منذ زمن طويل يثير "ذكاء" النحل مخيلة العلماء، ويبدو ان هذا الذكاء سيشكل فتحاً جديداً على صعيد الامن ومحاربة الارهاب، اذ يعكف خبراء امنيون فرنسيون وبريطانيون على اجراء تجارب على كشف المتفجرات في الحقائب تعتمد على قوة حاسة الشم لدى النحل. فالطريقة المستخدمة، تعتمد على الاجهزة الالكترونية او على الكلاب المدربة. وتقوم الطريقة الجديدة التي لا تزال في طور الاختبار على فحص الحقائب بواسطة علبة توضع فيها ثلاث نحلات مدرّبة على كشف رائحة المتفجرات وفي مواجهتها كاميرا صغيرة مربوطة بشاشة تستطيع تكبير رؤوس النحلات 20 مرة، فإذا عمدت نحلتان من الثلاث الى مد لسانيهما فمعنى ذلك ان هناك حتماً مواد متفجرة في الحقيبة. واستند الخبراء في تجاربهم الى حاسة الشم لدى النحل التي يتواصل بها داخل خليته والتي تجعله حساساً جداً في بيئته، فبواسطة "انتاناته" يستطيع التقاط جزئيات تسبح في الهواء. والاهم ان النحل هو الوحيد بين الحشرات الذي يمكن تدجينه، فمنذ العصور الغابرة استطاع الانسان ان يقف على تفاصيل حياة هذه الحشرة ويستخدمها في انتاج العسل وتطويره. ويتعامل الخبراء في تجاربهم على النحل مع هذه الحشرة مثل تعاملهم مع حيوان عادي، مثل الكلب، فبعدما تمد النحلة لسانها تدليلاً على وجود مواد متفجرة، يعمد مدربها او مستخدمها الى مكافأتها بتقديم السكر لها. وتستند هذه الطريقة الى نظرية العالم الروسي الشهير ايفان بافلوف حول آلية العلاقة بين الصوت والطعام، فهو عمد الى دق الجرس ثم قدّم لكلب مسحوقاً من اللحم، وبعد تكرار المحاولة بضع مرات اصبح لعاب الكلب يسيل ما ان يسمع رنين الجرس وليس ما ان يتم تقديم الطعام له، وهكذا النحل. ويتوقع العلماء ان يكون للنحل مستقبل باهر في مجال مساعدة الانسان. ففي الطب يمكن لهذه الحشرة ان تكشف مواد معينة في اللهاث، وان تميز العطر الاصيل من العطر الزائف. واذا كان الكلب لا يزال حتى اليوم الوسيلة الاولى لاكتشاف المتفجرات والمخدرات، الا ان تكاليف تدريبه لا تقارن بتكاليف تدريب نحلة. فالكلب يحتاج الى حوالي خمسة اشهر من التدريب تكلّف بين عشرة آلاف وخمسة عشر الف دولار، بينما تكفي ساعة واحدة لتدريب العشرات من النحل. وكان الاميركيون لجأوا الى النحل لكشف الالغام ضد الافراد، واجرت مختبرات الجيش الاميركي تجارب سرية بواسطة فرق كاملة من النحل، لكن ظهرت صعوبة اساسية في طريقة ضبط النحل، فالكشف عن الالغام يتم في العراء وفي وضح النهار، والنحيل يميل عادة الى الطيران بعيداً. انه مستقبل واعد، ولا شك، على صعيد الامن، ليس للنحل بل للانسان!