على رغم النجاح الذي بدأت تحققه مواقع شحن الموسيقى المدفوعة على الانترنت وفي طليعتها Ifunes الذي بلغت مبيعاته منذ اطلاقه في شهر نيسان ابريل الماضي اكثر من 30 مليون اغنية، فإن الموسيقى والأفلام، خصوصاً الجديدة منها لا تزال فريسة سهلة لهواة الشحن المجاني المعروف بتقنية النقل من جهاز كومبيوتر شخصي آلي آخر وتبادل المحتويات الرقمية. وانخفضت مبيعات الاسطوانات CD خلال العامين الماضيين بنسبة 30 في المئة وتقلص عدد رواد صالات السينما، ما دفع بكبرى شركات انتاج الموسيقى والأفلام في هوليوود الى رفع الدعاوى القضائية بالجملة ضد القراصنة. ووصلت آخر سلسلة من هذه الشكاوى الى اكثر من 580 قضية دفعة واحدة. غير ان نشاطات شبكات P2P أي من كومبيوتر الى آخر لا تقتصر على الأفلام والموسيقى وحسب، بل باتت تتعداها الى شحن حلقات المسلسلات التلفزيونية التي تشكل عصب القنوات المدفوعة، ومبرر الاشتراك بها ومن هنا بات هذا القطاع يشعر بالخطر من هذه الظاهرة بسبب الاموال الطائلة التي يدفعها ثمناً لحق نشر وبث هذه المنتجات المصورة. صحيح انه لا توجد أي دراسة حتى الآن حول حجم قرصنة المسلسلات التلفزيونية على الشبكة، لكن هواة المسلسلات الشهيرة والمكلفة ولا سيما الاميركية منها باتوا يمتلكون شبكاتهم المفضلة للشحن المجاني وفي طليعتها Bittorrent المصممة خصيصاً لتبادل المحتويات الرقمية الضخمة كالأفلام والمسلسلات التلفزيونية الاميركية التي تتيح الشحن انطلاقاً من عدة نقاط على الشبكة تشابه في عملها روافد النهر التي تزيد من سرعة تدفق المياه ويعتبر هذا النظام فاعلاً للغاية في الشحن غير ان صعوبته تكمن في العثور على المسلسل المطلوب من مهندس هذه الشبكة بسبب التغيير الدائم في عناوين المواقع هرباً من "شرطة الانترنت" وتجنباً للملاحقات القضائية. وتنتشر هذه المسلسلات بسرعة مذهلة اذ فور بث أول حلقة من مسلسل ما تنشر بقية الحلقات على الشبكة ويتم عرضها على شبكات اخرى يرتادها جمهور كبير وتعمل بتقنية النقل من كومبيوتر الى آخر. وبينت الحركة الناشطة بين هذه الشبكات ان الانترنت وسيلة جبارة لنقل المحتويات الرقمية. لقد شاع الاعتقاد في البداية ان الأمر يتعلق ببضع حلقات منتشرة هنا وهناك، غير ان الواقع مغاير تماماً، اذ ما ان تبدأ احدى القنوات التلفزيونية الاميركية ببث أول حلقة من المسلسل حتى نجد بقية الحلقات المقررة لموسم كامل على الانترنت ومن ذلك مسلسل "24 ساعة" الذي انتجته شركة "فوكس تي في" ومسلسل "Threat Matrix" الذي انتجته قناة "اي بي سي" ومسلسل "الجناح الغربي". كما نجد ايضاً المسلسلات الأقدم مثل "ماكغايفر" وغيره، لكن هذه المسلسلات ناطقة باللغة الانكليزية فقط وغير مدبلجة، ومع ذلك فقد تغلب رواد الانترنت حتى الناطقين بالفرنسية على الحاجز اللغوي وباتوا ينقلون حلقات مسلسلاتهم المفضلة فور بث حلقاتها الأولى في مقاطعة كيبك الكندية وبلجيكا. وبدأت ممارسة هذه الهواية منذ العام الماضي لدى بث المسلسلات الاميركية المترجمة الى الفرنسية أو المدبلجة في البلدان الناطقة بالفرنسية، واصبح هواة المسلسلات يتمتعون بمشاهدة الحلقات من دون قطعها بالاعلانات. كما طالت ظاهرة القرصنة هذه التحقيقات التلفزيونية التي تنتجها قناة التلفزة الحكومية البريطانية BBC الى درجة ان المسؤولين قرروا تسهيل مهمة القراصنة وتوفير البرامج الموجودة في الأرشيف على شبكات من كومبيوتر الى آخر P2P. وأدركت قناة HBO الاميركية مدى خطورة هذه القرصنة على برامجها المشفرة والتي تجعلها في متناول غير المشتركين في هذه القناة وبدأت تفكر جدياً باللجوء للقضاء، بعدما أغلق احد المواقع على شبكة الانترنت كان يعرض أكثر من 4500 فيلم و300 مسلسل للشحن مجاناً بحكم قضائي