الصين: لا دولار، ولا يورو... ذهب! لندن, يوليو (آي بي إس) - دفعت المخاوف من إستمرار إحتضار قيمة الدولار الأمريكي، السلطات الصينية إلي التركيز علي شراء ديون دول أوروبية. لكن إنتشار عدوي أزمة الديون في منطقة اليورو من اليونان إلي البرتغال وغيرها كإيطاليا، وخطر تهديد قوة اليورو وإستقراره، حمل الصين الآن علي التفكير في الذهب، كملاذ آمن لإحتياطياتها من العملات الصعبة البالغ ثلاثة تريليون دولار.
وبالفعل، أعلنت السلطات الصينية عن مضاعفة احتياطياتها من الذهب إلى 1054 طنا أو ما يعادل 54 مليار دولار، مع التخطيط لرفعها إلى 8،000 طنا.
في هذا الإتجاه حث يو يونغ دينغ، المستشار السابق للبنك المركزي الصيني والمعروف بإنتقاداته القوية لسندات الخزينة الأميركية -التي تستثمر الصين فيها نحو 1.2 تريليون دولار من رصيد الاحتياطي الخارجي- حث الزعماء الصينيين علي إتباع قدر أكبر من التنويع في وجه ضعف الدولار.
وحذر في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في بكين من أن ديون الولاياتالمتحدة والنسبة التي تمثلها في الناتج القومي الأمريكي يسجلان ارتفاعا مستمرا، متوقعا سلسلة من المتاعب الكبري للاصول الامريكية والاقتصاد العالمي.
ويذكر أن توقعات مسؤول البنك المركزي الصينيين السابق تتفق مع تنبؤات كبري المصارف العالمية، مثل غولدمان ساكس، بانخفاض بطيء ولكن ثابت في قيمة الدولار.
كذلك فقد قدر يو يونغ دينغ أن القدرة الشرائية للعملة الأمريكية قد إنخفضت بنسبة 94 في المئة علي مدي الفترة 1929-2009، في حين توقع مصرف غولدمان ساكس أن يخسر الدولار 15 في المئة من قيمته مقابل الجنيه الاسترليني على مدى الأشهر الإثني عشر سنة المقبلة وحدها.
هذا ولقد شرع المستثمرون في جميع أنحاء العالم في تحويل احتياطياتهم النقدية إلى عملات أخرى تفاديا للتعرض لتداعيات إستمرار إنخفاض قيمة الدولار.
وإضطر الرئيس الامريكي باراك اوباما إلي الدفاع عن اقتصاد الولاياتالمتحدة المثقل بالديون، مشددا على ان الولاياتالمتحدة ليست في وضع "اليونان أو البرتغال".
ومع ذلك، فقد هددت إثنتان من كبري وكالات التصنيف في العالم -ستاندرد أند بورز، وموديز- الولاياتالمتحدة بخفض تصنيف الائتمان، ما زاد من المخاوف الصينية من خطر عجز واشنطن عن مواصلة سداد الفائدة لدائنيها، وعلى رأسهم الصين.
هذا وكانت الصين قد بدأت بالفعل منذ ثلاث سنوات في تحويل إنتباهها نحو اليورو الأوروبي، الذي أصبح الآن محاصرا بدوره من جانب النظام النقدي العالمي.
وفي العام الماضي ساعدت بكين علي درء أزمة عارمة لعملة اليورو من خلال شراء السندات اليونانية، في مقابل إستئجار ميناء بيريوس في اثينا لفترة 35 عاما. وفي وقت لاحق اشترت الصين ما يعادل 1.4 مليار دولار من السندات الاسبانية، في صفقة أعطت دفعة قوية لمعنويات السوق المالية عن اسبانيا.
كذلك فقد راجت تقارير خلال زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو لثلاث دول أوروبية في الشهر الماضي، مفادها أن بكين قد أبدت اهتماما كبيرا بشراء حصة في صندوق الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اليورو.
هذا "السخاء الصيني تجاه أوروبا دفع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو المؤسسة البحثية المؤثرة، الى التحذير من ان تهافت بكين علي أوروبا "يضر" بمصالح الاتحاد الأوروبي بل ويهدد قيمه الأساسية عبر تقديم تنازلات في مقابل الاستثمارات.
أيا كان الأمر، فالواقع أن بعض الخبراء الصينيين ينظرون إلي الاستثمار في السندات الحكومية الأوروبية كمجازفة ضرورية. فكتب مينغ جينوي خبير الشؤون المالية في جريدة "المراقب الإقتصادي"، قائلا أن"إنقاذ أوروبا بالمال ليس بقرار سيئ علي الإطلاق".
وشرح "لا يمكن تجاهل واقع التصنيفات الائتمانية للولايات المتحدة وانخفاض قيمة الدولار. وبإقترابها من أوروبا، تقع الصين شوطا جديدا علي طريق تحرير إقتصادها والنظام المالي العالمي من الاعتماد على الولاياتالمتحدة والدولار الأميركي".
فالواقع هو أن الصين لم تخفي قطا رغبتها في أن تحل عملتها، اليوان، محل الدولار الأمريكي كعملة للتجارة العالمية. وفذه الصدد، كثفت الصين جهودها لجعل اليوان عملة دولية.
وبالفعل، أبرمت الصين على مدى العامين الماضيين مع البرازيل إتفاقيات مقايضة عملة بين بنوكهما المركزية، لتسيير التجارة بين البلدين من دون الدولار الأمريكي. وأبرمت الصين صفقات مماثلة مع الهند والأرجنتين وروسيا وجنوب أفريقيا ومجموعة من الدول الأخرى.
والنتيجة هي أن الصين قد أنجزت في الربع الأول من هذا العام وحده، حوالي 7 في المئة من تجارتها الخارجية بعملتها الوطنية، أي بزيادة قدرها 20 ضعفا بالمقارنة بالعام الماضي.(آي بي إس / 2011) وكالة انتر بريس سيرفس