على رغم هبوط الانسان على سطح القمر للمرة الاولى قبل اكثر من ثلاثة عقود، فإن هذه الرحلة التاريخية لم تجب حتى الآن على أهم سؤال: كيف تكوّن القمر؟ فعلى رغم اهمية القمر في تشكيل الاتزان للارض وتنظيم دورانها والتأثير على المد والجزر في المحيطات، فهو يعد اكبر قمر في النظام الشمسي. فهناك 60 قمراً تتبع كواكب المجرة، لكنها أصغر من أي من كواكبها مقارنة بحجم القمر بالنسبة الى الارض اذ يبلغ نحو ثلث مساحتها، ومن هنا برزت صعوبة معرفة أصل تكون "قمر الارض". وفي اول رحلة للانسان الى القمر ظهرت ثلاث نظريات عن كيفية بداية تكوين القمر: الاولى وضعها ابن العالم البريطاني داروين، جورج، الذي اعتبر ان القمر انقسم من الارض وخلف فجوة كبيرة هي المحيط الهادي، لكن ثغرة ظهرت في نظريته وهي عدم تطابق صخور القمر مع نوعية صخور الارض وعمرها، اذ تحوي صخور القمر على حديد أقل وقدّر الخبراء عمر ها ببلايين السنوات. فيما اقترحت النظرية الثانية ان القمر كان اصلاً كويكباً صغيراً ارتطم بالارض وبسبب قوة الجاذبية اصبح الكوكبان متقاربين على صورتهما الحالية. لكن هذه النظرية تعتمد على احتمال ضئيل هو ان الكوكب الزائر لم يرتطم بالارض بشكل كامل والا لتدمرا معاً، ولم يرتطم بها بشكل جزئي والا لاكمل طريقه الى الفضاء الفسيح. اما النظرية الثالثة فتقول ان الارض والقمر خلقا معاً في وقت واحد من حطام كواكب اخرى كانت تدور حول الشمس، ولكن بسبب عدم تطابق الارض مع القمر من جهة العمر ومواد تكوينهما، فإن النظرية ظلت غير صالحة. فما هي الحقيقة إذاً؟ حسب كتاب جديد بعنوان "كيف تكوّن قمرنا"، يرى المؤلف دانا ماكينزي ان النظريات الثلاث مجتمعة صحيحة، والاكثر اثارة ان القمر تكون في غضون سبعة ايام. فبعد اكثر من ثلاثين عاماًَ على تجارب ومراقبة دقيقة خرج ماكينزي بأن كوكباً، اسماه "ثيا"، اقترب من الفضاء الى الارض في بداية تكوينها، ودخل المدار ذاته الذي تدور فيه الارض حول الشمس، ولكن "ثيا" لم يكن منتظماً في سرعته ومساره، فبدأ تدريجياً يقترب من الارض حتى ارتطم بها بقوة أكثر 10 ملايين مرة من الارتطام الذي اندثرت بسببه الديناصورات، وكان ذلك قبل نحو 4 بلايين سنة، فتدمر "ثيا" بالكامل فيما تناثرت شظايا ضخمة من الارض. وبدأت شظايا الارض وحطام "ثيا" الكبيرة تبلع الاصغر منها الى ان تشكل القمر في غضون سبعة ايام من الارتطام القوي.