توجه الناخبون الليبيون أمس، إلى صناديق الاقتراع التي توزعت على 1619 مركزاً انتخابياً في كل أنحاء البلاد، ما عدا مدينة درنة (شرق ليبيا) معقل الإسلاميين المتشددين الذين أعلنوها «إدارة إسلامية» منذ أشهر، لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد الذي سيخلف «المؤتمر الوطني العام» الذي انتُخب أعضاؤه في 7 تموز (يوليو) 2012، غداة أول انتخابات نُظمَت في ليبيا، التي لم تشهد أي عملية اقتراع شعبي منذ عام 1964 في عهد الملك إدريس السنوسي الذي أسقطته مجموعة من ضباط بقيادة العقيد الراحل معمر القذافي في أيلول (سبتمبر) 1969. وجاء تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الاشتراعية أمس، مقارنةً بانتخابات المؤتمر الوطني العام التي شارك فيها حوالى 3 ملايين ناخب، بسبب العمل بنظام الرقم الوطني الإداري، إذ لم يُسمح بالمشاركة إلا لمَن يحمله، بهدف التحقق من هوية المنتخبين بعد 4 عقود من حكم القذافي الذي شهد تدفقاً ديموغرافياً على ليبيا من بلدان عربية وأفريقية. وفي تطور لافت، أدلى رئيس الحكومة الليبية السابق علي زيدان بصوته أمس، في أحد مراكز الاقتراع في طرابلس. ونقلت عنه وكالة الأنباء الليبية الرسمية عنه دعوته الشعب الليبي إلى المشاركة في انتخابات مجلس النواب، معبراً عن تمنياته بأن يُكلَّل هذا الاستحقاق بالنجاح الباهر. وشهدت ليبيا أمس، انتشاراً أمنياً كثيفاً لحماية الناخبين ومراكز الاقتراع في بنغازي وسبها ومصراته وغيرها من المدن، بينما سارت العملية الانتخابية في العاصمة طرابلس بسلاسة وبإجراءات أمنية محدودة وسط إقبال محدود في مطلع النهار بسبب موجة الحرّ الشديدة التي رافقها انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق. وتنافس في اقتراع أمس، 1628 مرشحاً، ما يقل عن عدد المتنافسين في الانتخابات السابقة بحوالى ألف مرشح تقريباً، لمحاولة الفوز ب200 مقعد في مجلس النواب الجديد، على أن يكون 32 منهم من النساء، وفق ما صرح رئيس المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات عماد السايح. ورغم تشكيك الكثيرين في إمكانية تنظيم هذه الانتخابات، على خلفية ما تعيشه البلاد من مواجهات عسكرية في بنغازي وخلافات سياسية في طرابلس وحصار منشآت نفطية عدة، فإن بعض مَن استطلعت «الحياة» آراءهم أعربوا عن ثقتهم في أن نتائج هذه العملية ستكون أكثر إيجابية من انتخابات تموز (يوليو) 2012 لأن مخرجاتها ستكون أفضل، مؤكدين أن «حظوظ تيار الإسلام السياسي ستكون محدودة بعد التجربة المريرة معهم في المؤتمر الوطني العام». كما صرح الأستاذ في كلية الفنون والإعلام في طرابلس الدكتور خالد غلام أبلغ «الحياة» أن «تيار الإسلام السياسي» جزء من المجتمع الليبي ولهم حق المشاركة في الحياة السياسية والأمل معقود على أن يتمتعوا بالروح الوطنية التي تضع مصلحة البلاد العليا فوق المصالح الحزبية الضيقة.