أفرزت احداث السنوات العشر الأخيرة في البلقان، ظواهر اجتماعية قاسية، رصدت وسائل الاعلام المحلية والدولية جوانب منها، وتخص الاتجار بالاطفال والنساء والدعارة وبيع اعضاء بشرية اضافة الى تفاقم عمليات القتل واستفحال اللصوصية وتخريب الممتلكات العامة. وتتم غالبيتها بواسطة عصابات الجريمة المنظمة، وتربطها وسائل الاعلام المحلية، بصلات مع تشكيلات "المافيا" العالمية. وعزا مراقبون اسباب استفحال هذه الظواهر الى المجالات غير الطبيعية التي وفرتها التغييرات السياسية المفاجئة في أنظمة الحكم وما رافقها من معاناة اقتصادية وحروب دامية وصراعات عرقية وتدخلات أجنبية، لم تكن معهودة من قبل، الى حد ان غالبية الصحف في منطقة البلقان، أصبحت تعتمد في مواردها الأساسية على الاعلانات الجنسية مثل: نوادي التعارف، الخطوط الهاتفية الجنسية، محلات ملابس وأدوات الجنس، المنشطات الجنسية. وعندما ظهرت مؤشرات الى "التحولات الديموقراطية" ابدى سكان المنطقة ارتياحاً لها، على اساس ما أشيع انها "ستجعلهم في وضع موازٍ للالمان وغيرهم من مواطني الاتحاد الأوروبي اضافة الى الأميركيين". لكنهم سرعان ما اصطدموا بواقع مأساوي، اذ فقدوا ما كانوا يتمتعون به سابقاً من عمل وتأمينات صحية وتعليمية وتقاعدية وسهولة الحصول على السكن، في وقت لم ينالوا ما وعدوا به، ما جعلهم يفقدون حق الاستقرار على رأي في منح اصواتهم للأحزاب والتكتلات السياسية في الانتخابات، وفرض ذلك تغييراً متواصلاً في اختيار القيادات السياسية وتبدلاً في الوجوه الحاكمة. وأشارت استطلاعات الرأي العام الى "تفشي الحقد على الدول الغربية واتجاه الناخبين نحو الاحزاب الاشتراكية القائمة على مخلقات الأنظمة السابقة". ففي مقدونيا - مثلاً - تم تسريح حوالى رُبع العاملين في المؤسسات الحكومية خلال العام الجاري وتوقف العمل فيها وجمدت الرواتب، اضافة الى فرض الحكومة ضريبة نسبتها 19 في المئة على الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والهاتف والتدفئة، اضافة الى الرسوم الجمركية على المواد الاستهلاكية، ما جعل الزيادة مستمرة في تكاليف المعيشة، بسبب ارتفاع الأسعار عموماً. واختلفت الظواهر السلبية، حسب الظروف الموضوعية لكل بلد، اذ برزت عصابات القتل في الاتحاد اليوغوسلافي صربيا والجبل الأسود فيما انتشرت الدعارة والتجارة بالأعضاء البشرية والمخدرات في مناطق مثل البوسنة والبانيا وكوسوفو ومقدونيا، بينما سادت اللصوصية والتعديات على الممتلكات العامة والخاصة في بلغاريا. قصص مأسوية ونشرت الصحف قصصاً مأسوية كثيرة عما يحدث في دول البلقان، ما جعل السكان يحددون حتى تحركات أولادهم خوفاً عليهم، ومنها تلك الحادثة التي تناولتها الصحف الالبانية في كوسوفو: ان الفتاة رازيا 15 عاماً كانت في حديقة قريبة من مسكن والدها في بريشتينا، فاقترب قواد منها واخذ يحدثها عن الحياة الباذخة للفتيات الالبانيات اللواتي يعملن في ايطاليا، حتى اغراها ونقلها الى البانيا وسلمها الى مجموعة رافقتها الى ايطاليا... ووجدت نفسها سجينة دار مع خمس فتيات اخريات يمارسن الدعارة في اجواء التهديد بالموت في حال خرجت عن طاعة العصابة، لكن رازيا ورفيقاتها استطعن ايصال محنتهن الى الأجهزة الأمنية. ونقلت صحيفة "فيتشر" الصادرة في سكوبيا 25/4/2000 عن مصادر منظمات الاغاثة الدولية في كوسوفو، ان "اكثر من مئة امرأة، في العاصمة بريشتينا ومدينة بريزرين الجنوبية يعملن في مجال الدعارة. وتسعى هذه المنظمات الى رعاية هذه النساء وتأهيلهن لابعادهن عن هذا الواقع المأساوي". وأفاد الناطق باسم قوات حفظ السلام في كوسوفو الرائد الأميركي سكوت سليتون، الأسبوع الماضي، ان القوات الدولية "اعتقلت شخصين البانيين في جنوب الاقليم، وهما يحاولان خطف اطفال من مدينة جاكوفيتسا". ونشرت صحيفة "كوخاديتورا" الالبانية الصادر في بريشتينا 9/5/2000 ان مجهولين خطفوا فتاة البانية 16 عاماً من وسط بريشتينا، وعثر عليها لاحقاً جثة هامدة قرب مبنى كلية الآداب في المدينة، واستطاعت الشرطة الدولية القبض على اثنين من الخاطفين لكنها لم تكشف هويتهم. ونقلت صحيفة "بوترني" الصادرة في سكوبيا 22/7/2000 عن وسائل الاعلام في تيرانا، ان "مافيا البانية وسعت اعمالها من تجارة الرقيق النساء، التي كانت مختصة بها، الى تصدير اطفال ولدوا بغالبيتهم بصورة غير شرعية، الى الالمان وأوروبيين آخرين... وبلغ ثمن الطفل حوالى 20 الف دولار". وأوضحت الصحيفة ان "كثيراً من فتيات المدن ينجبن بناء على اتفاق مسبق بينهن وبين سماسرة المافيا، لبيع مواليدهن الى أزواج أزياء لا يستطعيون الانجاب في أوروبا وأميركا". وأفاد ممثل الأممالمتحدة في البوسنة - الهرسك الأميركي جاك كلاين، انه طلب من قوات الشرطة الدولية العاملة في الجمهورية ان "تعمل بجدية على مكافحة تجارة رقيق النساء في البوسنة". وأشار في تصريح الى صحيفة "افاز" الصادرة في ساراييفو، انه "امر بتنحية كل افراد الشرطة المحلية الذين لم يتخذوا الاجراءات اللازمة للحد من هذه التجارة". وأوضح كلاين ان بعثة الأممالمتحدة تعير اهتماماً كبيراً لهذه المشكلة، لأن "تجارة الرقيق لا مكان لها في المجتمعات المعاصرة في القرن الحادي والعشرين". وذكرت صحيفة "ليليان" البوسنية الأسبوعية 8/5/2000 ان محررها فؤاد كوفاتش، رصد في مدينة برتشكو شمال شرقي البوسنة 18 فتاة يعمن في ثلاثة فنادق ويتخذن من عملهن ستاراً لممارسة الدعارة. وتقبض الواحدة منهن 25 دولاراً في الساعة و50 دولاراً في الليلة. وأوضح ان العصابة التي تدير هذه العملية تتكون من صرب وكروات ومسلمين بوسنيين، وان غالبية الزبائن من "الأجانب". التهريب والتخريب وأصبح التهريب مهنة شائعة في منطقة البلقان، وتتولاه "مافيا" محلية مرتبطة بتنظيمات اجرامية دولية. وأشارت مصادر اعلامية في المنطقة الى ضلوع مسؤولين كبار فيه. ونظراً الى استفحال المشاكل الناجمة عن التهريب، اعلن الاتحاد الأوروبي، انه "لا بد من مكافحته، بعدما تفاقمت اضراره على الضوابط التجارية والاقتصادية التي يتبعها الاتحاد". ونقلت صحيفة "يوترني" المقدونية 24/7/2000 عن مفوض الاتحاد الأوروبي رومانو برودي، ان غالبية عمليات التهريب تتم عن طريق الجبل الأسود والبانياومقدونيا وكوسوفو، مشيراً الى أن ثمة "شركات سجائر اميركية متورطة فيه". وتردد في مقدونيا على نطاق واسع ان التهريب احتل مجالاً رئيسياً في تمويل العديد من الأحزاب وثراء زعمائها. وتتركز المناطق الرئيسية للتهريب الى كوسوفو في البانيا والجهات الغربية من مقدونيا، تشرف عليه احزاباً البانية وغيرها متنفذة، بالتعاون مع قادة لجيش تحرير كوسوفو السابق. وبحسب صحيفة "دنيفنيك" المقدونية المستقلة 24/7/2000 فإن عسكريين من قوات حفظ السلام الدولية في كوسوفو "ضالعون في عمليات التهريب على اختلاف اشكالها". ونقلت الصحيفة عن رئيس جمعية المزارعين المقدونيين فيليو تانلاروف، ان بامكان هؤلاء العسكريين "ان ينقلوا ما يشاؤون، من دون الخضوع للتفتيش، لان اتفاقات حلف شمال الأطلسي مع دول المنطقة تمنع السلطات المحلية من اتخاذ أي اجراء ضدهم". وأضاف تانلاروف، انه يبدو ان قادة الحلف الأطلسي "يغضون الطرف عن هذه المساوئ، كما ان الحكومة المقدونية تخشى التعرض لهم". وأصبحت بلغاريا، احدى اكثر دول البلقان لصوصية وفلتاناً أمنياً وبحسب صحيفة "مونيتور" المستقلة الصادرة في صوفيا، فإن ما لا يقل عن 200 حادث سطو ونهب وسرقة واعتداء على الممتلكات، تم في انحاء البلاد يومياً، والرقم في تزايد "على رغم دوريات الشرطة المكثفة التي جرى نشرها للحد من هذه الحوادث". وأشارت الصحيفة الى ان اللصوصية اصبحت "مهنة منظمة وذات شأن" في المجتمعات البلغارية، وذلك "بعدما تجاوزت البطالة نسبة 65 في المئة من الأيدي القادرة على العمل، وأصبح نصف البلغاريين اما فقراء أو عند حافة الفقر". ويتحدث البلغاريون عن عمليات تخريب قامت بها "عصابات المافيا" ضد المنشآت العامة الزراعية والصناعية والانتاجية وخطوط الهاتف والكهرباء، بهدف الحاق الأضرار الفادحة بها وتصعيد ديونها، لقاء مبالغ مالية دفعتها شركات اجنبية "كي يتاح لتلك الشركات شراؤها بثمن بخس". وأوضح البلغاريون ان هذا التخريب طال حتى شركة الخطوط الجوية لبلادهم: "بلكان" والتي أُثقلت بالديون، وتم شراؤها بطائراتها ومطاراتها ومكاتبها وممتلكاتها المختلفة، من قبل شركتين اسرائيليين بمبلغ 150 الف دولار فقط. وانتشرت في بلغاريا مؤسسات مافيا مسجلة رسمياً تحت اسماء شركات للتأمين، وهي تفرض خوات على المطاعم والمحلات التجارية وأصحاب المهن الخاصة كالأطباء والمحامين وغيرهم، بذريعة حمايتهم من اي اعتداء. وتضع هذه الشركات شعاراتها على مداخل مباني هذه المؤسسات، كدليل على انها محمية من قبلها. مهنة القتل وفي يوغوسلافيا صربيا والجبل الأسود تشكل "مهنة القتل" من اكثر موارد العيش انتشاراً حالياً، وتفيد المعلومات المتوافرة عنها، بأنها منظمة عن طريق جماعات متخصصة، يمكن الاتفاق معها "بسهولة" على قتل اي شخص بمبلغ يراوح بين 500 دولار و20 الفاً، حسب أهميته. ولم تقف عمليات القتل عند السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال والأعمال وقضايا الانتقام الخاص، التي تناولت وسائل الاعلام قسماً منها، وانما اصبح بمقدور اي شخص استئجار قتلة للتخلص من جاره أو حتى أحد افراد عائلته. ونشرت صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة في بلغراد 24/7/2000 ان ليليانا خرفاتي 47 عاماً من بلغراد، قتلت زوجها ماركو بكلفة عشرة آلاف دولار، بعدما اتصلت بجارتها زلاتا بوغدا نوفيتش التي كانت سبقتها في "التخلص" من زوجها، فأوصلتها الى عصابة متخصصة، رتبت عملية قتل ماركو التي اتسمت بالمهارة ونفذها اربعة اشخاص، على رغم ان القتيل كان حذراً في تحركاته ويحمل مسدسه باستمرار. ومما سهل عمل هذه "العصابات" امكانية اختفاء افرادها بسهولة، سواء داخل صربيا سببب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والصراعات السياسية، أو من خلال هروب القائمين بالجرائم الى مناطق الدول المجاورة، وخصوصاً كيان صرب البوسنة والجبل الأسود والبانيا وكوسوفو. ونشرت صحيفة "كوخاديتورا" الالبانية انتقادات وجهها المسؤول السياسي لجيش تحرير كوسوفو السابق هاشم تاتشي الى رئيس بعثة الادارة الدولية الموقتة في الاقليم برنار كوشير، بسبب ازدياد الجرائم في كوسوفو، قائلاً: "انا أرفض ان اكون مسؤولاً عن كل الباني يجول في كوسوفو حاملاً السلاح، خصوصاً وان المسؤولين الدوليين يملكون معلومات عن اللصوص والمهجرين والمسيطرين على منازل الغير... الخ"، واستطرد تاتشي: "ليس معقولاً ان يطلب مني وضع حد لهذه الأعمال من دون أن املك صلاحيات أو وسيلة، وذلك في وقت توجد في حوزة كوشنير قوات عسكرية من جنود وشرطة دوليين، ينبغي ان يقوموا بهذه المهمة". واعترف كوشنير بأنه "لا توجد حالياً قوانين تنظم الحياة الاجتماعية لسكان الاقليم". وأشار الى انه يسعى لتوفير ضوابط "تعالج هذه المشكلة". ويشير المراقبون الى ان "مهنة القتل" استفحلت في البلقان، نتيجة شيوع البطالة التي تشمل حالياً اكثر من نصف السكان، وتردي الأوضاع المعيشية لغالبية المواطنين، اذ لا يتجاوز معدل الراتب الشهري للموظفين والعمال في صربيا 50 دولاراً، على رغم تصاعد متطلبات الحياة عموماً بصورة مستمرة. وتقول احصائية لمؤسسة كهرباد صربيا، ان نحو 70 في المئة من المشتركين في الطاقة الكهربائية في انحاء البلاد لم يدفعوا الأجور المستحقة عليهم منذ اكثر من سنة، حتى اصبح هذا الامتناع عن التسديد ظاهرة اجتماعية شائعة، ما جعل المؤسسة تعيش محنة، اذ من الصعب ان تتخذ اجراءات ضد هذا العدد الكبير، كما انه من المحال ان تواصل تقديم خدماتها في اجواء فقدان الموارد المالية اللازمة لها. معلومات موثوقة ويؤكد الحاج سليمان رجبي الرئيس الأعلى لمسلمي مقدونيا، وهو الباني، ان ما تنشره وسائل الاعلام "صحيح". ويقول: "إن ما نقرأه في الصحف الالبانية بصورة تكاد تكون يومية، يتناول الكثير مما يجري من مآس في البانيا وكوسوفو ومناطق البلقان". ويوضح ان عمليات الاتجار بالأطفال والأعضاء البشرية، ناهيك عن الدعارة المنظمة من خلال اغراء نساء محليات أو استقدام الغواني من بلغاريا وروسيا ورومانيا وأوكرانيا وغيرها، "تفاقمت بشكل لا نعتقد انه موجود في منطقة اخرى من العالم". ويرى الحاج رجبي، ان سبب ذلك يعود الى الفلتان الأمني في كوسوفو والظروف الصعبة التي تخيم على عموم منطقة البلقان "فكل الأمور الحياتية يمكن اعتبارها في حال طوارئ سائبة، ومن المحال السيطرة عليها في ظل الأوضاع الراهنة، لفقدان المقومات الموضوعية لذلك". ويوضح ان 70 في المئة من السكان المقيمين في كوسوفو حالياً لا عمل لهم "ويعيشون على الكفاف من خلال المواد الشحيحة التي يحصلون عليها من منظمات الاغاثة". في حين ان البانيا تمر في وضع بعيد عن أية ضوابط امنية منذ ثلاث سنوات، الى حد ان عصابات المافيا والجريمة المنظمة أقامت مناطق حصينة لها في انحاء البلاد وبحيث لا يمكن لأي قوة امنية اختراقها، اضافة الى تردي الأوضاع المعيشية لغالبية السكان في هذه الدولة التي تصنف بأنها الأفقر في أوروبا. ويشير الى ان مشكلة الأمن في كوسوفو تقوم اساساً على ان الوجود الدولي فيه، لا يسمح للتنظيمات الحزبية والقيادات المحلية المشاركة في ضبط النظام، في الوقت الذي "يتخبط" هذا الوجود في اجراءاته من اجل الاستقرار، فيما النظام القانوني غير مستتب وهو ما أفسح المجال لكل التجاوزات. ويرى رجبي انه في حال اجراء الانتخابات المحلية في الاقليم واعطاء صلاحيات للمجالس البلدية، سواء كان اعضاؤها من احزاب أو جماعات مستقلة، فإن الأمور قد تتجه نحو النظام "لأن تلك المجالس ستكون مسؤولة، اخلاقياً امام المواطنين الذين انتخبوها ودولياً انطلاقاً من واجباتها المحددة في قانون الادارة المحلية، ان تكرس جهودها لإزالة الظواهر الاجتماعية الخطيرة". ويتطرق الحاج سليمان رجبي الى الضغوط التي يتعرض لها شخصياً من جهات اسلامية، لعدم تحقيق تقدم في مجال "برنامج الصحوة الاسلامية" بين الالبان، ويتساءل: "كيف يمكن ان ينجح انسان في مساعيه نحو الفضيلة، وكل ما يحيط به هو شائن وفاسد؟". ويشير الى ان الوضع الالباني، هو جزء من ظروف عامة تخيم على غالبية دول البلقان، اذ انه في البوسنة لا يزال حوالى 750 الف مواطن خارج ديارهم داخل الأراضي البوسنية يعيشون على "صدقات" منظمات الاغاثة، في حين يقيم حوالى 810 آلاف بوسني خارج بلادهم من دون ان يعرف الكثير منهم مصيره. الوجود الدولي لا تختلف الحال في كوسوفو عن البوسنة، اذ قال رئيس "هيئة الغجر" في الاقليم اغروت عثماني وهو لاجئ حالياً خلال مؤتمر في المانيا ان "138 الف شخص تركوا كوسوفو، من مجموع حوالى 370 الف غجري كانوا في الاقليم". وأشار الى أن ذلك يعود الى "عمليات القتل والتهديد والارهاب التي تعرض الغجر لها". وفي بريشتينا، اكد مصدر "سياسي" رفض الاشارة الى اسمه، ان الدعارة والمخدرات "مرتبطة بازدياد عدد الأجانب الناجم خصوصاً عن وجود القوات الدولية في كل من كوسوفو ومقدونياوالبانيا والبوسنة". وأوضح ان سن الشباب الذي توجد فيه غالبية افراد هذه القوات، اضافة الى مستوياتهم الاجتماعية المتواضعة وضعف الرقابة عليهم "جعلتهم ينشرون اخطر الممارسات التي جلبت أفدح المشاكل لمجتمعات المنطقة". وأشار الى ان كثيراً ما تبين وجود علاقات بين افراد من هذه القوات والجماعات المارقة محلياً "والمعروفة لدى السكان بانحرفاتها" في مجالات الدعارة والاتجار بالمخدرات وتعاطيها. وفي مقدونيا، فإن الصحف تكاد لا تخلو يومياً من الحديث عن مواجهات بين المقدونيين وعناصر من القوات الدولية في الحانات والشوارع، وحوادث اغراء عناصر من القوات الدولية لفتيات في سن تقل عن 18 عاماً، حيث صارت توجد في العاصمة سكوبيا ومدن اخرى، أماكن محددة تتجمع فيها الفتيات "المتلهفات للدولارات الأميركية والماركات الألمانية". وفي الجبل الأسود، واصلت الصحف نشر ابناء عصابات الجريمة المنظمة، وذكرت صحيفة "بوبيدا" شبه الرسمية الأسبوع الماضي، خبراً تناول اسماء 12 شخصاً تراوح اعمارهم بين 23و44 سنة، القت الشرطة القبض عليهم بتهمة "الترويج للاتجار بالنساء وتنظيم الدعارة، خصوصاً مع فتيات محليات ومستوردات من دول اجنبية، بالمشاركة مع تنظيمات مماثلة في البانيا". وفي شهادة قدمها ممثل الادارة الأميركية الخاص في البوسنة جيمس بيرديو اخيراً امام الكونغرس الأميركي، أوضح الوضع قائلاً: "اذا لم يتم وضع حد للمساوئ التي تخيم على البوسنة، فإننا لن نكون جنينا فائدة ذات شأن من مهمتنا السلمية والبلايين العشرة من الدولارات التي انفقتها الولاياتالمتحدة في البوسنة، لأن هذه المساوئ المتشعبة تصنع الحواجز امام عودة الحياة الطبيعية الى هذه البلاد". واقترح ان يجري "تنفيذ برنامج جديد، يحقق تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ويصنع ضوابط لمجالات المساعدات المختلفة، ويتضمن وضع قوانين كفيلة بالوصول الى نهاية لهذه الأعمال غير الشرعية". وجاءت هذه الشهادة، بعدما اخفقت مهمة المسؤول الأميركي روبرت فرويك التي كلف بها في أيلول سبتمبر الماضي برئاسة "لجنة لمكافحة الفساد في البوسنة". ونقلت الصحف الصادرة في العاصمة الألبانية تيرانا عن رئيس الحكومة ايلير ميتا انه يعمل حالياً على اعداد مشروع قانون لتقديمه الى البرلمان "يعالج باجراءات شديدة مشكلة الجريمة المنظمة التي اصبحت الخطر الأكبر الذي يهدد أمن البلاد ويعرض المجتمع الألباني الى انحرفات تفوق كل ما يمكن تحمله".