مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    ترامب يشتكي من تنكيس الأعلام في يوم تنصيبه    سوبر إيطاليا.. الإنتر والميلان    «ظفار» احتضنهما.. والنهائي يفرقهما    عُمان أمام البحرين.. دوماً في أمان    افتتاح طريق التوحيد بمنطقة عسير    ريال مدريد ينتفض في الوقت الضائع ويهزم فالنسيا ب 10 لاعبين    وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة يزور فرع الوزارة في جازان ويتابع سير العمل فيه    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يكسب أوزباكستان وديّاً    أمير عسير يستقبل رئيس جمهورية التشيك في بيشة    معرض صناع العطور في دورته العاشرة ونسخته في عام 2024    جمعية التنمية الأسرية تعرض خدمات مركز الأنس بصبيا    حازم الجعفري يحتفل بزواجه    الأرصاد: حالة مطرية بين المتوسطة والغزيرة على مناطق المملكة    الشرع يبحث مع ميقاتي العلاقات بين سوريا ولبنان    غرفة جازان ومركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني يعززان شراكتهما لدعم التنمية الإعلامية في المنطقة    وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة يزور مسجدي التابوت والنجدي الأثريين بجزر فرسان    مدير الأمر بالمعروف يزور مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة توزع 1.000 سلة غذائية في باكستان    حرس الحدود يحبط تهريب (56) كجم "حشيش" و(9400) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    العُلا تستضيف نخبة نجوم لعبة «البولو»    انطلاق ملتقى الشعر السادس بأدبي جازان الخميس القادم    موقف الهلال من قيد نيمار محليًا    انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان الفقع بمركز شري    تسجيل 1267 حالة وفاة بجدري القردة في الكونغو الديمقراطية    خطيب المسجد النبوي: نعم الله تدفع للحب والتقصير يحفز على التوبة فتتحقق العبودية الكاملة    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الرابعة لمساعدة الشعب السوري    «الجمارك» تُحبط 3 محاولات لتهريب أكثر من 220 ألف حبة محظورة    وسط مخاوف من الفوضى.. حرس الرئاسة يمنع اعتقال رئيس كوريا الجنوبية    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الرابعة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري    مظلات الشحناء والتلاسن    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    كيف تتجنب ويلات الاحتراق النفسي وتهرب من دوامة الإرهاق؟    لتعزيز سعادتك وتحسين صحتك.. اعمل من المنزل    5 أخطاء شائعة في تناول البروتين    كيف ستنعكس تعديلات أسعار اللقيم والوقود على الشركات المدرجة؟    ذلك اليوم.. تلك السنة    الاستضافات الرياضية.. المملكة في المقدمة    خشونة الركبة.. إحدى أكثر الحالات شيوعاً لدى البالغين    عبير أبو سليمان سفيرة التراث السعودي وقصة نجاح بدأت من جدة التاريخية    عام جديد بروح متجددة وخطط عميقة لتحقيق النجاح    محمد الفنتوخ.. الهمّة والقناعة    الصراعات الممتدة حول العالم.. أزمات بلا حلول دائمة    سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية    لماذا لا تزال الكثيرات تعيسات؟    الأكراد.. التحديات والفرص    ابتسم أو برطم!    عام الأرقام والتحولات الكبيرة السياسة الأمريكية في 2024    1.3 مليون خدمة توثيقية.. عدالة رقمية تصنع الفارق    سُلْطةُ الحُبِّ لا تسلّط الحرب    السعودية تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود    استقبله نائب أمير مكة.. رئيس التشيك يصل جدة    محافظ محايل يلتقي مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة تنظم دورة للأئمة والخطباء في نيجيريا    أمين الرياض يطلق مشروعات تنموية في الدلم والحوطة والحريق    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطينيو 48 بين نارين فهل تتوقف عملياتهم الاستشهادية ؟!
نشر في الحياة يوم 09 - 09 - 2002

ثلاثة نواب عرب في الكنيست يتحدثون الى "الوسط" مؤكدين ان الاسرائيليين يحاولون استبعاد العرب، الذين يشكلون حوالى 20 في المئة من السكان الاسرائيليين، عن دائرة التأثير السياسي في اسرائيل، ليحسموا القرار في اطار يهودي - يهودي.
ويدعو النواب الى عدم اللعب في ملعب اليمين بهدف اجهاض مخططه. والشرط الاول لذلك هو "الامتناع عن المشاركة في العمليات الاستشهادية الفلسطينية ضد اهداف اسرائيلية".
عائلة "بكري"، التي تعد 1200 نفس في قرية البعنة الجليل تعتبر واحدة من العائلات الكبيرة المعروفة في صفوف عرب اسرائيل فلسطينيو 48. فخلال نصف القرن الاخير تميزت بدور نضالي وطني مسؤول، من اجل الحفاظ على الارض العربية من سياسة النهب الاسرائيلية والمساواة في الحقوق واقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل. وبرز بين صفوفها عدد من الشخصيات الوطنية مثل المحامي حسن بكري والممثل السينمائي والمسرحي محمد بكري الذي يعتبر احد اهم النجوم الفنية في اسرائيل، والسياسي الدكتور محمد بكري الذي انتخب مرتين لرئاسة المجلس البلدي والصحافي قاسم بكري وغيرهم، من الذين يعتبرون من القوى الوطنية المعتدلة التي لا تؤمن بالعنف ولا تشارك فيه.
لكن هذه العائلة أصبحت فجأة نموذجا في التطرف والعداء لاسرائيل، تتعرض لهجوم جماعي شرس من قادة الشرطة والاستخبارات الى درجة ان اكبر صحيفتين عبريتين "يديعوت احرونوت" و"معريب" خرجتا بعناوين صارخة ضدها وأطلقتا عليها اسم "عائلة القتل"، لتجد العائلة نفسها في موقع الدفاع عن وجودها وسمعتها وسلامة بيوتها واهلها بين ليلة وضحاها.
والسبب: الكشف الاسرائيلي عن ان منفذ العملية الانتحارية في مفرق صفد يوم 4 آب اغسطس الماضي، التي قتل فيها تسعة اسرائيليين بينهم عربيان وجرح اكثر من 50 بينهم عشرة عرب، كان على معرفة باثنين من أفراد هذه العائلة، ابراهيم محمد بكري وياسين حسن بكري، اللذين عرفا بخطته واستقبلاه في منزليهما قبل العملية بيومين، وساعداه على اخفاء العبوة الناسفة واختيار حافلة الركاب المناسبة لمهمة التفجير ونقلاه الى مكان العملية.
إلا ان مصدر هذه المعلومات هو الشرطة الاسرائيلية، ولا يمكن التحقق منها في هذه المرحلة، اذ ابراهيم وياسين بكري ما زالا مشبوهين وربما متهمين. ولم تثبت ادانتهما بعد. مع ذلك فإن النشر الاعلامي وتصريحات السياسيين الاسرائيليين تدينهما ومعهما كل عائلة بكري من دون محاكمة، حتى ان مدير الشرطة عقد مؤتمراً صحافياً درامياً للكشف عن "خلية فدائية كبيرة من عرب اسرائيل تشارك في جريمة القتل الارهابية" تضم سبعة مواطنين اصبحوا الآن ثمانية والشرطة تعلن انها ستعتقل المزيد.
ويتضح من فحص اولي لبيانات الشرطة ان بين المعتقلين امرأة متهمة بأنها ناولت زوجها مفتاح حضانة الاطفال التي تديرها العائلة، فقام هو بإعطائه الى الفدائي الفلسطيني، وهكذا.
ولا يقتصر التحريض الاسرائيلي على عائلة بكري بل يتعداه الى تحريض عنصري ضد كل المواطنين العرب من فلسطينيي 1948، إذ راحوا يطلقون عليهم اسم "طابور خامس داخل اسرائيل" ويشككون في مواطنيتهم ويتهمونهم بخيانة الامانة مطالبين بطردهم من الدولة "انهم يحاربوننا ويقتلون اطفالنا وجنودنا ونساءنا، فلماذا نسمح لهم بالعيش معنا. ليذهبوا الى امتهم العربية في العالم العربي الرحب...".
وفي استطلاع رأي نشرته صحيفة "معريب" قال 73 في المئة من الاسرائيليين انهم يرون في المواطنين العرب خطرا امنيا عليهم. والمذهل ان هذا الانطباع ساد 58 في المئة من انصار احزاب اليسار ايضا.
وحاول بعض المعتدلين الاسرائيليين من الحكومة حزب العمل والشرطة بعض الضباط واعضاء الكنيست والصحافيين مواجهة هذه الهجمة. فقالوا انه خلال كل شهور الانتفاضة 23 شهرا تم اعتقال 131 مواطناً عربيًا في اسرائيل للاشتباه بأنهم شاركوا او حاولوا المشاركة في عمليات، نصفهم لاسباب جنائية تجارة مخدرات او سرقة وبيع اسلحة والنصف الثاني ممن ارتكبوا مخالفات بسيطة. فقط 10 اشخاص منهم كانوا جادين في الانتماء الى التنظيمات الفلسطينية ومساعدتها في العمليات، بينهم مواطن واحد فقط اقدم على عملية انتحار، ما يدل على انها ليست ظاهرة. الا ان اليمين الاسرائيلي لم يقتنع، بل اعتبرها فرصة لمزيد من التحريض. ودخل فلسطينيو 48 في نقاش داخلي مهم حول كيفية الخروج من هذا المأزق ولماذا وصلوا اليه. وطرحت في الموضوع تساؤلات كثيرة، منها:
- لماذا يتزايد عدد المواطنين العرب في اسرائيل المشاركين في مثل هذه النشاطات، التي تضر بمصالحهم وحتى بمصالح شعبهم؟
- لماذا تقوم التنظيمات الفلسطينية المسلحة بتجنيد هؤلاء الشباب، مع انها تعرف تماما ما هي خطورة ذلك عليهم وعلى كل السكان العرب في اسرائيل وتهدد وجودهم في وطنهم؟
- الا تعتبر تلك عمليات يائسة تدل على عمق أزمة فلسطينيي 1948؟
- ما هو دور الحكومة الاسرائيلية في كل ذلك، وهل تستخلص هي النتائج ايضا وتكف عن سياستها العنصرية؟
- ما هو الهدف من هذه الهجمة؟ هل هي مجرد صرخة غضب ام هي عملية تخويف وترهيب ام انها مقدمة لما هو اكبر واخطر؟
هذه الاسئلة وغيرها مطروحة على أعلى مستويات القيادة الاسرائيلية من جهة والشارع العربي في اسرائيل، وحتى في قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية من جهة اخرى. والى جانب ما تتضمنه من نقد ذاتي، هناك اتهامات مباشرة للسلطات الاسرائيلية، تقول انها اكبر المعنيين بالارهاب، وتتهم استخباراتها بالعمل خلال سنين طويلة على خلق بدائل للحركة الوطنية عن طريق تشجيع قيام جهات متطرفة. وسبق ان فعلت ذلك في الماضي، وهي عادت الى الاسلوب نفسه بواسطة ألوف عملائها في المناطق المحتلة. وزادت الشكوك أكثر عندما اعتقلت الاستخبارات حوالى عشرة مشبوهين عرب من اسرائيل نتيجة وشاية قام بها بعض الفلسطينيين، كما حصل للشابة سعاد ابو حمد من الناصرة، قبل حوالى اسبوعين. وهناك من يرى ان الاستخبارات الاسرائيلية تقف وراء توريط شبان وشابات من فلسطينيي 48 عن طريق العملاء الذين تشغلهم اسرائيل معها وبكثرة. لقد زاد هذا الوضع من التساؤلات ووجدنا ايضا اختلافا في الآراء والمواقف بين قياديي فلسطينيي 48، خصوصا النواب العرب في الكنيست من مختلف الاحزاب السياسية.
لكن الامر الاساسي هو ان الجميع يرفض الحديث عن ظاهرة بين فلسطينيي 48، وكما يقول النائب عبدالمالك دهامشة من "الحركة الاسلامية" رئيس "القائمة العربية الموحدة": "لا يزال الحديث يتركز على مجرد اشتباه بارتكاب مخالفات، ونحن نعرف انه ينطبق على هذه الزوبعات الاسرائيلية المثل القائل: تمخض الجبل فولد فأرا. وقد شهدنا العديد من الحالات كيف خرج المتهمون ابرياء من دون تقديم حتى لائحة اتهام ضدهم. ومع حملة التحريض المكثف منذ اكثر من سنتين، نرى ان المبالغة في التعامل معنا تزداد بشكل لا يمكن قبوله او حتى فهمه احيانا. فعندما يعتقل المشتبه به يعتقل معه عمه وشقيقه وافراد من عائلته، وواضح ان الاستخبارات الاسرائيلية تهدف من وراء هذا الاسلوب الى فرض جو من الخوف والرعب على السكان كأنهم جميعا متهمون. وهذه طريقة ارهابية رخيصة تستخدمها الاستخبارات الاسرائيلية".
واضاف دهامشة: "اهداف هذه الهجمة على فلسطينيي 48 تظهر بوضوح عندما نقارن الوضع بالتعامل مع اليهود الذين في مثل وضعيتهم، فالسلطات الاسرائيلية اعتقلت العديد من اليهود بتهمة تعاونهم مع تنظيمات فلسطينية وبيع الاسلحة لها، ولم يتهم هؤلاء اليهود بالقتل ولم يقل احد عنهم انهم "قاتلون... قاتلون"، كما قال ضابط الشرطة الاسرائيلي عندما تحدث عن عائلة بكري. ولم تطالب المستوطنة كلها بالاعتذار او اصبحوا جميعا متهمين. اما عندنا فالامر مغاير تماما، العائلة وكل الوسط العربي والقيادة العربية يصبحون وراء كل تهمة أمنية متهمين".
بدوره يقول النائب محمد بركة رئيس "الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة": "صحيح ان هناك ارتفاعاً في عدد المشاركين في هذه العمليات لكن لا يمكن تسمية ما يحدث بالظاهرة. لا شك ان هنالك خصوصيات لنضالنا، واخرى لنضال شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع الذي يناضل من اجل انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، اما نضالنا نحن فهو من اجل البقاء في وطننا والحفاظ على وجودنا وانتمائنا.
ان موضوع الانتماء الوطني مشترك مع ابناء شعبنا الفلسطيني لكن موضوع المواطنة مختلف، اذ انهم يسعون الى مواطنة فلسطينية فيما نسعى نحن من اجل مواطنة متساوية في وطننا والدولة التي نعيش فيها".
ويرى النائب احمد الطيبي، رئيس حزب "الحركة العربية للتغيير" ان ما يحدث يعكس "الشعور بالغضب والحماسة والرغبة بالثأر والانتقام لدى بعضهم جراء كل الجرائم التي تجري، ولكن مع هذا فكل ما يجري ليس مبررا للولوج في عمليات عسكرية لمواطنين في اسرائيل. فهذا تجاوز للخط الاحمر بالنسبة الى القوانين والانظمة".
ويضيف الطيبي: "هذه الهجمة لم تبدأ اليوم. الشكوك تجاه الجماهير العربية قائمة على مدى السنوات الماضية، وتنامت عند احتلال 1967، بعد تنامي الشعور الوطني الفلسطيني والقومي العربي لدى الجماهير العربية. هذا التعامل العدائي مع الاقلية العربية والمواطنين العرب وصل الى ذروته في هبة تشرين الأول اكتوبر عندما تعاملت الدولة الاسرائيلية معنا كأعداء وليس كمتظاهرين فسقط منا 13 شهيدا برصاص الشرطة الاسرائيلية والقناصة من قوات الامن الاسرائيلية. ثم تنامت هذه الظواهر العدائية لتصل ذروتها في كل مرة يكشف فيها عن تورط او حتى اتهام اي فرد منا بالضلوع بعمليات ذات طابع عسكري او معاد لامن الدولة. فتبدأ حملة شاملة كاسحة منهجية ضد المتهم وعائلته وبلده والجماهير العربية بشكل عام، الامر الذي لا يحدث عندما يكون المتهم يهودياً. ويكفي ان نشير الى يغئال عمير قاتل رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق اسحق رابين، فهو وشقيقه حجاي قتلا رئيس حكومة ولكن لم نسمع كما سمعنا من وسائل اعلام اسرائيلية بتشبيه عائلته بعائلة "الموت"، ولم نقرأ عن هرتسليا كما قرأنا عن قرية البعنة التي تسكنها عائلة بكري: "قرية المخربين". ان هذا كله يؤكد ان النية مبيتة بالشعور العدائي المنطلق من دوافع سياسية. وبمشاركة الاعلام من جهة والسياسيين وجهاز الاستخبارات الذي يروج لهذه التهم من جهة اخرى".
ويؤكد الطيبي ان: "نضال فلسطينيي 48 هو سياسي جماهيري برلماني شعبي وليس عسكريا، لذلك اذا ثبتت التهمة ضد من اعتقل فنحن نقول اننا نعارض مثل هذا النوع من العمل. هناك فرق بين شعب يعيش تحت الاحتلال ومواطنين يناضلون ضد سياسة التمييز العنصري. لذلك اؤكد ان النضال برلماني جماهيري قانوني حتى عندما يكون القانون ضدنا. والامر الخطير الذي علينا الحذر منه ان اليمين الاسرائيلي يتحين فرصا كهذه لينقض على الجماهير العربية وينزع عنها الشرعية بشكل منهجي وتدريجي مما يعطي شرعية لسياسة الترانسفير. علينا ان ندرك المكانة المميزة للجماهير العربية بصفتها جزءا من الشعب الفلسطيني من جهة ومواطنين في اسرائيل من جهة اخرى. لذلك ندعو ونناشد كل الفصائل الفلسطينية عدم اقحام شبابنا في أي عمليات عسكرية من شأنها ان تعطي ذخيرة لأولئك الذين يريدون ان ينقضوا علينا".
ويضيف النائب دهامشة: "نحن نناضل من اجل المساواة، فكل الاحزاب العربية والحركة الاسلامية على رأس الجميع، وضعت خطا احمر لا تتعداه هو القانون. علينا الا نخالف القانون. ولكن ضمن الخط الاحمر هذا نناضل بعناد واصرار من اجل المساواة في حقوقنا المدنية وكمواطنين، ولا نقبل بأقل من حقنا بالمساواة الكاملة، لكن هناك مرارة لدى الشباب العرب وكل من يشاهد الفضائيات ويرى الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الانسانية والمفاهيم والاعراف الدولية يثور. فاسرائيل ترتكب الجرائم يوميا في قطاع غزة والضفة الغربية، مما يثير الغضب والحدة في النفوس. وهناك من يصل الى قناعة بمساواة الحياة مع الموت، فإخواننا في الضفة وغزة الذين ينفذون هذه العمليات يقولون بشكل واضح لا حاجة لحياتنا هذه فكلها قمع ومجازر وإذلال يومي ولا نحظى بفسحة امل للمستقبل".
وامام الواقع الذي نعيشه، يقول دهامشة: "لا نعلن الكفاح المسلح ولا نحارب الدولة التي نعيش فيها، بل نناضل من اجل المساواة ومن أجل الحصول على حقوقنا الشرعية وضمن القانون. نحن نناصر القضية الفلسطينية بعدالتها، سياسيا وفي كل موقع وبالاغاثة وتضميد الجروح وكل هذا ضمن القانون المشروع".
وينظر النائب محمد بركة بخطورة الى الوضع الذي آلت إليه الاوضاع في اسرائيل ويقول: "ان تدهورا حاصلاً الان داخل اسرائيل في المجالات السياسية وعلى صعيد التشريع ضد العرب وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ولا يشعر اقطاب الحكومة بأي حرج إزاء هذا التدهور. هذه الهجمة ستستمر ولن تحدث تغييرات فيها الا بشروط، أولها تفكيك حكومة الوحدة الوطنية وظهور معارضة حتى لو لم نكن راضين عنها. كذلك هناك حاجة لان تؤدي السياسة الاقتصادية، التي تضرب اليهود ايضا، الى وعي داخل الجمهور اليهودي بأن هناك علاقة بين الحرب والتحريض والعنصرية وبين مستوى الحياة. ونحن فلسطينيي 48 مطالبون بأن لا نلعب في ملعب اليمين، لا من خلال التقوقع القومجي الفارغ واطلاق الشعارات الطنانة، ولا من خلال الزحف على البطون والتبعية للاحزاب الصهيونية. علينا تأدية واجبنا بشكل واعٍ ومسؤول وشجاع".
ويضيف بركة: "ان موضوع المواطنة الذي تدعي اسرائيل انه السبب لمحاسبتنا على انتمائنا الوطني يتعرض بنفسه الى هجمة اسرائيلية. فتخرج اسرائيل الى حرب مع شعبنا الفلسطيني من دون ان تأخذ في الاعتبار ان 20 في المئة من مواطنيها فلسطينيون بمعنى انها تخوض حرباً ضدهم. فالحرب الفلسطينية هي ضدنا، ودولة طبيعية كان يجب ان تأخذ في الاعتبار العلاقة بيننا نحن وبين شعبنا في المناطق الفلسطينية الذي تخوض الحرب ضده. واسرائيل تتحمل بنفسها مسؤولية ان يصل اي انسان يريد ان يساهم في التضامن مع شعبه الى نتيجة لا تتلاءم مع متطلبات نضالنا. فاسرائيل هي التي اغلقت امامه اي افق من أجل التأثير على القرار السياسي في الدولة التي يعيش فيها كما اغلقت امامه اي افق من اجل الحصول على مواطنيته".
هل معنى ذلك ان مساهمة فلسطينيي 48 بأعمال مسلحة هو عمل شرعي؟
- لا. لكننا نقول اننا نرفض هذه العمليات ومشاركة شباننا فيها ليس من اجل خاطر شارون، انما من اجل قيمنا الاساسية بعدم المس بأبرياء، وبأن هذه الاعمال تتنافى مع مصلحة الشعب الفلسطيني. ونرى انه يجب التدقيق للحفاظ على نضالنا والتوفيق بين وطنيتنا ومواطنيتنا او انتمائنا للوطن. نحن نرفض المشاركة في هذه العمليات، ولكن هناك من يريد التسلق على الموضوع. وقد دعونا الفصائل الفلسطينية بألا يقحموا شبابنا في هذ الموضوع. فليدعونا ندعم ونساهم في كفاح شعبنا الفلسطيني من خلال موقعنا المتميز وليس من خلال خلط أوراق لا تفيد احدا.
هناك من يرى ان الاقدام على خطوات كهذه يعكس عدم وعي لطبيعة نضال فلسطينيي 48 الى جانب ابناء شعبهم في المناطق الفلسطينية؟
- نستطيع القول ان هناك نوعاً من عدم ادراك العواقب ومن انسداد الافق. اسرائيل لا تعطي افقاً للاشراك في تغيير المضمون من خلال المشاركة في المعادلة السياسية، لذا نرى في هذا المضمون ايضا الهجمة على النواب العرب ومحاولة ابعادهم عن اي مساهمة في اتخاذ القرار السياسي في اسرائيل.
اي اساليب ترونها مناسبة لمساندة الشعب الفلسطيني؟
- اولا يجب علينا ان نؤكد اننا جزء من الشعب الفلسطيني لكننا لسنا جزءا من حقه في تقرير المصير. فالحل الذي وصلت اليه القيادة الفلسطينية والعالم العربي هو اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. وبما أننا جزء من الشعب الفلسطيني علينا واجب المساهمة في معركته من اجل التحرر والاستقلال. وكوننا لسنا جزءاً من حقه في تقرير المصير يفرض علينا وسائل مختلفة جذرية عن الوسائل التي يتبعها. لذلك نحن نعمل من خلال المعادلة الداخلية في اسرائيل، ونعتقد بأن المهمة الاساسية التي من الممكن ان نقوم بها ولا يستطيع القيام بها اي جزء من ابناء الشعب الفلسطيني في اي مكان هي التأثير على القرار السياسي وعلى المجتمع الاسرائيلي. لذا فأي مظهر من مظاهر التقوقع بدافع الوطنية داخل الفلسطينيين في اسرائيل هو عمليا يخطئ الجوهر الاساسي للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني. فالعمل من خلال المجتمع الاسرائيلي والخارطة السياسية والتأثير على القرار السياسي والتعاون مع القوى الديموقراطية اليهودية، الى جانب التظاهرات والاضرابات والاحتجاجات التي نقوم بها، هي اساليب داعمة للقضية الفلسطينية.
وكيف ترى هجمة اليمين على فلسطينيي 48؟
- ان هجمة اليمين علينا لم تبدأ مع بداية مشاركة اي من ابنائنا في عملية مسلحة. فقد بدأت هذه الهجمة من خلال تخطيط واع واستراتيجي لاهدافه الاساسية، وهو ان وضع اليمين في السلطة سيبقى متأرجحاً طالما ان للعرب الفلسطينيين دورا في السياسة الاسرائيلية. واذا جرى إقصاء العرب الفلسطينيين في اسرائيل خارج معادلة التأثير السياسي وإذا امكن خارج اسرائيل كلها، فهذا سيحسم الامور بالكامل لمصلحة اليمين. اذ لا يمكن ان يكون فلسطينيو 48 جزءا من قرار الحرب الاسرائيلية ولكن قرار السلام الاسرائيلي لا يمكن ان تقوم له قائمة من دون فلسطينيي 48. اليمين يدرك هذه الحقيقة، لذا يريد اخراج 20 في المئة من بينه خارج المعادلة ليدخل الحلبة السياسية في الوسط اليهودي من دون معارضة، وهو نجح في العديد من برامجه وان لم يكن قد أخرجنا خارج البرلمان، فعلى الأقل زعزع شرعية أي تعاون معنا. لذلك فإن الكنيست عملياً لا تضم 120 عضواً من أجل اقامة الائتلاف انما 110 اعضاء، أما العشرة الباقون، أي النواب العرب، فقد اخرجوا من الحساب السياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.