لم يَعّد مُمكناً تصنيف «نيتفليكس» (Netflix) الأميركية بأنها شركة تقتصر على تقديم خدمة المشاهدة الحيّة للأفلام والمسلسلات للراغبين عبر شبكة الإنترنت (خدمة يتم إستلامها عبر أجهزة الكومبيوتر العادية او الكومبيوترات اللوحية). فكثيرون باتوا الآن يَربطون أجهزة الكومبيوتر بتلفزيوناتهم المنزلية من أجل الإستمتاع بتلك الخدمة على شاشات أكبر ومن على راحة آرائكهم. كما إن شعبية التلفزيونات الذكية والتي تملك إمكانات الإتصال بالإنترنت، جعلت ربط التلفزيون المنزلي بخدمة «نيتفليكس»، عملية فائقة البساطة. هذا الأمر غَيّر في هَويّة هذه الشركة الأميركية ومثيلاتها، ودفعها لمنافسة شركات تجهيز الكيبل في أميركا وحول العالم. لهذا تغدو خطوة الشركة الأميركية بإنتاج مسلسل تلفزيوني مهمة كثيراً للشركة العملاقة (اشتركت الشركة العام الماضي بإنتاج مسلسل مع قناة تلفزيونية نروجية)، وأيضا في ما يُمكن إن تؤدي إليه في نقل التنافس بين شركات تجهيز التلفزيون عبر الكيبل أو عبر الإنترنت، الى ساحة جديدة، إي انتاج هذه الشركات لمحتوى تلفزيوني خاص يميزها عن شركات آخرى، وهو الإتجاه الذي يبدو إنه سيُهيمن في السنوات المقبلة. فلكي تجذب زبائن جدداً، تجعلهم يدفعون مبالغ شهرية لخدماتك، عليك أن تغريهم بمحتوى غير متوافر في أي مكان آخر، وهذا لن يحدث الا بإنتاج هذا المحتوى بنفسك! مماشاة المزاج العام وكانت شركة « نيتفليكس» قد كشفت في وقت سابق من العام الماضي إن خططها الجديدة لإنتاج مُحتوى تلفزيوني خاص، ستحاول أن تتلائم مع مزاج زبائن الخدمة الحاليين، والتقييمات التي يمنحونها للمسلسلات والأفلام التي يشاهدونها عبر «نيتفليكس». حيث تمنح الخدمة الأمكانية لتقييم تلك الأعمال، لتخرج الشركة بعدها بخلاصات عما يُعجب هذا المشاهد، ما سيعين مسؤولي الشركة لتحديد طبيعة الموضوعات التي ستكون عليها المسلسلات القادمة التي ستقوم الشركة بانتاجها، والتي ستتنوع، وبحسب التصريحات الأولية، بين أجزاء جديدة لمسلسلات كوميدية (جزء جديد من المسلسل الشهير Arrested Development)، ومسلسل آخر يسير على موجة مسلسلات الرعب وآكلي لحوم البشر التي تلقى شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة، إضافة الى المسلسل الجديد «منزل من ورق»، والذي يقدم قصة تجمع السياسية ودسائسها مع قصص الحب والخيانات. وتشير أسماء الذين يقفون وراء مسلسل «منزل من ورق»، إلى أن الشركة الأميركية عازمة حقاً على تقديم عمل يَتضمن عناصر جَذب مهمة، وإنها لن تدخر أي أموال للوصول الى تلك الغاية. فالمسلسل المأخوذ من مسلسل تلفزيوني بريطاني بالإسم نفسه، يشرف على إنتاجه مخرج أميركي مهم هو ديفيد فينشر («نادي القتال»، «الشبكة الإجتماعية»)، ويقوم ببطولته الممثل الأميركي المعروف كيفن سبيسي («الجمال الأميركي»، «إتصال مارجين»)، إضافة الى مجموعة كبيرة من الممثلين والممثلات المتمرسين. ولعل ما سيميز تقديم مسلسلات خاصة بشركات خدمة المشاهدة عبر الطلب، ان الأخيرة ستكسر تقاليد المشاهدة التلفزيونية، فشركة «نيتفليكس» أعلنت انها ستقدم جميع حلقات الموسم الأول الثلاث عشرة من مسلسلها «منزل من ورق» دفعة واحدة للمشاهدة، لكن من غير المعروف ما إذا كانت الشركة ستقوم ببيع المسلسل بعد فترة لعرضه على شاشات تلفزيونية، ام إنها ستحصر مشاهدته على خدمتها. والمسلسل المقبل هو خطوة مكملة لثلاثة أعوام من النجاحات للشركة الأميركية، فهي دخلت السوق الاوروبية في العام الماضي ( بريطانيا، إرلندا، السويد، فينلندا، الدنمارك) لتنضم هذه الى السوق الأميركية الجنوبية وكندا، إضافة الى همينتها على السوق الأميركية، كأكبر شركة لتأجير الاسطوانات في أميركا (بدأت نشاطها في عام 1997)، علاوة على تقديمها لخدمة المشاهدة الحية عبر الإنترنت، بزبائن تجاوزوا قليلاً العشرين مليون مشاهد في الولاياتالمتحدة الأميركية وحدها. ولعل ما يميز خدمة المشاهدة عبر الإنترنت التي تقدمها الشركة، هو تقديم بث حيّ للمسلسلات والافلام وليس تحميلها على أجهزة الكومبيوتر، الأمر الذي يجعل قرصنتها وتوزيعها غير القانوني عملية معقدة كثيراً. أما مسلسل «منزل من ورق» فسيكون متوافراً على موقع شركة «نيتفليكس» على شبكة الإنترنت بدءاً من اليوم.