تستمر الاتصالات الأوروبية - الصينية، التي بدأت مباشرة إثر انتهاء القمة الأوروبية المخصصة لإنقاذ اليورو، على خطين. فإضافة إلى الرغبة الأوروبية في جلب الصين ودول أخرى قادرة مالياً للمساهمة بمبالغ كبيرة في صندوق الإنقاذ الأوروبي بهدف حماية دول منطقة اليورو، فان للصين أيضاً مصلحة واضحة في الاستثمار في السندات الحكومية الأوروبية. وكانت بكين أعلنت بحذر بعد القمة الأوروبية استعدادها لمثل هذه الخطوة، إنما «بعد الإطلاع على التفاصيل التقنية للاستثمار في الصندوق» على حد تعبير نائب وزير المال الصيني، زو غوانغيو. ونقلت صحيفة «فاينانشل تايمز دويتشلاند» عن مصدر مطلع أن للصين مطلباً أساسياً يتمثل في وضع جزء من المبلغ الذي ستستثمره في صندوق الإنقاذ بعملتها الوطنية (اليوان). وكانت الحكومتان الألمانية والفرنسية باشرتا حتى قبل القمة في إجراء اتصالات مع المسؤولين الصينيين لهذا الغرض، كما اتصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنظيره الصيني هو جينتاو لحضه على تقديم دعم أوسع للصندوق. ومعروف أن قمة بروكسيل الأخيرة قررت العمل على رفع قيمة الصندوق من 440 بليون يورو إلى أكثر من تريليون يورو عبر مساهمات الدول والمؤسسات المالية الخاصة. وتعتبر المساهمة المالية الصينية في الصندوق حالياً الثانية بعد اليابان، لكنها لا تعبر بواقعية عن إمكانات بكين، التي اشترت ما يعادل أربعة في المئة من الديون الإيطالية بنحو 76 بليون يورو، وستحصل في مقابل ذلك على حصص من الأسهم في شركتي «إنيل» و«ايني» النفطيتين. كذلك استثمرت الصين في ديون إسبانيا والبرتغال بعشرات البلايين. كما أعلنت أخيراً أنها ستشتري سندات حكومية فرنسية لدعم الوضع المالي، فمنحتها باريس الإذن ببناء منطقتين كبيرتين للمستوعبات، بحسب ما أورد موقع «شبيغل أونلاين» الألماني. وتمتلك الصين احتياطاً مالياً يقدر بنحو 3.2 تريليون دولار (2.3 تريليون يورو)، ويمكن استثمار جزء من هذا المبلغ في دعم صندوق الإنقاذ الأوروبي ليشكل قوة مالية ضاربة ضد أي أزمات محتملة، ما يصبّ أيضاً في مصلحتها. وينظر عدد من الدول الأوروبية إلى دول مجلس التعاون الخليجي ويترقب مدى استعدادها للمشاركة في تعزيز القوة المالية لصندوق الإنقاذ، وبالتالي استغلال الفرصة للعب دور متعاظم على الساحة الدولية. لكن بروكسيل لم تتلق إشارات من هذه الدول بعد. ومن الواضح أن دول مجلس التعاون، التي تملك صناديق مالية ضخمة، مثل «جهاز أبوظبي للاستثمار» الذي قُدّر حجمه بنحو 625 بليون دولار عام 2010، تتخوف من الاستثمار في ديون دول أوروبية متعثرة وتفضل الاستثمار في شركات. ونقل موقع «شبيغل أونلاين» عن رئيس البنك المركزي الإماراتي، سلطان بن ناصر السويدي، قوله خلال انعقاد قمة بروكسيل: «أن لا مصلحة للصناديق الخليجية في شراء سندات حكومية من الاتحاد الأوروبي». ولذلك فإن الأوروبيين لا يتوقعون جدياً أن تتخذ دول مجلس التعاون خطوات في هذا الاتجاه، لكنهم يستثنون قطر التي قد تساهم في شكل رمزي، بينما تركز دول الخليج على شراء مزيد من أسهم شركات الدول المتعثرة ومصارفها.