السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    المملكة تتصدر دول «العشرين» في نسبة نمو عدد السياح الدوليين    النفط يسجل مكاسب أسبوعية 4 % مع خفض أسعار الفائدة الأميركية    البنية التحتية الرقمية في المملكة.. تفوق عالمي    279,000 وظيفة مباشرة يخلقها «الطيران» في 2030    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    فرنسا تعلن تشكيل حكومة يمينية جديدة برئاسة بارنييه وسط انتقادات سياسية حادة    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    «ميترو قول» يواصل صدارة هدافي روشن    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    مسيرة أمجاد التاريخ    نوابغ المستقبل.. مبرران للفخر    الملك سلمان.. عنوان العمل الإنساني !    هنأت رئيسي مالطا وأرمينيا وحاكم بيليز.. القيادة تعزي ملك البحرين    خيسوس: المستوى الذي وصلنا له صعب على أي فريق أن يتغلب علينا.. والهلال بحاجة ملعب خاص به    ليكن التغيير لإحداث الفرق يا نصر    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    فأر يجبر طائرة على الهبوط    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    يوم مجيد لوطن جميل    أحلامنا مشروع وطن    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    رئاسة اللجان المتخصصة تخلو من «سيدات الشورى»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جورج سوروس في البلقان : المستثمر الغامض !
نشر في الحياة يوم 22 - 07 - 2002

برزت نشاطات الممول اليهودي، الهنغاري، الاميركي جورج سوروس في منطقة البلقان من خلال صندوق مؤسسته "المجتمع المفتوح" منذ انهيار يوغوسلافيا السابقة قبل نحو عشر سنوات، وواجه مواقف متباينة اتسمت بمواجهات حامية مع سلطات العديد من دول المنطقة وانتقادات لاذعة من قطاعات شعبية خصوصاً القومية واليسارية منها.
ففي صربيا، تم توقيف مشاريعه نتيجة القاء اجهزة امن الرئيس آنذاك سلوبودان ميلوشيفيتش القبض على العديد من العاملين معه "لانهم مارسوا نشاطات خطيرة ضد امن الدولة" واعتبرته صحف بلغراد الموالية للحكومة السابقة "لصاً مخادعاً" استغل الحروب والمحن والمشكلات لوضع يده على امور حيوية مهمة في دول المنطقة، وتعمد اثارة الضجيج وتأجيج المواجهات الاعلامية بين ابناء البلد الواحد من خلال ادخال انواع فاسدة ومضرة على مواد من مساعداته ذات اهمية للطبقات الفقيرة، كالحليب المجفف والادوية الخاصة بأمراض الاطفال، التي اضطرت السلطات الصحية الى رفضها لعدم صلاحيتها، فدفع ب"عملائه" الى الادعاء والحديث عن رفض الحكومة لمساعداته "لانها تضع الاعتبارات السياسية فوق مصلحة شعبها".
وفي كرواتيا، بعدما انفق سوروس 19 مليون دولار في "دعم الجوانب الادبية والثقافية وتقديم المساعدات الداخلية والمنح الدراسية الخارجية للطلبة، وتوفير الامكانات المالية للعديد من وسائل الاعلام" اوعز الرئيس الكرواتي آنذاك فرانيو توجمان باغلاق مكاتبه "لانها انتهكت قوانين البلاد، لتهربها من دفع الضرائب المستحقة عليها، اضافة الى مخالفتها اللوائح التجارية وابواب صرف العملة الصعبة وتدوينها معلومات غير حقيقية في سجلاتها ما يقع تحت طائلة صلاحيات القضاء".
وهاجمت صحف زغرب الحكومية "وسائل سوروس القذرة في الظهور بشكل مساعد للمواطنين ومخفف من معاناتهم، ومتعاون مع الحكومة، لكنه في الحقيقة على عكس ذلك تماماً" مشيرة الى ان شرطة مكافحة الجرائم "كانت بالمرصاد للعاملين في مكاتبه الكرواتية، حيث القت القبض على العديد منهم وهم متلبسون بمخالفات قانونية" وقوّمته بانه "يتعمد جعل نشاطاته في الدول الجديدة وغير المستقرة بعد، لكي يتحرك كما يشاء مستغلاً ضعف حكوماتها وحال الصراع القائمة فيها".
اما في مقدونيا، فان سوروس لاقى في البداية الترحيب باعتبار ان الدولة الجديدة الفقيرة، بحاجة الى اي مساعدة ومن اي جهة جاءت، فوجد ان ابواب كل المسؤولين مفتوحة له خلال زياراته لسكوبيا، بما فيها مقر رئيس الجمهورية آنذاك كيرو غليغوروف، لكن سرعان ما سدت امامه هذه الابواب جميعاً، واصدرت الحكومة بياناً توضيحياً لاجراءاتها ضده "لانه قدم الهبات بشكل يخالف اتفاقه المبرم مع الجهات الحكومية التي سمحت له بفتح مكاتبه".
وفي العاصمة البوسنية ساراييفو التي كان يسيطر المسلمون البوشناق عليها، فإن الوضع بدا مريحاً لسوروس نتيجة ظروف الحرب، فقام مكتب مؤسسته بنشاطات واسعة في المجالات الثقافية والاعلامية والمساعدات المالية، ومن ذلك تأسيس محطات اذاعة وتلفزيون واصدار مجلة باسم "سلوبودنا بوسنة" بوسنة الحرة التي لا تزال تصدر تحت الشعار الذي وضعه لها منذ عددها الاول "مجلة مصورة اعلامية مستقلة".
لكن مجلة "ليليان" ذات الاتجاه الديني الاسلامي، الصادرة في ساراييفو، انتقدت بشدة نشاطات سوروس معتبرة انها تشكل "تدخلاً يهودياً مدعوماً من الجهات الاستخباراتية الاميركية في شؤون البوسنة" في حين تساءلت صحيفة "اوسلوبوجينيا" عن "مصدر المبالغ التي صرفها سوروس في منطقة البلقان خلال العام 1995 والتي بلغت زهاء 350 مليون دولار".
وفي العاصمة البلغارية صوفيا، ذكرت صحيفة "24 ساعة" ان سوروس اثار في بلغاريا مشكلات ادارية واستثمارية وضرائبية، كما تدخل في الانتخابات البرلمانية، مشترطاً على الذين يساعدهم العمل على اساس نصائحه في مجالات السلطة، وذلك ضمن هدفه بادخال اشخاص مرتبطين به الى اجهزة الحكم المؤثرة من اجل السيطرة الشاملة على المجالات الاقتصادية للدولة البلغارية، وذلك بالشكل الذي فرض استراتيجيته الاقتصادية على دول اخرى، منها هنغاريا وبولندا واوكرانيا وروسيا "خارقاً استقلال هذه الدول وسيادتها".
وتتوجه الاتهامات الى سوروس في بلغاريا بأنه احد الاطراف الرئيسية التي عملت على تدمير المشاريع الزراعية والحيوانية الناجحة ذات الانتاج الوفيرة والى وقف عمل المشاريع الصناعية من خلال تعطيلها بعد خصخصتها الارتجالية، وذلك لجعل بلغاريا مضطرة للخضوع للهيمنة الاميركية السياسية والاقتصادية والعسكرية.
ونقلت الصحيفة عن مثقف بلغاري ان سبب ما لحق ببلغاريا من دمار وفقر وفوضى وفضائح وجرائم منظمة، خلال السنوات العشر الاخيرة، يعود الى "خضوع سلطاتها للتوجيهات الخارجية. وستستمر هذه الحال المأسوية في التفاقم ما لم يوضع حد لتمادي سوروس ومن هم على شاكلته في اللعب بالشؤون البلغارية".
واما في البانيا، فإن سوروس كان دائماً موضع ترحيب، ومنحه الرئيس الالباني رجب ميداني ارفع وسام للدولة الالبانية وسام القائد الالباني التاريخي اسكندر بيك لانه قدم خدمات ومساعدات لالبانيا على الاصعدة الحضارية والثقافية والتعليمية بلغت قيمها 13 مليون دولار".
سوروس يدافع
ويدافع سوروس عن نفسه مهاجماً معارضيه في منطقة البلقان بقوله: "الطغاة لا يريدونني، لانهم يسعون الى الاستمرار بأنظمتهم الديكتاتورية، ولذا يطالبون ان يتولوا هم توزيع الدعم الذي اقدمه، وذلك بشكل يحجبونه عن معارضيهم والاعلام الحر ومؤسسات الاقليات العرقية والدينية".
واوضح ان مساعداته تشمل الفنانين والادباء والصحافيين والاطباء واللاجئين والمدارس والمستشفيات ولغات الاقليات، وتنطلق من الدفاع عن بعض المبادئ التي يؤمن بها.
واشاد سوروس بالتظاهرات الطلابية التي شهدتها بلغراد في ذلك الوقت ضد ميلوشيفيتش ودعا الى استمرارها وزيادة زخمها بقوى شعبية كي تحقق التغييرات السياسية والاقتصادية التي تطالب بها، وظهور البدائل المطلوبة، واعترف بأنه "قدم دعماً خاصاً بمئة مليون دولار للتظاهرات ضد الحكومات في روسيا ودول اوروبا الشرقية".
وانتقد سوروس بشدة الرئيس الكرواتي آنذاك فرانيو توجمان ووصفه بالقومي المتطرف شوفيني قائلاً انه "قام بتطبيق مختلف الاساليب الديكتاتورية العرقية، وكأنه اب القومية الكرواتية وزعيم الحكم الذي ينبغي التصفيق له دائماً". ودعا المثقفين الكروات الى الاتحاد والنضال حول هدف "اعادة عمل مؤسسات المجتمع المفتوح".
وحول البوسنة اعتبر ان مساعداته التي بلغت 50 مليون دولار سنوياً، ساهمت في انهاء الحرب وتقديم العون للمثقفين ورفع المعاناة عن كثير من السكان.
واشار الى انه ساعد مقدونيا بما فيه الكفاية حتى انه قدم لها قرضاً بمبلغ 25 مليون دولار لشراء نفط التدفئة، وانه مهتم جداً بهذه الدولة "التي تشكل جزءاً من البلقان يمكن ان يؤدي الى اشعال النار في المنطقة بكاملها".
وبالنسبة لالبانيا، ذكر انه انشأ 82 مدرسة ضمن مجال الدعم لكافة طبقات الشعب، وساعد بما لا يقل عن 13 مليون دولار سنوياً لشراء الادوية والمواد الطبية وسيارات الاسعاف للمستشفيات والمؤسسات الصحية، اضافة الى مساعدات سخية لمراكز اللاجئين ودور المسنين ورياض الاطفال ومراكز العلم والثقافة والاعلام ودعم نشر نتاجات الكتاب والادباء.
ويعترف سوروس بان لمؤسسته مشكلات ايضاً، في كل من تشيخيا وسلوفاكيا وروسيا وجنوب افريقيا، وقد اضطر الى غلق مكاتب "المجتمع المفتوح" في روسيا البيضاء.
لقد اعتادت المؤسسات الاميركية المختلفة على تقديم الدعم لسوروس والدفاع عنه عند وقوعه في مشاكل مع الدول الاخرى، وهو بالنسبة الى هذه المؤسسات "دائماً على حق" ومن ذلك، هذا التعليق الذي بثه القسم العربي في اذاعة "صوت اميركا" 11/9/1997 والذي استهله المذيع بأنه "يعبر عن سياسات الحكومة الاميركية" وجاء فيه ايضاً:
"لجأت مؤسسة سوروس وهي منظمة اميركية خيرية على وقف عملياتها في روسيا البيضاء، وقد اشار جورج سوروس مدير المؤسسة الى المضايقات المستمرة التي تعرضت لها مؤسسته من جانب حكومة روسيا البيضاء، وكان اغلاق ما يعرف باكبر منظمة مستقلة غير حكومية في البلاد ذروة التوتر المتزايد والمستمر منذ ستة اشهر مع حكومة الرئيس الكسندر لوكاشينكو، وحملت الولايات المتحدة حكومة روسيا البيضاء المسؤولية الكاملة عن ذلك، وكان سوروس اوقف نشاطات مؤسسته في روسيا البيضاء في ايار مايو الماضي، بعدما فرضت الحكومة على المؤسسة غرامة مقدارها ثلاثة ملايين دولار مدعية انها ارتكبت مخالفات مالية ضريبية.
لكن سوروس نفى الاتهامات ووصفها بأنها نابعة من دوافع سياسية، وقبل ايام قالت حكومة روسيا البيضاء انها بدأت تحقيقات حول احتمال ارتكاب موظفي مؤسسة سوروس انتهاكات جنائية ضريبية ورد كبار مسؤولي مؤسسة سوروس بانهم لا يستطيعون الاستمرار في ظل هذه "التمثيلية الهزلية".
انتقاد السياسة الاميركية
وطبقاً لما ذكره المسؤولون في مؤسسة سوروس فان المؤسسة انفقت اكثر من 13 مليون دولار منذ عام 1994 لتشجيع تطوير التعليم والعلوم والجماعات المدنية في روسيا البيضاء.
وعلى رغم دفاع الادارة الاميركية المتواصل عنه، فان سوروس يظهر باستمرار استقلاله عنها، ساعياً الى كسب رضا شعوب البلقان، من خلال انتقاداته اللاذعة للسياسة الاميركية في المنطقة، ومن ذلك كلمته امام طلبة جامعة جونز هوبكنز الاميركية، في حزيران يونيو 1999، التي وصف فيها تدخل حلف شمال الاطلسي في امور البلقان بانه ليس السبيل الافضل لحل ازمة كوسوفو، لان قصف يوغوسلافيا ادى الى اثار عكسية لما كان متوقعاً منه، معتبراً انه "لا يجوز ان تكون الولايات المتحدة شرطي العالم، وانما يتعين عليها التقيد بالاعراف التي تفرضها على الآخرين" وقال "ان ما حققناه هو عكس ما كنا نتمناه لان ما فعلناه اخلّ بالاستقرار في مقدونيا والبانيا، ناهيك عن انعكاسات ذلك على علاقاتنا مع العالم، لانه ليس من المعقول التدخل ضد اي دولة ذات سيادة".
واضاف ان الحقيقة التي تجلت من خلال التدخلات الاميركية انه "لدينا الاستعداد لانتهاك سيادة الدول الاخرى باسم ما نسميه المبادئ العامة، والقاء القنابل على الناس من ارتفاعات شاهقة وبعيدة آلاف الاميال الا اننا نرفض بشدة ان تتدخل اي دولة في امور سيادتنا".
ومن دعواته لتطوير منطقة البلقان واستقرارها، ان تصبح ذات تجارة حرة من دون رسوم جمركية وتتشكل في المرحلة الاولى من: يوغوسلافيا، البانيا، بلغاريا، رومانيا، وممكن مولدافيا، ما يجعل سكان المنطقة يفكرون في امورهم الاقتصادية ويتخلون عن النزعات والاهداف العرقية، كما ان تكوين هذه المنطقة المفتوحة بين دولها سيسهل دخولها مجتمعة بكافة اعضائها الى الاتحاد الاوروبي
مكتب مقدونيا
يقول ألفيس علي، احد المسؤولين في مكتب "المجتمع المفتوح" في سكوبيا، ان مساعدات مؤسسة سوروس لمقدونيا بدأت العام 1992، وتشمل مجالات مساعدات المكتب حالياً الاعراق المقدونية والتركية والالبانية والرومية الاسم المحلي للغجر والغلاسية اقلية قريبة من القومية الايطالية والاقليات الاخرى، اضافة الى مساعدات سخية لطبع كتب ومؤلفات الادباء والباحثين والمؤرخين وتقديم الدعم لوسائل الاعلام المستقلة الخاصة من محطات اذاعية وتلفزيونية وصحف، والعون المالي للمنظمات النسائية والشبابية والمؤسسات الصحية والمدارس، واقامة المعارض الفنية في مقدونيا وخارجها تشجيعاً لاعمال الرسامين، ومشاريع التمثيل المسرحي وتشجيع مطبوعات النقد الفني، وتوفر المنح للطلبة الجامعيين والمحتاجين والمتفوقين، وبشكل عام فان ما ينفقه هذا المكتب سنوياً لا يقل عن خمسة ملايين دولار.
ونفى علي وجود اي مشاكل حالياً للمكتب في مقدونيا، وان الحكومة لا تتدخل في شؤونه ولكن يمكنها متى شاءت ان تدقق نشاطاته.
واشار الى انه قابل سوروس مرتين خلال زياراته لمقدونيا وتسلم توجيهاته في شأن الاهتمام بالعرق الرومي الغجري لانه قوم له مكانة واطئة ومتأخرة في المجتمعات نتيجة اسباب متوارثة، وانه بمساعدة المكتب تم تأسيس "المركز الثقافي الرومي في مقدونيا" ودعم منشوراته، وان هذا الاهتمام بهذا العرق لا يقتصر على مقدونيا وانما هو موجود ايضاً في رومانيا وهنغاريا وبلغاريا وصربيا وكوسوفو والبوسنة.
وحول المشاريع التجارية والاستثمارية لسوروس في مقدونيا، ذكر علي ان له مساهمة فقط في الشركة الهنغارية التي تملك حصة في مؤسسة البريد والهاتف المقدونية، ولكن له اعمال الاستثمارات بشكل اكبر في اماكن اخرى من المنطقة، منها في بنوك البوسنة وكوسوفو.
واكد ان المكتب ليست له علاقة بالامور السياسية وقضايا الاحزاب والحكومات والديانات والطوائف، وقال "اذا كان سوروس يساعد هذه الجهات، او له اتصالات خاصة معها، فان ذلك يتم خارج اطار المكتب ولا علم لنا به".
سوروس ومؤسسته
ولد جورج سوروس في هنغاريا العام 1930، وفي 1944 عندما دخل الالمان بلاده اضطر والده المحامي لشراء اوراق مزورة من اجل اخفاء اصله اليهودي خوفاً من النازيين، وفي 1947 هربت عائلته الى بريطانيا ودخل جورج الجامعة وتخرج من كلية الفلسفة، وعمل بعد تخرجه في المصارف، وفي 1956 سافر الى الولايات المتحدة حيث بدأ اوائل الستينات العمل في اقسام المضاربات في اسواق البورصات.
بدأ سوروس نشاطات "المجتمع المفتوح" عام 1979، حين كان يملك بحسب قوله 100 مليون دولار، اما الان فانه يوجد تحت تصرفه اكثر من 100 بليون دولار، وعن السرعة في حصوله على هذه الثروة الخيالية، يقول "لي قوة سحرية، اذ ان اي شيء اضع يدي عليه، يصبح ذهباً".
ويرى المتابعون لحياته، ان اسمه برز بشكله الحالي في عام 1992 "حيث رد جميل استقباله في بريطانيا عندما فر من هنغاريا" بمضاربته على الجنيه الاسترليني مراهناً على تراجعه، واقترض منه مبالغ طائلة حولها الى المارك الالماني، وبهذا حقق سوروس بليون دولار خلال ايام عدة.
ويوصف سوروس بانه "مثير الضجات العالمية القوية" ومن بينها تلك التي اثارها في ماليزيا وادت الى اتهامه من قبل رئيس وزرائها مهاتير محمد بالتلاعب بالعملة الماليزية وعملات الدول الآسيوية الاخرى، ما تسبب في خسارتها بلايين الدولارات خلال فترة قصيرة من عام 1997، ومن جانبه دعا سوروس الى اطاحة مهاتير محمد "لان سياسته تهدف الى البقاء في السلطة لخدمة حلفائه السياسيين". ومعلوم ان الازمة التي سببها سوروس في المراكز المالية الآسيوية عصفت ايضاً بتايلاند وسببت تراجع مؤشر بورصة بانكوك بنسبة 50 في المئة ثم امتدت الازمة بدرجات متفاوتة، الى دول اخرى في المنطقة، منها اندونيسيا والفيليبين لكن هذه الدول اضطرت الى وقف حملاتها ضده عندما تدخلت وزيرة الخارجية الاميركية آنذاك مادلين اولبرايت للدفاع عنه في مؤتمر "آسيان".
وتعمد سوروس في عام 1998 وللمرة الثانية على التوالي، في ملتقى "دافوس" افساد الاجواء امام كبار اغنياء واقتصادي العالم، فشن هجوماً غير مسبوق على انحرافات الرأسمالية المعاصرة وتحولها الى ما يشبه "اللصوصية" وبانها باتت الخطر الوحيد على الشعوب وانظمتها الديموقراطية منذ انهيار الشيوعية.
ويطلق كثيرون على سوروس لقب "مورد آلات النسخ الخطيرة" منذ ارسل الى هنغاريا ابان العهد الشيوعي 100 ألف آلة ناسخة لمكافحة رقابة الاعلام الحكومي، كما يتهم سوروس في روسيا بانه منذ 1988 بدأ بالزحف على موسكو عبر مؤسسات خيرية، وسرعان ما غدت مرتكزاً لشن هجوم واسع على الاسواق المالية في روسيا وممارسة التأثير على اصحاب القرار في الكرملين.
وعلى رغم كل هذه الاتهامات، فإن سوروس يفضل ان يسمى "الفيلسوف المالي" وله حالياً 33 مركزاً ل"المجتمع المفتوح" في مناطق مختلفة، منها 10 في منطقة البلقان، و18 في بلدان الاتحاد السوفياتي السابق والدول الاشتراكية السابقة والخمس الباقية 3 منها في افريقيا و2 في اميركا اللاتينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.