وزير الدفاع يستعرض مع حاكم ولاية إنديانا الأمريكية علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى استقلال بلاده    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    45.1% من سكان المملكة يعانون من زيادة الوزن    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    1.7 مليون عقد لسيارات مسجلة بوزارة النقل    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    حسابات ال «ثريد»    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    القاتل الصامت يعيش في مطابخكم.. احذروه    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة الأمير سلطان لطهران علامة فارقة تتبعها زيارة الرئيس خاتمي . السعودية وايران : لغة الواقعية والتعاون
نشر في الحياة يوم 10 - 05 - 1999

"زيارتكم لنا هدية كبيرة ستنهي إلى الأبد أي سوء فهم بين بلدينا".
بهذه الكلمات استقبل الرئيس الإيراني محمد خاتمي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في المملكة العربية السعودية أثناء زيارته التاريخية لطهران التي استغرقت خمسة أيام. وجاء هذا الترحيب من خاتمي وهو يتخلّى عن كل التحفظات الديبلوماسية قولاً وفعلاً، وكأنه يضع عنواناً عريضاً يقدم به لزيارته التي سيقوم بها للرياض خلال الشهر الجاري، بما سمح للمراقبين وصفهما بالحدث الأبرز في تاريخ العلاقات الإيرانية - السعودية، واعتبار ان الزيارتين تسجلان منعطفاً ايجابياً كبيراً في مسار هذه العلاقات. ومثلما قال وزير الدفاع الإيراني الأدميرال علي شمخاني ل"الوسط"، فإن الزيارتين تعكسان بقوة ان تطبيع العلاقات الثنائية جارٍ على قدم وساق على نار هادئة وبعيداً عن الضجيج الذي رافق سنوات ما بعد الثورة، خصوصاً في مواسم الحج.
وإذا جاز التأكيد ان الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني كان سباقاً في التحرك باتجاه السعودية بل وفي كل ما يجنيه الرئيس خاتمي من ثمار سياسة الانفتاح، إلا أن عهد رفسنجاني الذي ترافق في ولايته الثانية مع انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، دفع الرئيس السابق إلى التفكير في تشجيع قيام نظام اقليمي من هذه الجمهوريات وإيران في مظلة اسمها القديم خراسان الكبرى أو بلاد ما وراء النهر، تحيي طريق الحرير وتبتعد بإيران عن جاراتها العربية.
وفي هذا الواقع تأتي سياسة الرئيس خاتمي في تخفيف حدة التوترات وتشجيع الانفراج والدعوة إلى نظام اقليمي مستقر بين إيران ودول المنطقة بضمنها العراق، لتركز على منطقة الخليج والدول العربية ومن ثم التوجه صوب المشرق والصين واليابان وأوروبا كمرحلة متأخرة، وهو ما جاء في برنامج وزير الخارجية كمال خرازي الذي صادق عليه البرلمان عند منحه الثقة لوزراء الرئيس الجديد.
هذه الاستراتيجية شرحها ل"الوسط" وزير الدفاع شمخاني، وهو من قبيلة بني تميم العربية، مؤكداً ان تشجيع الاتجاهات الموحدة وتعزيز عنصر الثقة وتوفير فرص العمل الجماعي الاقتصادي والثقافي والسياسي يوصل بالنهاية إلى اتفاق أمني يضمن عدم الاعتداء ويزيل بؤر التوترات. وقال شمخاني إن "تركيز إيران على الدعوة إلى تعاون عسكري وأمني مشترك مع السعودية وباقي دول المنطقة يأتي من حقيقة ان استقرار الأمن في المنطقة رهن بالتنسيق المشترك وتنمية هذا النمط من العلاقات على أساس ان تكون مفرداته محلية واقليمية يلغي بالتالي أي تدخل من جانب بلد أجنبي من خارج المنطقة".
وعلى رغم أن الأمير سلطان اقترح سياسة الخطوة خطوة والبدء في تطوير تعاون اقتصادي وسياسي وثقافي وشبابي يسبق اي تعاون امني محتمل، إلا أن محادثات العمل التي أنجزها مع شمخاني أكدت توسيع العلاقات العسكرية، وسيتم قريباً تبادل ملحقين عسكريين بين البلدين لمتابعة تطوير هذا الجانب من العلاقات بخطوات هادئة.
وعلى صعيد زيارة الرئيس الإيراني إلى الرياض، وهو أول رئيس في عهد الجمهورية الإسلامية يزور المملكة العربية السعودية، قال شمخاني إنها خطوة كبيرة ومهمة لتدشين فصل جديد في العلاقات بين البلدين.
ووصف شمخاني زيارة الرئيس خاتمي السعودية في هذا الوقت بأنها تعكس جدية الطرفين في التعاون الثنائي والرغبة في تطوير العلاقات و"هي نتيجة ايجابية للجهود التي بذلها الجانبان الإيراني والسعودي لتطوير العلاقات".
وإذا كان التعاون بين البلدين داخل منظمة "أوبك" كعضوين أساسيين أثمر بالفعل وأظهر إمكانية تجاوز الصعوبات وحقق مكاسب كبيرة لكل دول المنظمة، فإن الأوساط الإيرانية الرسمية ترفض أن تحصر التعاون الثنائي الإيراني - السعودي والعلاقات المتبادلة في جوانب المنفعة المادية فقط، لأن لتطور العلاقات بين إيران والمملكة تأثيراً ملموساً على نظام العلاقات الاقليمية والدولية ويعود بمنافع مضاعفة على المسلمين والمنطقة بشكل خاص، وهو ما شدد عليه الرئيس خاتمي خلال لقائه الأمير سلطان، مشيراً إلى أزمة كوسوفو التي أظهرت ان البلدين بما لهما من أهمية في العالم الإسلامي، قادران على القيام بدور كبير لتخفيف معاناة المسلمين وإنهاء الأزمة في الاقليم.
وردد القادة الإيرانيون الذين التقاهم الأمير سلطان ان موضوع رفع الأسعار في السوق النفطية، كمكسب اقتصادي، جاء نتيجة لتطوير العلاقات السياسية بما جعل الوزير شمخاني، وهو خبير أيضاً في علم الاستراتيجيا، يرسم المشهد المقبل للعلاقات الإيرانية - السعودية في ضوء نتائج زيارة الأمير سلطان وزيارة خاتمي المقبلة إلى الرياض، ليؤكد ان الزيارتين تشكلان نقطة تحول كبرى في الطريق نحو ايجاد استراتيجية مشتركة اقليمية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية والأمنية، مستبعداً ان تبقى العلاقات الإيرانية - السعودية الدفاعية والأمنية محصورة في دائرة المجاملات.
وكان واضحاً من طريقة الاستقبال اللافتة والحفاوة التي حظي بها الضيف السعودي الكبير أن طهران التي تحدث قادتها طويلاً عن الزيارة، اثناء اجراء الاستعدادات لها، أولتها اهتماماً بالغاً. وذكر شمخاني الذي كان وراء ترتيب الدعوة، ان مجرد الزيارة يشكل حدثاً بارزاً يزيد في فرص تطوير العلاقات بين البلدين، وهي رسخت نتائج مشاركة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله في قمة طهران الإسلامية.
وعشية الزيارة اطلق شمخاني دعوة إلى تعاون عسكري مع السعودية لضمان الأمن في منطقة الخليج، بينما دعت أوساط المحللين الإيرانيين القريبين من الحكومة دول المنطقة للتوصل سريعاً إلى تعريف جديد لمفهوم الأمن الاقليمي في المنطقة وإلى ايجاد سوق اقتصادية اقليمية مشتركة من شأنها أن تعزز مفهوم الأمن الاقليمي على قاعدة حفظ المصالح المشتركة.
وذكر شمخاني ل"الوسط" ان التعاون في المجالات المختلفة بين إيران والسعودية يمكنه أن يستمر من دون أن يصادف من وجهة نظر إيران محطة للتوقف، مؤكداً وجود إرادة سياسية راسخة لدى بلاده لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والدفاعية باتجاه تحقيق أهداف ومنافع مشتركة تعزز الأمن الاقليمي في الخليج، وهي لمصلحة العالم الإسلامي بأجمعه. وأعرب شمخاني عن أمله في أن يفضي استمرار الحوار إلى ايجاد ترتيبات أمن جديدة وتعيين استراتيجية تقوم على التعاون بين دول المنطقة لحفظ الأمن والاستقرار في الخليج. وقال إن الصيغ الأمنية الموجودة حالياً في الخليج متأثرة بتهديدات وظروف المراحل السابقة وان الظروف الجديدة توجب البحث عن وسائل حديثة لحفظ الأمن تدخل تغييرات جذرية في النماذج القديمة التي قال إنها لم تعد تصلح في ظل التطورات والأجواء الايجابية التي تسود المنطقة، مشيراً إلى ان العلاقات مع دول الخليج العربية تطورت كثيراً واجتازت مرحلة تخفيف حدة التوترات، وهي الآن في مرحلة تعزيز عنصر الثقة للوصول إلى المرحلة النهائية وهي المشاركة في صنع الترتيبات الأمنية، مرحباً بمناورات عسكرية وتعاون دفاعي وتشكيل قوة مشتركة من إيران والسعودية وباقي دول الخليج لضمان الأمن في المنطقة.
وفي الاتجاه نفسه، يأتي تأسيس اللجنة الاقتصادية المشتركة لتكون الإطار العملي لتطور العلاقات الثنائية ميدانياً، كما ان توقيع البلدين أخيراً على اتفاقات للتعاون الاقتصادي، والتوقيع اثناء زيارة الأمير سلطان على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطيران المدني، وتأكيد الأمير سلطان أرجحية التعاون الاقتصادي والثقافي قبل أي تعاون آخر، كل ذلك هدف إلى تطبيع سياسي للعلاقات الثنائية وعلى نار هادئة، وذلك للمرة الأولى منذ انتصار الثورة الإسلامية العام 1979، من واقع أن تدشين رحلات الملاحة الجوية والبحرية بين البلدين بعد توقف دام زهاء 18 سنة، يشير إلى رغبة إيرانية - سعودية مشتركة في تحسين العلاقات الثنائية التي ستترك آثاراً واضحة على مجمل علاقات إيران العربية لما للسعودية من دور تلعبه، خصوصاً على صعيد تحسين علاقات إيران العربية والإسلامية وتحديداً مع دول الخليج العربية.
وتشيد إيران بشكل لافت هذه الأيام برعاية السعودية للحجاج الإيرانيين بعد إسدال الطرفين الستار على حقبة شهدت تفجيرات سياسية منذ أن أمر الإمام الخميني الراحل بإقامة مراسم "البراءة من المشركين" في مكة. ومعروف ان السعودية ترفض تسييس الحج، لكن القراءتين المختلفتين للبراءة لم تمنعا من الاتفاق على أن يقيمها الحجاج الإيرانيون ساكنة غير متحركة في مخيمات منى أو عرفات، من دون الخروج إلى الشوارع، لتعود العلاقات إلى سابق عهدها من الاستقرار.
وفي ضوء الزيارة المرتقبة للرئيس خاتمي إلى الرياض، وهي تفتح صفحة مهمة من فصل العلاقات الجديدة التي كان الرئيس السابق رفسنجاني أرسى دعائهما خلال رئاسته الثانية التي انتهت في آب اغسطس عام 1997 أو في زيارته للسعودية قبيل موسم الحج قبل الماضي، فإن جميع التيارات الإيرانية، من يمين أو يسار ومحافظين أو اصلاحيين، تجمع على وصفها بأهم خطوة في مسار التطبيع مثلما أجمعت على زيارة الأمير سلطان.
وقد سألت "الوسط" كلا من النائب الأول للرئيس الإيراني الدكتور حسن حبيبي ووزير الدفاع شمخاني عما إذا كانت طهران بأجنحتها المختلفة تؤيد تطوير العلاقات مع السعودية، فأكدا ذلك وشددا عليه. وقال حبيبي إن بلاده تملك إرادة سياسية قوية في هذا الشأن "وهي اتخذت قرارها بدعم أكبر من المرشد علي خامنئي الذي يرسم الخطوط العريضة لعلاقات ايران الخارجية"، بينما شدد شمخاني على "ان جميع التيارات من يمين ويسار او محافظين ومعتدلين تقف بقوة الى جانب تعزيز العلاقات مع الرياض".
ومن ملاحظة الصحف الايرانية الناطقة بلسان المحافظين والاصلاحيين وباقي تيارات النظام، يصبح من نافلة القول ان الجميع في ايران بدا مهتماً بهذه الزيارة التي احتلت العنوان العريض للصحف والأروقة السياسية والشعبية على رغم سجال الايرانيين حول قضاياهم الداخلية وهي كثيرة. ويقول سياسي ايراني: "تعودنا ان نقحم العلاقات الخارجية في صراعنا الداخلي لاحراج خصومنا لكن ذلك لم ولن يحصل مع السعودية بعد زيارة الأمير سلطان".
وسبقت زيارة الأمير سلطان تحضيرات واستعدادات واطلاق تصريحات ايرانية أعربت عن ارتياح اقطاب الحكم لمنحى التطور الذي تشهده علاقات البلدين لدور السعودية المفصلي في العالم الاسلامي وفي الدول المصدرة للنفط، كما جاء في برنامج متلفز مرتب ومدروس لوزير الخارجية كمال خرازي قبل يومين من الزيارة اكد فيه ان التعاون الايراني - السعودي انعكس ايجاباً على جميع دول المنطقة خصوصاً في موضوع أسعار النفط.
وفي ضوء ازدياد النفوذ الاسرائيلي تدريجاً على خلفية التحالف العسكري الاسرائيلي - التركي والاتفاقيات الاقتصادية الإسرائيلية مع بعض الدول بثت وكالة الأنباء الايرانية تحليلاً عن زيارة الأمير سلطان اكدت فيه اهمية ترميم علاقات ايران العربية خصوصاً مع دول مجلس التعاون لمواجهة الورقة الاسرائيلية.
وأكد الأمير سلطان رداً على سؤال "الوسط" انه ليس موفداً عن مجلس التعاون الخليجي في شأن أزمة الجزر بين ايران والامارات ولا يحمل معه مشروع وساطة. وقال إن الخلاف بين ايران والامارات جزئي وبسيط وهو مقتنع ان المجلس لا يكن لايران الا الخير كما انه يعتقد بأن ايران تبادل المجلس هذا الشعور، نافياً وجود أية خلافات حتى في الماضي مع ايران ما عدا الاختلاف في بعض وجهات النظر "وهو أمر طبيعي". وأضاف: "ان الخلاف حول الجزر الثلاث يجب ان يحل بالحوار والمحادثات المباشرة او عبر القانون الدولي".
وعن دور العلاقات الايرانية - السعودية في مواجهة الحلف الاستراتيجي الاسرائيلي - التركي رفض الأمير سلطان أي تحالف من اي دولة مع إسرائيل. وذكّر باستعداد السعودية لتعزيز التعاون في المجالات المختلفة مع ايران، موضحاً ان التعاون العسكري ليس بالأمر السهل بعد طول قطيعة.
وعن مقولة الأمن في الخليج قال الأمير سلطان انه مسؤولية دول المنطقة، لكنه اكد ان التعاون العسكري بين بعض دول الخليج العربية وأطراف من خارج المنطقة يأتي في اطار المصالح الوطنية لكل دولة، مشيراً ايضا الى انه لا يعتقد بوجود خطر ايراني يتهدد المنطقة.
والتقى الأمير سلطان الرئيس خاتمي والمرشد علي خامنئي والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني ورئيس مجلس الشورى علي اكبر ناطق نوري اضافة الى النائب الاول للرئيس الذي كان على رأس مستقبليه مع وزير الدفاع شمخاني ووزير التجارة محمد شريعتمداري، كما التقى مساعدة الرئيس المسؤولة عن منظمة حماية البيئة الدكتورة معصومة ابتكار وتفقد الصناعات العسكرية الايرانية ما يعكس الاهتمام الذي أولته طهران لهذه الزيارة.
وكمؤشر قوي على "الواقعية السياسية" التي ينتهجها الرئيس الايراني لفتت اوساط مطلعة الى ان خاتمي اشاد بعد برقيته الى العاهل السعودي إثر حادث الجمرات في موسم الحج قبل الاخير بطريقة غير مألوفة في العرف الايراني - بالسعودية والملك فهد بن عبدالعزيز. وقال لدى اجتماعه في 22 شباط الماضي الى المسؤولين الايرانيين عن الحج وهو يمتدح لقب خادم الحرمين الشريفين الذي اختاره الملك فهد ان السعودية تشعر ان خدمة الحرمين الشريفين افضل لها من اي امبراطورية على وجه الأرض. وأثنى خاتمي ايضا على موقف الأمير عبدالله الذي رفض الاجتماع برئيس وزراء اسرائيل خلال تواجدهما في عمان لحضور جنازة الملك حسين واعتبر ان خطوة الأمير عبدالله تعكس احتراماً من ولي العهد السعودي لمشاعر الرأي العام الاسلامي.
ويقول ديبلوماسي عربي ان تعزيز عنصر الثقة بين البلدين مهم جداً في المرحلة الراهنة خصوصاً في ضوء بروز أزمة الجزر مجدداً مع الامارات وهي ازمة تشهد تصعيداً لافتاً هذه الأيام. ويقول مسؤولون إيرانيون انهم يأملون في ان تقوم الرياض بدور لمصلحة تطوير علاقات طهران مع أبو ظبي من خلال الاسهام في الجهود نحو حل او تجميد الخلاف في شأن الجزر الثلاث طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى، ولكنهم يدركون ان من شأن هذا الخلاف ان ينسف اية مساع ترمي الى التهدئة وترجمة التأكيدات الايرانية المكررة في شأن الرغبة في تطوير علاقات ايران الخليجية ودفعها باتجاه ايجاد منظومة اقليمية جديدة وترتيبات أمن مشتركة.
وفي الملفات العديدة التي فتحت، ومنها اسعار النفط والعراق وفلسطين اللاجئين والقدس والأراضي العربية المحتلة والارهاب وأفغانستان، يمكن القول ايضا ان التعاون الايراني - السعودي الذي ساعد العام الماضي في تخفيف الأزمة بين ايران وحركة "طالبان" يجعل كثيرين يتوقعون ان يفضي التحسن الكبير في العلاقات الايرانية - السعودية الى حل ينهي الأزمة الأفغانية، والى تحسن ولو في المستقبل غير المنظور في العلاقات بين طهران وعواصم اخرى. وأكد محمد علي أبطحي أمين عام الرئاسة وأحد ابرز المقربين من خاتمي ل""الوسط" ان الظروف مواتية جداً لكي يطور الجانبان الايراني والسعودي علاقاتهما ويستثمرا المناخات الايجابية الجديدة ويبحثا عن نقاط الالتقاء "وهي كثيرة". وقال أبطحي ان الرئيس خاتمي مصمم بكل قوة على تعزيز التقارب الايراني - العربي وتطوير العلاقات بشكل خاص مع السعودية.
وتزامنت زيارة الأمير سلطان مع تحسن لافت في العلاقات الايرانية - البحرينية التي توترت العام 1994 بسبب اتهامات لايران بأنها ضالعة في دعم المعارضة في البحرين. وأكد الرئيس خاتمي ان ايران تعمل على بسط الأمن والاستقرار في الخليج. ودعمه في ذلك المرشد خامنئي وزعيم المحافظين رئيس البرلمان علي اكبر ناطق نوري ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق رفسنجاني.
وتلقى خاتمي رسالة من امير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة تضمنت الدعوة لزيارة المنامة نقلها وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة. وأكد الرئيس الايراني ترحيبه بالدعوة ووجه من جهته دعوة لأمير البحرين، اذ ترى اوساط ايران الرسمية ان قطف ثمار زيارة الأمير سلطان لطهران تم بالفعل قبل ان يغادر الضيف السعودي العاصمة الايرانية
لقطات
ضم الوفد السعودي الذي رافق الامير سلطان، الفريق اول الركن المتقاعد الامير خالد بن سلطان والامير فيصل بن سعود والامير مشعل بن عبدالله والامير فيصل بن سلطان ووزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الدكتور عبدالله التركي ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مطلب النفيسة والسفير السعودي في ايران عبداللطيف الميمني.
حرص الرئيس خاتمي على الخروج من مكتبه لاستقبال الأمير سلطان وودعه ايضاً الى خارج المكتب وأدلى بتصريحات للصحافيين الى جانب الأمير سلطان كل ذلك على خلاف عادة الرئيس وخارج بروتوكول الرئاسة ما يشير الى الاهتمام الايراني والارتياح الكبير لهذه الزيارة. كما خاطب الرئيس الايراني الأمير خالد بن سلطان قائلاً: "انتم شخصية بارزة في المنطقة من خلال تميزكم العسكري والفكري". اما الرئيس السابق رفسنجاني فتعمّد الخروج الى الحديقة الامامية لاستقبال الأمير سلطان.
في حفل العشاء الذي أقامه السفير السعودي عبداللطيف الميمني لوحظت مشاركة أمين عام الرئاسة الايرانية محمد علي أبطحي الذي تحدث مطولاً وبمودة مع الأمير خالد بن سلطان.
حضر حفل العشاء مدراء الاقتصاد في وزارات الخارجية والنفط والتجارة وشخصيات كبيرة منها محسن رفيق دوست رئيس مؤسسة المعاقين والمستضعفين امبراطورية اقتصادية.
عند هبوط طائرة الأمير في مطار مهراباد تقدم النائب الاول للرئيس حسن حبيبي والى جانبه وزراء الدفاع والتجارة ونائب وزير الخارجية وقادة عسكريون وسياسيون للترحيب بالأمير قبل ان يصعد معه منصة خاصة ليعزف السلامان الايراني والسعودي وليستعرض الأمير سلطان مع حبيبي وشمخاني حرس الشرف.
في المطار وخلافاً لعادة مسؤولي العلاقات العامة والمراسم في الرئاسة الايرانية الذين يضبطون ساعاتهم على ايقاع اسئلة الصحافيين ولا يسمحون لهم بالإكثار، كانوا هذه المرة اكثر كرماً وتركوا الصحافيين يطرحون ما يريدون على الدكتور حبيبي والأمير سلطان.
بعدما فرغ الصحافيون من اسئلتهم أعرب الأمير سلطان عن دهشته لأن احداً لم يسأل عن مأساة المسلمين في كوسوفو مندداً بشدة بجرائم الصرب داعياً المسلمين في كل مكان الى الاهتمام الجدي بهذه المأساة التي احتلت حيزاً من محادثاته مع القادة الايرانيين.
ترافق وصول الأمير سلطان مع انتهاء استجواب وزير الثقافة والارشاد عطاء الله مهاجراني في البرلمان، وفشل المحافظين في اقصائه فقال الاصلاحيون ان وجه الأمير سلطان خير عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.