اللقاء التقليدي مع الشاعر والكاتب محمد الماغوط يكاد يكون أمراً مستحيلاً، فمنذ عقود حدد الرجل موقفه من مسألة السين والجيم. لا يريدها في حياته. وعلى من يهتم بأمره قراءة انتاجه وفهم ما وراء حروف قاطعة يكتبها الماغوط على ورق، أي ورق، بعد عناء كبير. من يعرف الماغوط عن قرب لا بد ان تستقر في ذاكرته صورة الرجل الفريد من نوعه في زمن تتدحرج فيه كرامات الرجال كما الحصى في منقلب الكسارات. زمن وصفه الماغوط في كتاباته الساخرة بأبشع الأوصاف من دون الخروج عن آداب الكتابة، دافعاً القراء نحو معسكرين متناقضين تماماً، يتهمه بعضهم بجعل عبارته المسرحية بيدقاً للتنفيس في مرحلة الضحك على الشعوب وايهامها بوجود هامش للحرية، في حين يحسده آخرون على تلك الخيمة العليا التي تحمي عبور مفردات الماغوط. قالوا عنه الكثير وبقي صامتاً. الكتابة عن الرجل، ما له وما عليه، مأزق كبير بالفعل، فكيف لمن عايش الماغوط الإنسان وكان شاهد عيان في مرحلة ما من حياته التي بدأت صعبة واستمرت قاهرة مليئة بالأحزان وربما الفجيعة، كما هي الحال عندما واجه الماغوط مجرداً من أسلحة البقاء مرض شرس وخبيث خطف رفيقة العمر وأكثر النساء بقاء في ذاكرة الرجل الوحشي الطباع اجتماعياً، المتأمل عن مسافة كل ما حوله من دون الخوض فيه، والأب الذي يفرحه سماع الآخرين ينادونه "ابو شام" أولى ثمار حب من نوع خاص جمعه بسنية الصالح الشاعرة السورية الرقيقة رحمها الله. الزحمة عديمة الرحمة. قالها الماغوط أكثر من مرة أمامي. لذلك لم أفاجأ وأنا أسمعه يحدثني عن بيته الذي يزمع الإنتقال اليه في السلمية مسقط رأسه على حافة البادية السورية، قال: "سيكون بيتاً تحيط به القناطر الخشبية. أعجبني تصميم رأيته وسينفذ". أما لماذا العودة الى السلمية الآن فالأسباب كثيرة. يعيش الماغوط معظم وقته الآن بين غرفة المعيشة حيث خصص أريكة متسعة للتمدد عليها، وقد أحاطت به لوحات رسمها فنانون عرب وأجانب له ولشخصيات يحبها، وكثيراً ما يستقبل الفجر في شرفة صغيرة مزججة في ركن من الشقة تنفتح على شارع جانبي ضيق من إحدى الحارات الدمشقية الحديثة في منطقة المزرعة، لكن ما يلفت الإنتباه في شرفة الماغوط الضيقة التي اتسعت لطاولة صغيرة وكرسي ورسم لفيروز معشق فوق قطعة من الخشب وكثير من أشرطة التسجيل كلها لها، ان لا ستارة تمنع الماغوط من رؤية الفجر وكل ملامح اليوم. قال وهو يريني إياها بعدما سألته أين يكتب هذه الأيام لأنني اعرف مدى ارتباك الرجل وضيقه عندما يكون في حال كتابة، وأذكر جيداً كيف كان يمنع على أي كان دخول الحيز الصغير المحاط بالفواصل الخشبية في مكاتب صحيفة "الخليج" الإماراتية مطلع الثمانينات عندما كان ينشغل بكتابة افتتاحية أول ملحق ثقافي يصدر في الصحافة الخليجية، وكثيراً ما امتنع عن الكتابة، على رغم الحاح تريم عمران، رحمه الله، الذي أراد تأكيد حضور الماغوط ضمن أسرة الصحيفة على الدوام. وللماغوط مفردات يصعب نسيانها في التعليق على مسألة الكتابة كوظيفة تحولت الى ما يشبه الفيروس اصاب بعض من عملوا تحت اشرافه وتحملوا وزر المواءمة بين الوظيفة كمحرر في صحيفة وكاتب ينشد الحرية واحترام الذات. وقلة منهم استطاعت التشبه به، فالحياة طاحنة ومن هنا يكتسب الماغوط على الدوام احترام من عرفوه ويبقى فوق كل الشبهات. قال الماغوط عند عتبة الشرفة المكتب: "أمضيت هنا سنوات ولم أشعر بالوحدة توقفت عن الكتابة ولم تعد عندي رغبة بمعرفة ما يدور في العالم من حولي. كل متطلباتي الحياتية تأتيني هنا. وكما تعرفين هي قليلة". على أية حال السطور القليلة التي تختصر وقائع لقاء تم بعد عشرين عاماً من الانشغال والتباعد ما بين الشارقة ودمشق ليست كافية للحديث عن ملامح غير معروفة للعامة عن شخصية الماغوط الإنسان قبل الشاعر والكاتب ويكفي القول منها ان الماغوط كان يطوف حول بحيرة خالد في مدينة الشارقة مع خيوط الصباح الأولى أكثر من مرة ليس للتريض كما الموظفين وبورجوازية الخليج بهدف حفظ لياقتهم الجسدية، بل لأنه قلق وغير سعيد وفيه احساس الوحش البري الذي نقل الى حديقة عامة للعرض، في حين تتألم رفيقة دربه وتتجرع على مضض أدوية تهد عزيمتها لتحارب مرضاً قاتلاً لم يتركها بسلام وطفلتين جميلتين صغيرتين دون العاشرة، فضل الماغوط على الدوام العناية بهن بنفسه ولم يفكر بادخال امرأة اخرى الى عالمهن بعد غياب سنية حتى ولو كانت مدبرة منزل. آخر ما كتبه الماغوط للقراء كان على صفحات "الوسط" وكان قبلها يكتب زاوية اسبوعية لمجلة "المستقبل" التي كانت تصدر في باريس. وهو انتقائي جداً في اختيار المطبوعة التي يتنفس من خلالها، لكن دوام الحال من المحال في وطن عربي يضيق بقاطنيه وناسه. فاجأني فعلاً عندما أخبرني عن مشروع بدأه وفشل فيه وتحمل ديوناً بالملايين لأن الله ابتلاه بشريك شرير، وعندما أبديت استغراباً من دخوله في مشاريع ومعرفتي بكرهه الشديد للصفقات والمشاريع أضاف سريعاً: "قلت في نفسي ربما أعمل عملاً لمصلحة من تبقى من أسرتي وتحملت التبعات". كذلك حدثني عن مشروع يروق للماغوط الخوض فيه وهو انه حاول احياء فكرة نشرة اسبوعية خاصة بالأدب السياسي الساخر، وبالفعل وضع الملامح الأولى للمشروع مع رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات لتظهر بعدها صحيفة "الدومري" من دون الماغوط. ويبدو ان الفكرة ما زالت في عقل الكاتب المسرحي الساخر. وفهمت منه انه يريدها لقراء بعينهم عن طريق الاشتراكات وربما كان هذا الجانب من المشروع سبباً في عدم استمرارية الفكرة مع عائلة "الدومري" التي تخضع للرقابة وتتعثر في صدورها أحياناً. التلفزيون ممنوع والزعماء شخصيات تراجيدية سألته اذا كان يتابع ما يجري من أحداث عربية ودولية من حوله واذا كان على علم بآخر التطورات، فرد بأن لائحة رشاوى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أذهلته لأن فيها اسماء لم يكن يتوقع على الإطلاق ان تكون بحاجة لهذه الأموال. وقال متفاخراً، ومن حقه ذلك في رأينا الشخصي: "أحمد الله على انني لم أتلق رشوة من أحد ولم أجعل من نفسي ذيلاً أو منشفة لأحد، وتلك لعمري نعمة لا يدرك قيمتها كثيرون من الناس، فقد علمتني تجاربي الأولى في العمل العام أو لنقل في ميدان التعبير عن الذات، لأنني لم امتهن السياسة، ولله الحمد في يوم من الأيام، ألا أكون ذيلا لأحد. والجميل في الأمر انني وجدت الكثير من الأتباع من دون أن أبذل جهداً أو أدفع رشاوى في الشارع العربي، ولذلك أجزم بأنني كنت محسوداً على الدوام من أصحاب الكراسي على انواعها". وفي اعتقاده لا حاجة لإهدار الوقت في التفرج عليهم عبر الفضائيات والأرضيات. ويتحدث الماغوط بظرف عن تجربة له مع الزعيم الليبي معمر القذافي فيقول بأنه تلقى دعوة للقاء مع العقيد رافقه خلالها الفنان دريد لحام يبدو ان القذافي في غمرة انغماسه بالكتابة الروائية راودته فكرة الكتابة للمسرح وربما اراد تزويد الماغوط بفكرة ما لمسرحية جديدة، "المهم اننا لبينا الدعوة وذهبنا الى الجماهيرية العظمى وبقينا في الفندق يزورنا الليبيون من مختلف المستويات. ولم يحدد موعد اللقاء مع العقيد ولم أعد أطيق البقاء فقررت السفر على أول طائرة أو يتحدد الموعد فوراً، وهكذا كان والتقينا به وكان لقاء طريفاً في الخيمة اياها". ويضيف الماغوط: "عموماً ابلغت بعدها بأن القذافي أهداني وساماً وتسلمته من السفير الليبي في دمشق، فلم أكن مستعداً للسفر مرة اخرى. ولمناسبة التكريم والجوائز فقد تلقيت رسائل من جهات عربية عدة تعنى بشؤون الجوائز والمهرجانات تعلمني باختياري لتكريمي وتطلب مني في رسالة مرفقة، التوقيع على تعهد بعدم رفض الجائزة أو عدم الحضور. وبطبيعة الحال رفضت الموضوع من أصله". ويضيف الماغوط: "بلا طول سيرة رأيت كثيرين من الزعماء والسياسيين والمخابراتيين في حياتي، واعتقد بأنهم بأمس الحاجة لمستشارين نفسيين، فحياتهم عبارة عن تراجيديا دائمة. لقد علمتني تجاربي الأولى في السياسة ألا أكون ذيلاً أو ممسحة لأحد. وبعد تجربتي الأولى والأخيرة في السجن ما عدت راغباً في أن أكون مع أو ضد أحد. وهكذا أنا لست ضد أو مع أي نظام عربي". التكريم الجنازة وسألته: ولكنك حضرت حفل التكريم الدمشقي برعاية وزيرة الثقافة السورية السابقة الدكتورة نجاح العطار؟ يرد: "نعم ذهبت اليه لأن جمهوري كان بين الحضور، وهذا بلدي كان لا بد من حضور جنازتي، وأنا على قيد الحياة. في الطريق الى منصة التكريم خانتني عصاي التي أتكئ عليها منذ رحيل سنية زوجته، وسقطت أرضاً ولم أعد قادراً على الصعود الى المنصة لحين. وسمعت بكاء الحضور مختلطاً بالتصفيق، تلك كانت جنازتي، وعندها فقط أيقنت أنني على صواب في قناعة تكونت لدي عبر الوقت وهي أنني رمز لدى الآخرين ولا يجوز لي أن أفعل ما يفعله مثقفو الزمن الجميل والرديء على السواء. وهكذا سأعيش أكثر منهم بين الناس فما زال السواد الأعظم من الشعوب غير معني بهستيريا العولمة والماديات والحسابات المصرفية". النساء في حياة الماغوط عندما وصلنا الى بيت الماغوط بعد ظهر يوم شتوي من العام الجديد 2004، فتحت لنا الباب صبية في منتصف العشرينات فهمنا أنها طالبة في كلية الصحافة في جامعة دمشق، وانها تعد لمشروع تخرجها هذا العام واختارت الماغوط موضوعاً لفيلم التخرج وقد أنهت جزءاً كبيراً من عملها وتحاول اقناع الماغوط بالتحدث الى فيلمها وهذا أمر صعب على ما نعتقد لأن الرجل عازف عن الظهور في وسائل الإعلام، خصوصاً المرئية منها وغالبا يفضل اعتلاء منصة مسرحية لقراءة بعض من قصائده وهذه حالة نادرة هي الأخرى. ونذكر جيداً كيف باءت محاولات القائمين على الثقافة الخليجية بالفشل اثناء استدراجه إلى الأمسيات الشعرية واللقاءات التلفزيونية. وبالعودة الى قصة المرأة في حياة الماغوط لا بد من التوقف قليلاً عند الحالة الخاصة لعلاقة الرجل بالمرأتين الأكثر حضوراً في حياته، أمه التي يذكرها دائماً باعجاب كبير، تلك البدوية التي تتحزم عند خصرها وتلف جدائلها الطويلة بعناية حتى أسفل ظهرها، واصفا لقاءها بصديقه الراحل الكبير الجواهري، أنظف شعراء العراق، حسب تعبيره، في منزله قبل ان تخطف المنية الإثنين، قال: "نسيت أمي عصاها التي تتكىء عليها باستمرار عندما ولجت هذه الغرفة للسلام على الجواهري الذي قدم معزياً بعد وفاة سنية. وعندما ذكرتها ابنتي سلاف بأنها نسيت عصاها ضحكت وطلبت منها تجاهلها. لقد ماتت أمي ولون شعرها لم يتغير، بل انه بقي طويلاً حتى اللحظة الأخيرة من الحياة يحتفظ الماغوط بلوحة صغيرة رسمتها ابنته سلاف فوق جدار الغرفة في مكان يواجهه باستمرار وهو مستلق على أريكته المفضلة وقد رسمتها سلاف بأقلام التلوين المدرسية وهي دون السادسة، وهي الآن فنانة تشكيلية معروفة في سورية ولندن حيث تقيم مع زوجها منذ سنوات. تحدث الماغوط كثيراً عن سنية التي بدأت معركتها مع المرض القاتل بصمت إثر وجع وورم أصاب أحد أضراسها ثم بدأ بالتنقل عبر عنقها لينتشر بعدها في سائر انحاء الجسم. ومع أن الحكومة السورية ارسلتها إلى فرنسا للعلاج في أفضل المراكز المتخصصة عالميا في هذا المجال، ولكن... يحلو للرجل الحديث عنها أكثر من أي شخص: "تخيلي انها تنبأت لنفسها بأشياء. ذات يوم كانت شقيقتي مريم تساعدها في حمامها، فالتفتت سنية نحوها لتقول لها انت يا مريم من سيغسلني بعد وفاتي. وصدق توقعها وأوصت سنية بدفنها في مقابر السيدة زينب، وكان لها ما أرادت قصدنا مدافن السيدة زينب لقراءة الفاتحة على روح الراحلة لاحقاً. إنها نائمة بهدوء هناك". هكذا يردد، مضيفاً: "ولم أعرف النساء من بعدها. عموماً سنية امرأة من نوع فريد، رحمها الله". سألته وأنا اتفحص مائدته المفتوحة، وهي عبارة عن صحن من الجبنة البلدية خلطت بقطع من مربى اليقطين وصحن آخر من الباذنجان المقلي وغيره من اطباق المشهيات: هل تتبع نظاماً غذائياً خاصاً؟ ومن يقوم بإعداد أطباقك؟ فأجاب ان ابنة شقيقته تأتي كل صباح لتعتني بمتطلباته ثم تتركه لكتابته، فهو منكب بجد هذه الأيام على انهاء اعمال كثيرة، منها نص مسرحي بعنوان "قيام- قعود - سكوت"، شخصياتها قليلة جداً، 3 شخصيات، هي أقرب الى المونودراما ستقدم قريباً على خشبة المسرح السوري. هذه المسرحية يتحدث فيها الماغوط عن تدخل أجهزة الأمن في حياته الشخصية، وكيف حاولت تدمير حياته مع الراحلة سنية أيام نظام عبدالحميد السراج عندما اعتقل كسجين سياسي وكانت سنية الوحيدة التي تزوره في السجن تحتفظ كاتبة هذه السطور بالكثير من التفاصيل عن تلك المرحلة روتها الراحلة لها اثناء اقامتها القصيرة في مدينة الشارقة في الأمارات. الأصدقاء والزملاء والجمهور ودريد لحام قلت له هل سمعت أو عرفت عن الحملة التي شنتها بيروت على أدونيس عندما وصفها بالمدينة الميتة في أمسية اقامتها له، وكيف تبدو العلاقة بينكما الآن، وهل هناك تواصل أدونيس متزوج من الدكتورة خالدة سعيد شقيقة الراحلة الشاعرة سنية الصالح والفنانة مها الصالح زوجة أسعد فضة، فرد الماغوط سريعاً: "أدونيس دائم الحكايات ودائم الحضور في وسائل الإعلام، انه مغامر كبير وصاحب نزعة دائمة لمشاكسة السائد، وتلك ميزة كبيرة، ولا غرابة انه دائم التنقل، غير انني نصحته أكثر من مرة بالعودة الى بلده والاستقرار فيه بدلاً من التنقل الدائم بين العواصم، أعني اختيار سورية مستقراً. وقعت بيننا قطيعة استمرت 15عاماً من دون سبب محدد ثم وجدته أمامي في بيتي من تلقاء نفسه. ونتواصل هاتفياً باستمرار. أدونيس قيمة فكرية مهمة وآن له الاستقرار في موطنه". لم يسأل الماغوط عن كثر عندما تطرقنا الى تجربته الوحيدة في عالم الاغتراب في الإمارات، فقد سأل عن آخر أخبار الشاعرة ظبية خميس وعن الكاتبة القصصية المتميزة التي رعى أول أعمالها وكانت تكتب باسم سلمى مطر سيف، وأول انتاج لها كان مساهمة في "ثلاثية النشيد" القصصية، وخص الروائي العراقي جمعة اللامي بالسلام وضحك كثيراً عندما أخبرته عن زيجات الشاعر والباحث أحمد راشد ثاني وعن انتاجه البحثي، وقال: "كنت اعرف ان البعض منهم لا يتمتع بالنفس الطويل، لكنني عرفت من الوهلة الأولى ان احمد راشد سيتابع". لكنه سأل باهتمام عن الفنان ورسام الكاركاتير سعيد الفرماوي وزوجته معالي الغمري المستقرين الآن في بريطانيا، وأحمد الجمال مسؤول قسم الدراسات السياسية في صحيفة "الخليج" مطلع الثمانينات ومدير مكتب الصحيفة في القاهرة منذ سنوات طويلة وأحد الناشطين الناصريين، وأبدى أسفا شديداً لرحيل تريم عمران تريم مبكراً. أخيراً سألته عما اذا كان ينوي كتابة مذكراته او مشاهداته الخاصة في الحياة فقال: "حتى الآن لم أفكر بالأمر، وعموماً أنا عشت حياة الذئب البري ولست اجتماعياً بحيث اكتب عن مغامراتي وأحداث حياتي، وما أريد توصيله للناس عني كتبته في أعمالي وهذا ما يهم الآخرين". قبل ان اغادره طلب الماغوط مني البحث عن قميص خمري اللون في أسواق دبي وجلب أشرطة تسجيل لأغنيات فنان عتيق من البحرين يدعى أحمد الحداد وبعض تسجيلات الفنون الشعبية الغنائية والإيقاعية لمنطقة الخليج فهو مدمن على سماع هذا اللون من التسجيلات الآن. كانت الساعة تشير الى اقتراب التاسعة مساء وبدا الماغوط على استعداد للانتقال الى الشرفة الصغيرة والكتابة مردداً: "احاول مسابقة الوقت لإنهاء اعمال عالقة"، واعداً بزيارة بيروت فور الانتهاء منها، وطالباً اغلاق باب البيت ورائي عند خروجي... فلا وداع بل وعد بلقاء آخر