغربية وتنفيذ عمليات طعن بالسكين ضد مستوطنين. وشاركت في التدريب أعداد كبيرة من الجيش ومروحيات عسكرية.