بعد نحو تسعة شهور على مقال صحافي "مسيء" الى قبيلة العوازم الكويتية الكبيرة، اغتال مقدم في الشرطة هداية سلطان السالم رئيسة تحرير مجلة "المجالس" الاسبوعية الكويتية بينما كانت متوجهة لحضور ندوة في احدى ضواحي العاصمة بصحبة سائقها الذي هو شقيق زوجها السوري الاصل. ومع ان القاتل رجل شرطة الا انه لم "يحبك" جريمته بشكل جيد فوقع سريعا في قبضة رجال الامن بعد ساعتين فقط من وقوع الحادث.. وكان الطريق الى ذلك سهلا رسمه المقدم خالد ذياب العازمي بنفسه بعدما استخدم سيارته الخاصة في ملاحقة سيارة الضحية عندما اقدم على صرعها في وضح النهار. وقال للمحققين انه "راقب الصحافية طوال اشهر بعدما نشرت في مجلتها في تموز يوليو الماضي مقالا عن قبيلته التي يعتز بها كثيرا ولا يقبل ان يسيء اليها اي شخص". وكانت المجلة قد نشرت اعتذارا عن المقال لكن خالد اعتبره "غير كاف". وعلى رغم ان كلا من اشقاء خالد الاربعة ادعى للشرطة انه هو الذي ارتكب الجريمة، فقد حسم المحققون الموضوع نتيجة اكتشافهم اثار بارود على دشداشة خالد وفوارغ رصاصات في جيبه من العيار نفسه المستخدم في الاغتيال، اضافة الى تعرف السائق وبعض شهود العيان اليه. كيف ستتفاعل القضية وما هي انعكاساتها، خصوصا ان العوازم قبيلة كبيرة في الكويت يربو عدد افرادها على مئة الف نسمة ولها ثمانية نواب في مجلس الامة. وكان القاتل نفسه قد سعى الى خوض الانتخابات التشريعية في العام 1992. المسالة بيد القضاء، ولا يعتقد انه ستكون لها اسباب مخففة كما يمكن ان يحصل بالنسبة الى "جرائم الشرف"، فالمقال كتب قبل اشهر طويلة والجريمة تمت عن سابق تصور وتصميم، ويشك المحققون في ان وراءها دوافع شخصية غير معروفة. وقد اختصر تصريح لحرم ولي العهد ورئيس الوزراء الشيخة لطيفة الفهد الموقف عندما قالت ان "القاتل يجب ان ينال جزاءه حسب شرع الله والقانون ليكون عبرة وعظة لغيره"، واضافت: "نحن نعيش في دولة مؤسسات تحكم عمل كل شخص يعيش فيها، واذا كان كل كاتب يقتل لمجرد التعبير عن رايه فذلك كم للحريات وعلى الحرية السلام، اما اذا كان دافع القتل اجتماعيا فالسلام ايضا على هذا المجتمع". اما نواف، الابن الاكبر للصحافية المغدورة فاكد ان "جرحنا لن يلتئم الا بمعاقبة الجاني" وهو ما اكد عليه ايضا محامي العائلة نواف ساري الذي قال انه ايا تكن الدوافع فانها لا يمكن ان تبرر قتل النفس التي حرم الله. ويقول الدكتور احمد المزيني في كتابه "انساب الاسر والقبائل في الكويت" ان قبيلة العوازم ظهرت في الجزيرة العربية في العهد الاسلامي الوسيط، وهي بطن من بطون قبائل همدان اليمنية ترجح مصادر شتى ان هجرتها الى الحجاز تمت في فترة الصراع بين المذهبين الاسماعيلي والسني. كما انه صار للعوازم بعد افول نجم القرامطة في نهاية القرن الخامس الهجري نفوذ في المنطقة الممتدة من كاظمة الى الاحساء وتوارثوا السلطة والزعامة الى حين دخول العثمانيين الى المنطقة في منتصف القرن الهجري العاشر. ونظرا الى حجم القبيلة الانتخابي الكبير في الكويت فمن النادر ان لا تضم الحكومة وزيرا منها، في حين يتوزع نوابها على مختلف التيارات السياسية.