أعجبتني فكرة برنامج حواري تقدمه قناة المحور المصرية يحمل عنوان: «فاصل على الهواء»، والفكرة كلها تتمحور حول ما يقوله الضيف في ال«فاصل»، والتي لا تزيد على دقيقتين إلى ثلاث دقائق. كم من مرة نسمع مذيعي البرامج المباشرة وهم يستأذنون المشاهدين أثناء اللقاءات الحوارية بقولهم: «فاصل ونواصل»، وعادة ما يحمل هذا الفاصل إعلانات تجارية، أو توعوية. أما أن يكون البرنامج معتمداً في فكرته على فاصل فقط، على رغم أن وقت بثه قد يزيد على ساعة كاملة، فهنا يكون السؤال العريض: ماذا سيقدم هذا البرنامج، وهل سيصل إلى ثقة المشاهدين؟ لن أحكم على المشاهدين، ولكنني سأكتفي بانطباعي فقط عن البرنامج وفكرته، مع أنني أعتقد أن من شاهد وتابع البرنامج وضيوفه سيجد أن فيه الكثير مما يشده ويفرض عليه المتابعة حتى النهاية. وفكرة البرنامج البسيطة جداً، والذكية جداً، تقوم على استضافة شخصية معروفة للناس، وهذا الضيف لا يخرج عن مشاهير السياسة والفن والاقتصاد، ويتم الحوار معها بطريقة تقليدية واعتيادية، وإن كانت لا تخلو من الصراحة والمكاشفة، ويتضح ذلك من قوة الأسئلة التي تطرح على الضيف. ولعلّ أهم أسرار البرنامج هو عدم معرفة الضيف ب «الكمين»، الذي أعدّ له، فالبرنامج في صورته وديكوراته وكاميراته ليس هناك ما يثير حوله أية تساؤلات أو شكوك، كما هي حال بعض البرامج التي تقوم على استفزاز الضيف بطريقة سمجة، ما يجعل بعض الضيوف يشعر بأن هناك أموراً غير طبيعية في هذا البرنامج، والأمثلة كثيرة، ولا داعي لتقديم كشف بأسمائها. لكن برنامج «فاصل على الهواء» يعتمد على كشف شخصية الضيف، ومدى صدقه على الهواء، «وتحت الهواء»، إذ إن هناك ما يعرف في البرامج التلفزيونية والإذاعية بحديث يجري بين مقدم البرنامج والضيف تحت الهواء عند الانتقال لفاصل إعلاني. وهذا الحديث الذي يكون «في الفاصل» عادة لا يسمعه أحد من المشاهدين، وهنا قد يقول الضيف كلاماً للمذيع لا يمكن أن يبوح به على الهواء، ولذلك يمكن الحكم في هذه الحالة على الضيف، وهل يتمتع برؤية صادقة وواضحة تحمل المبادئ والقيم والرأي الواضح الذي لا يتبدل ولا يتغير، أم أن له هنا شخصية وهناك شخصية أخرى؟ إن ما يكسب هذا البرنامج ثقة المشاهد والضيف، أنه في نهاية اللقاء يكشف للضيف أن الحوار الذي تم تحت الهواء هو «ملك الضيف»، وأن من حقه أن يقبل بعرضه على الشاشة أو الاعتراض عليه، وعليك أن تحسب كم من ضيف سيعترض، وكم عدد الضيوف الذين سيقبلون بعرض كامل الحوار، وهؤلاء فقط هم الواثقون في أنفسهم! ترى .. لو استنسخنا هذه الفكرة ووضعناها في برنامج رياضي، واخترنا الضيوف من بعض أعضاء الشرف، ورؤساء الأندية، وبعض الإعلاميين، هل تخيلنا ما الذي سيكون، وما هي النتائج التي سنحصل عليها؟ من الأفضل ألاّ نفكر في ذلك مطلقاً! تحويلة: - نمرٌ مفترس أمامك .. خير من ذئب خائن وراءك! [email protected]