تسعى إسرائيل، في إطار سعيها الدفاع عن المستوطنات، الى فرض قوانين تجرّم الأشخاص أو المنظمات التي تقاطع المستوطنات، ويتوقع في هذا الإطار أن يكون الكنيست الإسرائيلي أقرّ في ساعة مبكرة من فجر اليوم مشروع «قانون المقاطعة» القاضي بفرض عقوبات وغرامات على «من يبادر أو يساهم في الترويج لمقاطعة إسرائيل أو أماكن تحت سيطرتها»، في إشارة إلى المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. واعتبرت هيئات حقوقية وأوساط يسارية القانون الجديد حلقة أخرى ضمن مسلسل القوانين التي أقرها الكنيست الحالي الرامية إلى تضييق مساحة حرية التعبير فيما اعتبره أساتذة جامعيون في القانون «كارثة على الديموقراطية» في الدولة العبرية. وتراجع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، تحت ضغط معسكر اليمين، عن قراره إرجاء التصويت على مشروع القانون للأسبوع المقبل. وكان نتانياهو تجاوب بدايةً مع طلب الوزير دان مريدور إرجاء التصويت لأسبوع لتفادي حرج إسرائيلي عشية مداولات اللجنة الرباعية في واشنطن في شأن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وسادت توقعات بأن يصادق الكنيست على القانون الجديد بغالبية واضحة لأصوات الائتلاف الحكومي وبعض أصوات حزب «كديما» المعارض. وينص القانون على فرض عقوبات مختلفة، بينها غرامات مالية على أي شخص أو منظمة يدعو إلى فرض المقاطعة على إسرائيل أو على منتجات المستوطنات. وكان المستشار القضائي للكنيست ايال ينون أوضح في رأي قانوني أصدره أمس أن القانون الجديد يمس في شكل واضح بحرية التعبير في إسرائيل، لكن مقترح القانون زئيف ألكين أعرب عن ثقته بأن رأي المستشار لن يحول دوت التصديق عليه بغالبية الأصوات، وأعلن إصراره على طرح مشروع القانون للتصويت. ومن المتوقع أن ينال القانون الجديد من رجال فكر أكاديميين سبق أن دعوا إلى مقاطعة الكلية الأكاديمية في مستوطنة أريئل في قلب الضفة الغربية، إذ يتيح القانون فرض عقوبات عليهم وحجب مساعدات حكومية لهم وللمؤسسات التي يعملون فيها. كما يمس القانون بشركات المقاولة الإسرائيلية التي فازت بمناقصة بناء مدينة «الروابي» الفلسطينية شرط عدم شراء منتجات من المستوطنات. وتحركت هيئات يسارية وشخصيات أدبية وأكاديمية نافذة في الرأي العام الإسرائيلي ضد مشروع القانون، فيما هددت منظمات حقوقية بالتوجه إلى المحكمة العليا لإلغاء القانون في حال تشريعه. وجاء في عريضة وقع عليها عدد من هذه الشخصيات أن «المستوطنات تقع خارج حدود دولة إسرائيل، ولذا هي غير قانونية لا بحسب القانون الدولي ولا بحسب كل قوانين العدالة». وأضاف الموقعون أن القانون الجديد «يشكل وصمة سوداء على القوانين الإسرائيلية، إذ إن هذا القانون يهدد بالقضاء، من خلال عنف السلطة وتعسفها، على حريتي الاحتجاج والتعبير في إسرائيل». واعتبر وزير القضاء سابقاً الخبير البارز في القانون البروفيسور أمنون روبنشتاين القانون الجديد «تدخلاً سافراً وغير قانوني» للسلطة القضائية في حريات التعبير والضمير، وقال إن القانون «يشهّر بإسرائيل في الحلبة الدولية وسيفيد أعداءها». وقال نائب رئيس المعهد الديموقراطي البروفيسور مردخاي كرمينتسر إن القانون الجديد يخدم كل من يعمل على نزع الشرعية عن إسرائيل، مضيفاً أن الحكومة الإسرائيلية بتشجيعها الاستيطان تنتهك في شكل واضح القانون الإسرائيلي». من جهتها أيضاً بعثت «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل»، بواسطة مركز «عدالة» القانوني، برسالة إلى رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين ووزير القضاء يعقوب نئمان والمستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين طالبتهم فيها بمعارضة اقتراح القانون الجديد «لأنه غاية في الخطورة، ويُسقط إحدى الأدوات النضالية المهمة لدى الجماهير العربية، وهي الدعوة لمقاطعة منتجات وصناعات المستوطنات الإسرائيلية».