1 ليس أفضل من الموت «شهادة» لتقييم أداء الإنسان وتصنيفه ب: ناجح أو ساقط... في امتحان الدنيا، و «الناس شهود الله على أرضه». مات القذافي يوم الجمعة، وفي يوم السبت مات سلطان بن عبدالعزيز. وشتان بين الميتتين وشتان بين النعيين... ذاك ينعونه فرحاً، وهذا ينعونه حزناً. والسر يكمن في العلاقة مع الناس... في من يضرهم وفي من ينفعهم، في من يتعسهم وفي من يسعدهم، في من يجلس على قلوبهم وفي من يجلسهم على قلبه! فرحنا بموت القذافي لأن وجوده كان محزناً... وحزنّا لموت سلطان لأن وجوده كان مفرحاً. 2 سيتسابق الكتّاب والصحافيون للحديث عن مشاريع سلطان الخيرية. لكنهم مهما قالوا وفعلوا، فلن يتحدث أحد عن خير سلطان بصدق أكثر من المحتاجين والمعوزين الذين ذاقوا طعم ذلك الخير والجود والإحسان. ولذا سأتحدث عن مشروعه الخيري الذي استفدت منه واستفاد ملايين غيري، وأعني صدقته المستمرة ومشروعه الخيري الدائم: (الابتسامة). لم نعرف أحداً بعلوّ مكانة سلطان وعزّه الذي يرفل فيه منذ صغره، يمنح الناس، عامة الناس، بشاشة مثل بشاشته وابتسامة دائمة الإشراق كابتسامته. ولو كان هذا الخُلُق ميسوراً وسهلاً كما قد يظن البعض، لفعله كثيرون ممن يتمنون أن تطيعهم نفوسهم «الأبيّة» على التبسط مع الناس... كما كان يفعل سلطان. كان... كريماً في ماله، وكريماً في ابتسامته. كان رمزاً للرخاء والإخاء، معاً. 3 لا يفوتني أن أستذكر لقائي به، يرحمه الله، في صيف عام 2006 بباريس، وكنت قد تسلمت قريباً فقط عملي الجديد، مندوباً دائماً للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو، وخرجت من ذلك اللقاء القصير معه، يغفر الله له، بالضوء الأخضر لتأسيس (برنامج سلطان بن عبدالعزيز لدعم اللغة العربية في اليونسكو)، ودعمه بثلاثة ملايين ونصف المليون دولار. وما زالت اليونسكو، بمنتدياتها ومنشوراتها وصفحاتها الإلكترونية، ترفل بعطاء هذا البرنامج الذي لم يقتصر ترداده على ألسنة العرب، بل وغير العرب من المهتمين باللغة العربية. رحم الله سلطان بن عبدالعزيز على كل ما قدم وأعطى وأسدى من كريم خصاله قبل كريم ماله. 4 لم يمهله القدر كي يصبح ملكاً... لكنه أصبح «سلطاناً»! * كاتب سعودي [email protected] www.ziadaldrees.com