خلصت دراسة علمية نشرتها مجلة «ساينس» الأميركية إلى تأكيد فرضية أن القمر تشكل جراء اصطدام كبير بين الأرض وجرم فضائي قبل 4,5 بليون سنة، في نتيجة تتوافق مع دراسات سابقة. فالرأي السائد بين معظم علماء الفلك المتخصصين في دراسة الكواكب هو أن القمر تشكل اثر ارتطام كوكب الأرض وجرم فضائي يعادل حجمه حجم كوكب المريخ، أطلق العلماء عليه اسم «ثيا». ولتأكيد هذه الفرضية، عكف العلماء على قياس نسب نظائر الأوكسجين والتيتان والسيليسيوم وعناصر أخرى من المادة. ويدرك العلماء أن هذه النسب تختلف من جرم إلى آخر في نظامنا الشمسي، وكان يسود اعتقاد بينهم أن هذه النسب متطابقة تماماً بين الأرض والقمر، وبناءً على ذلك فان فرضية نشوء القمر من جرم ثالث «ثيا» كانت واقعة في تناقض. ولمحاولة تبيين حقيقة الأمر، أجرت مجموعة من الباحثين الألمان قياسات جديدة أكثر دقة لنسب النظائر الموجودة على الأرض، ومقارنتها بالنسب الموجودة في الصخور القمرية التي أتت بها رحلات «أبولو» من القمر إلى الأرض. وقال دانيال هيروارتز عالم الجيولوجيا والباحث في جامعة كولن الألمانية: «تبين لنا أن الفروقات ضئيلة جداً، صحيح أنه ليس سهلاً قياسها، لكن هناك فروقات فعلاً». ويفيد هذا العالم المشارك في الدراسة بأن هذه النتائج الجديدة التي تظهر وجود فوارق وإن بسيطة، تعزز فرضية أن يكون القمر تشكل من ارتطام جرم بالأرض، ويمكنها أيضاً أن ترشد العلماء إلى العناصر الكيميائية التي كان يتشكل منها الجرم «ثيا» الذي يبدو أنه كان عبارة عن نيزك صخري كبير. وإذا تأكد هذا الرأي، سيكون ممكناً تحديد تركيبه الكيميائي، على اعتبار أن المواد المكونة للقمر، وهي معروفة للعلماء، ناجمة عن مزيج من عناصر الأرض وعناصر «ثيا». في عام 2012، أظهرت دراسة وجود تركز عال جداً من مادة «الزنك الثقيل» في صخور قمرية جلبتها فرق أبولو إلى الأرض، وهو ما عزز أيضاً نظرية تشكل القمر من ارتطام الأرض بجرم آخر. وأسفر ذلك الارتطام عن انبعاث كميات كبيرة جداً من الطاقة أذابت الجرم ثيا، وكذلك أذابت أجزاء من الغلاف الأرضي. بعد ذلك تشكلت سحابة من الصخور المتبخرة، التصق جزء منها مجدداً بالأرض، فيما ابتعد جزء آخر مشكلاً القمر.