منذ اندلعت الانتفاضة المباركة قبل شهور، توقع كثيرون ان تنطفئ بسرعة، وقالوا انها انتفاضة مؤقتة غايتها محدودة ونفسها قصير. والذي حدث هو ان الانتفاضة تواصلت، وتواصل سقوط الشهداء والجرحى. ومع هذا ها هي الصحافة العربية، المكتوبة والمسموعة والمرئية، تتعامل معها وكأنها انتهت: بدأ الحماس يغيب، وصارت المقالات أشبه باحصاء عدد القتلى والجرحى، وتحديد الخسائر المادية لا أكثر. بحيث الأمر يبدو وكأن الانتفاضة، بالنسبة الى هذه الصحافة على الأقل، كانت تهدف فقط الى اسقاط باراك والمجيء بشارون حاكماً للدولة الصهيونية. طبعاً ما نقوله هنا عن الصحافة العربية فيه استثناءات، و"الوسط" هي واحدة من تلك الاستثناءات، اذ لا تزال أخبار الانتفاضة وخلفياتها، حيّة على صفحاتها، وعلى أغلفتها في معظم الأحيان. وهذا ما يدفعنا الى تحيتكم والى ان نشد على أياديكم وان نقول لكم: واصلوا هذا الاهتمام، فهو الدور المشرف للصحافة، والصحافة الشريفة مثل "الوسط" تعرف في مثل هذه الظروف. لكننا في الوقت نفسه نتوقف لنهمس أيضاً: لماذا لا يواكب الحديث عن الانتفاضة في "الوسط"، تحقيقات عن المدن الفلسطينية، ولا سيما المنتفضة فيها، مثل الخليل ورام الله وطولكرم، وأيضاً تحقيقات عن مدن "الداخل" مثل الناصرة والمثلث وعكا. انكم ان نشرتم مثل هذه التحقيقات ستكونوا قد استكملتم دوركم العربي الشريف. ولكم الشكر سلفاً. مصطفى ناجي الحسيني غزة - فلسطين