تشابكت الأزمات السياسية في العراق بعد اكتمال الانسحاب الأميركي، وتداخلت خيوطها لتشكل بؤرا ساخنة للصراع نتيجة محاولات رئيس الوزراء نوري المالكي الإطاحة بخصومه، وتشكيل حكومة أغلبية سياسية تتيح له الانفراد بالسلطة. ونجح المالكي في الإطاحة بنائبه صالح المطلك بعد طلبه من البرلمان حجب الثقة عنه لعدم مهنيته، مهددا في الوقت نفسه بتقديم استقالته إذا لم يستجب البرلمان لطلبه. كما نجح في الإطاحة بنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بعد صدور حكم بعدم مغادرته إلى الخارج، وصدور تعليمات من قيادة عمليات بغداد أمس بأنها "ملزمة" باعتقاله أينما وجد في جميع المناطق. ودعا المالكي أمس رؤساء الكتل النيابية لاجتماع وسط تردد معلومات تفيد بأنه وقع اختياره على رئيس الكتلة البيضاء قتيبة الجبوري ليكون بديلا لنائبه المطلك. وقال عضو ائتلاف دولة القانون هيثم الجبوري "في آخر اتصال مع المالكي أكد عدم التهاون والمساومة في موضوع رفع الثقة عن المطلك لأنه غير مهني"، وذلك على خلفية تصريحات للمطلك وصف فيها المالكي بأنه "ديكتاتور". وأثارت هذه المحاولات ردود فعل عنيفة بين الكتل والأحزاب السياسية في العراق، حيث لوحت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي باعتماد خيار التدويل أمس، بعد تعليق مشاركتها في مجلسي النواب والوزراء في وقت سابق. وقال عضو العراقية أحمد المساري إن قائمته تستجيب لوساطات من داخل التحالف الوطني يقوم بها التيار الصدري وكتلة المواطن والقوى الكردية وإقليم كردستان لاحتواء الأزمة، مرجحا إمكانية الاستعانة بالجامعة العربية والأمم المتحدة في حال الفشل في التوصل لاتفاق لتجاوز الأزمة. في المقابل أعلن الهاشمي من أربيل بكردستان أمس استعداده للمثول أمام القضاء، وطالب في مؤتمر صحفي بإجراء التحقيق في الإقليم، منتقدا الإجراءات الأخيرة بحق عدد من عناصر حمايته. وأضاف "الاعترافات التي تم بثها لأشخاص تشير إلى تورطي بالتحريض على أعمال عنف، مفبركة"، مبينا "منذ شهرين أعاني الحصار بوقوف دبابات ومدرعات أمام منزلي في المنطقة الخضراء وهذا تم قبل القبض على عناصر الحماية"، مشيرا إلى أن وجوده في إقليم كردستان جاء بناء على طلب من الرئيس جلال الطالباني. كما دعا طالباني الأطراف السياسية إلى ممارسة أقصى درجات الانضباط في التعامل مع قضية مذكرة اعتقال الهاشمي وعدم التدخل في شؤون القضاء العراقي في هذه القضية. وبدوره، دعا رئيس البرلمان أسامة النجيفي أمس إلى تشكيل لجنة مشتركة تمثل كافة الكتل والفعاليات السياسية للإشراف على مراحل التحقيق مع الهاشمي.