وقعت ايران والمملكة العربية السعودية اتفاقاً امنياً استغرق التحضير له عامين، يتوقع ان يؤسس لعلاقات جديدة بين البلدين ويدفع التعاون بينهما الى مرحلة متقدمة، خصوصاً بعد التغييرات التي طرأت في ايران منذ انتخاب الرئيس محمد خاتمي وانتهاج طهران سياسة انفتاح على محيطها القريب. وجاء التوقيع على الاتفاق في اطار الزيارة التي قام بها وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز لطهران وعكست الارادة السياسية للبلدين لتطوير علاقاتهما في المجالات المختلفة وتعزيز تعاونهما الاقليمي. واهتمت طهران بالزيارة ونظمت للأمير نايف برنامجاً حافلاً شمل لقاءات مع رئيس مجلس الشورى مهدي كروبي والأمين العام للمجلس الاعلى للامن القومي حسن روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني ووزيري الخارجية كمال خرازي والثقافة والارشاد احمد مسجد جامعي، وتوج البرنامج بلقاء مع الرئيس خاتمي. ووصف الأمير نايف في تصريح ل "الوسط" لقاءه مع خاتمي بأنه كان "مسك الختام"، مشدداً على ان وجهات النظر كانت متطابقة في كل المسائل التي تم بحثها وتجاوزت الموضوع الأمني الى التطورات على الساحتين الفلسطينية واللبنانية، خصوصاً "العدوان الاسرائيلي على محطة الرادار السورية" في لبنان. وأوضح الأمير نايف ان البحث شمل ايضاً الازمة الافغانية، "اذ اتفقنا على ان الحل العسكري لن يؤدي الى انهاء الازمة ودعونا الى تشكيل حكومة شاملة لكل الفصائل الافغانية". وأضاف: "تناولنا كذلك الشأن العراقي، فالشعب العراقي المسلم الشقيق يعاني ويجب ان ترفع هذه المعاناة ويُشخص من هو السبب فيها". وأكد الأمير نايف ل "الوسط" ان الزيارة كانت "ناجحة بكل المقاييس وأنا كنت بين اخواني". مشيراً الى ان الاتفاق الامني مع ايران "غير موجه ضد اي دولة، وأعتقد ان باقي دول الخليج سترحب به وستتجه نحو التوقيع على اتفاقات مماثلة من شأنها في النهاية ان تعزز الامن والاستقرار في منطقتنا". وكان لافتاً تأكيد الأمير نايف خلال الزيارة على اهتمام البلدين باستقرار المنطقة. ما دفع المسؤولين الايرانيين الى اعتبار ان الاتفاق يمهد لقيام تعاون اقليمي يقوم في مجال الامن على قاعدة المشاركة الجماعية، وهو ما اكده ل "الوسط" وزير الداخلية الايراني عبدالواحد موسوي لاري الذي دعا دول المنطقة الى توقيع اتفاقات مماثلة مع بلاده. وقال ان الاتفاق الامني "سينعكس ايجاباً على أمن المنطقة لتصبح مثالاً يحتذى في الطريق نحو تعزيز الثقة وصولاً الى نظام اقليمي امني مشترك يلغي مبررات الوجود العسكري الاجنبي". وأكد ان الاتفاق "سيشكل الارضية المناسبة للتعاون الذي يحقق الامن والهدوء للبلدين". وتطرق الأمير نايف الى حادث التفجير في الخبر في العام 1996 والذي أودى بحياة 19 جندياً أميركياً ولقيت تصريحاته ارتياحاً شديداً في طهران. وقال ان الاتفاق سيكون له "تأثير ايجابي على أمن المنطقة وعلى النواحي الاقتصادية ايضاً"، مشدداً على انه اتفاق أمني بحت لا يتحمل اي بعد عسكري. ويتناول الاتفاق مكافحة الجريمة والارهاب وتهريب المخدرات وتبييض الأموال ومراقبة الحدود والمياه الاقليمية. وكانت هذه اول زيارة يقوم بها وزير داخلية سعودي الى ايران منذ اندلاع الثورة الاسلامية في 1979.، وتأتي بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني الى الرياض في ايار مايو 1999 وعززت الامل في انفتاح ايراني على الدول العربية، خصوصاً الخليجية، قد يسمح بحل مشكلات ثنائية قائمة مثل الخلاف بين طهران ودولة الامارات العربية المتحدة حول السيادة على الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ايران منذ العام 1971. وكانت الزيارة مناسبة للتطرق الى المواضيع الاقليمية الاخرى، خصوصاً الوضع في الاراضي الفلسطينية، اذ انتقد الأمير نايف الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدة لاسرائيل، وقال: "الولاياتالمتحدة تقف الى جانب اسرائيل وهذا يدفع العرب الى وضع خلافاتهم جانباً وتوحيد جهودهم مع الدول الاسلامية وفي طليعتها ايران للدفاع عن القضية الفلسطينية". كذلك ندد خاتمي ب "هيمنة اسرائيل على الشرق الاوسط وانتهاكاتها الدولية".