معوِّقات كثيرة تواجه الإستراتيجية المناهضة العنف ضد المرأة التي يتوجب ان يطلقها العراق بين 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري و10 كانون الاول (ديسمبر) المقبل، فهذه الإستراتيجية التي وضعها صندوق الاممالمتحدة للسكان، دفعت وزيرة المرأة ذاتها ابتهال كاصد الزيدي، الى الوقوف ضدها، «لأنها تحتوي على شروط تتناقض مع تقاليد المجتمع العراقي، وخصوصاً ما يتعلق بشرط توفير مأوى للنساء المعنفات»، الذي وضعته الاممالمتحدة في الإستراتيجية التي خطّتها بالتعاون مع المجلس الاعلى للمرأة في كردستان. وكان قرار الزيدي بفصل النساء عن الرجال في وزارتها، أثار حفيظة المنظمات المجتمعية والمدافعين عن حقوق الانسان في العراق، الذين طالبها بعضهم بالتنحي من منصبها، باعتبارها «تنفذ قرارات كتلتها الحزبية وتهمل واجباتها في صون حقوق المرأة العراقية». وترجع الزيدي معارضتها لإستراتيجية الاممالمتحدة، إلى ان اقرارها سيجعلها خطة حكومية ملزمة التنفيذ مستقبلاً في حال رفعها للحكومة. وتوضح في حديث مع «الحياة»، انها طلبت إعادة قراءتها وعرضها على خبراء قانون ومختصين قبل إقرارها، «لتخرج بصيغة تلائم الشأن العراقي بتفاصيله كافة، فمن غير الممكن تطبيق مشاريع تصلح لبلد أوروبي على بلد عربي، نحن محاطون بأعراف اجتماعية وتقاليد وتشريعات دينية يجب احترامها وأخذها بالاعتبار». وتقول الزيدي إن «شرط إنشاء دور إيواء آمنة للنساء المعنفات في محافظات العراق لا يزال مرفوضاً من المجتمع العراقي»، معتبرة انه سيجابَه بمعارضة كبيرة في البرلمان، ولافتة إلى «الاختلاف بين اقليم كردستان، الذي بدأ بمناهضة العنف ضد النساء منذ تسعينات القرن الماضي، وبين إنشاء مثل هذه الملاذات، اذ يوجد قانون لحماية المرأة من العنف الأسري، ويُعاقب مرتكب «جريمة الشرف» بالإعدام، على عكس بغداد على سبيل المثال، أو اي محافظة عراقية حيث لا يزال القانون يعمل بالأسباب المخففة في العقوبة على الجرائم التي تُرتكب تحت مُسمى الشرف». وبشأن موافقة اقليم كردستان على تطبيق الإستراتيجية، تقول الزيدي: «إن إجراءاتهم تتم بشكل منفصل ولا يعتمدون موقفنا، فهم انفتحوا على العالم ولديهم إيمان بقضايا المرأة، اما في باقي المدن العراقية، فلا تزال الامور أكثر صعوبة وخاصة مع الاشكال المختلفة التي يأخذها العنف». موقف الوزيرة لقي تأييداً من بعض النشطاء في هذا المجال، وتقول الناشطة النسوية فاطمة الجبوري: «التحرك لتغيير بعض القوانين الخاصة بحقوق المرأة بدأ منذ عام 2003، لكن المشرع العراقي ملزم بالاعتماد على الشرع والأعراف لكتابة النصوص التي تخص مواضيع الزواج والاحوال الشخصية بشكل عام». الجبوري ضمت صوتها الى صوت وزيرة المراة حول عدم امكان تطبيق اي نص قانوني او مشروع او إستراتيجية من شأنه إثارة حفيظة جهات أخرى او يتعارض مع التقاليد السائدة في المجتمع العراقي.