شهد العراق تحركات ومبادرات كثيرة في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بدأ بعضها في بغداد وأمتد إلى إقليم كردستان. ونظمت السفارة البريطانية ورشة عمل بالتعاون مع وزارة الداخلية العراقية، ترأستها الخبيرة البريطانية في مجال حقوق المرأة هارييت وير أوستن، وحضرها كبار الموظفين وممثلون عن جهاز الشرطة، وكان الغرض منها تحديد الحاجات التي تمكّن السلطات العراقية من توفير حماية أفضل للنساء ضد العنف. السفير البريطاني سايمون كوليس، الذي افتتح الورشة، عاد بذاكرته إلى الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء نوري المالكي العام الماضي في المناسبة ذاتها. وكان المالكي أكد أن قوانين العراق الحالية لا تكفي لوقف العنف ضد المرأة، وكشف عن الحاجة إلى المزيد من التعليم والإصلاح لحماية حقوق النساء. واعتبر كوليس أن المالكي كان محقاً في قوله. وأضاف كوليس: «النساء في عموم العراق ينتظرنَ ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال، إذ لا يزال هناك الكثير من العمل يجب فعله». وأكدت أوستن من جانبها، أن سنّ تشريع جديد لمكافحة الاتجار بالبشر ومشروع القانون المتعلق بالعنف الأسري، سيساهمان إلى حد ما في معالجة قضية العنف ضد المرأة نظرياً، وأن هناك حاجة للتطبيق السليم للقوانين من اجل إحداث فرق حقيقي. وهدفت ورشة العمل إلى المساعدة في تحديد ما تحتاجه الشرطة لكي تتمكن من توفير حماية أفضل للنساء المعنّفات. وأطلقت السفارة البريطانية في بغداد والقنصلية البريطانية العامة في أربيل، سلسلة من المؤتمرات وورش العمل للفت الانتباه إلى هذه القضايا. وعُقدت ورش عمل عدة في أربيل وبغداد بالتعاون مع الشرطة ومسؤولين حكوميين وأعضاء من مجلس القضاء الأعلى لمساعدتهم في منع وملاحقة أعمال العنف وكذلك لمساعدتهم على حماية المرأة من العنف. وتؤكد آخر الإحصاءات الرسمية حول العنف ضد المرأة في العراق تعرّض امرأة واحدة بين كل خمس نساء في البلاد إلى العنف. وكانت وزارة حقوق الإنسان العراقية أكدت في إحصاءات نشرتها عام 2010، أشارت إلى أن 22 في المئة من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الجسدي بأشكاله مثل الصفع والضرب وليّ الذراع، فيما تتعرض 23 في المئة من النساء غير المتزوجات للفئة العمرية بين (30-34) للعنف بكل أشكاله. وكانت وزارة الدولة لشؤون المرأة أطلقت حملة إعلامية تهدف إلى الحدّ من ظاهرة العنف الموجّه ضد النساء في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. واتفقت وزيرة شؤون المرأة ابتهال كاصد الزيدي مع شبكة الإعلام العراقي على صناعة مشاهد إعلانية تحضّ على نبذ العنف الموجّه ضدّ النساء، لبثّها خلال الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة التي بدأت في 25 من الشهر الماضي. وتمّ الاتفاق على إنتاج مسلسل درامي يعالج قضايا المرأة ويركّز على الأدوار غير النمطية التي اضطلعت بها المرأة العراقية، ويشجّع النساء على التصدي والحضور في كل المجالات المهمة والمؤثرة في الحياة. وتحركت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في نينوى هي الأخرى، لدعم مناهضة العنف وعقدت ندوة موسعة عن واقع المرأة العراقية بحضور أكاديميين ومتخصصين وأعضاء في مجلس المحافظة. وفي أربيل انطلقت الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في إقليم كردستان العراق بتنظيم ندوات ومؤتمرات مصغرة وأنشطة فنية وثقافية وتربوية. وتقام الحملة التي تستمر 16 يوماً في الإقليم تحت شعار «من السلم العائلي إلى سلم المجتمع» وتشرف على تنظيمها الحكومة. وأكّد المجلس الأعلى لشؤون المرأة في كردستان أثناء إطلاق الحملة، أهمية تطبيق قانون مواجهة العنف الأسري في الإقليم الذي صدر العام الماضي. وجعل إصدار هذا القانون إقليم كردستان مبادراً في هذا المجال لكن عدم وجود دعم سياسي وقانون إداري تسبب في مدى تنفيذ مواد القانون. أما رئيس الحكومة في الإقليم نيجيرفان بارزاني فدعا في كلمته أثناء حفل إطلاق الحملة، إلى عدم حصر الحملة في 16 يوماً، مطالباً الجهات ذات العلاقة والمؤسسات الحكومية المشاركة بتطبيق كل المواد والقوانين الخاصة بحماية حقوق المرأة في إقليم كردستان. وقال بارزاني إن إحصاءات حكومة الإقليم تشير إلى انخفاض نسبة قتل النساء مقابل ارتفاع عدد الشكاوى المقدمة من قبل النساء لمراكز الشرطة الخاصة بمتابعة العنف ضد المرأة في الإقليم، ورأى أن هذا دليل على زيادة الوعي لدى النساء والمجتمع. وطالب في كلمته حكومة المالكي بتعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وتقييد تعدد الزوجات على غرار ما هو معمول به في إقليم كردستان. الحملة مستمرة بمساندة جهات مسؤولة وناشطين لكن تحقيقها أهدافها في تقليل ظاهرة العنف ضد النساء لا يزال مرهونا بتغيير القوانين والتغلب على العادات والتقاليد السائدة في المجتمع والتي تشجع العنف ضد المرأة.