أمطرت السماء بغزارة على ملاعب ويمبلدون خلال المباراة النهائية بين الاميركي بيت سامبراس والاسترالي باتريك رافتر، ما عطّل اللقاء مرتين، لكن سامبراس عرف كيف يمطر رافتر وابلاً من الصواعق كان لها الكلمة الفصل في حسم اللقاء لمصلحة الاميركي، وفي جعله يتربع سعيداً على عرش كرة المضرب العالمي بعدما تخطى الرقم القياسي الذي يحمله الاسترالي روي ايمرسون منذ العام 1967 12 لقباً من ألقاب البطولات الكبرى والرقم الجديد 13 لقباً كرّس سامبراس لاعباً خارقاً وظاهرة فريدة من الصعب ان تتكرر في المدى المنظور. اتسمت المباراة النهائية بالإثارة قبل انطلاقها لأنها تمثّل صراعاً ضارياً بين بطلين كلاهما عائد من الاصابة، وكلاهما يريد الفوز بلقب ويمبلدون لدواعٍ مختلفة. فسامبراس الذي احرز هذه البطولة ست مرات كان يسعى الى لقب سابع ليعادل رقم البريطاني ولياك رنشو، ولينفرد في تحقيق انجاز تاريخي يتمثل باحرازه 13 لقباً من القاب البطولات الكبرى، اما رافتر فإنه كان يسعى الى احراز لقبه الاول في احدى دورات الغران شيليم والى دخول نادي الكبار في كرة المضرب عبر بوابة ويمبلدون، وكان مواطنه بات كاش آخر استرالي يفوز بهذه البطولة في العام 1987. ولم تخيّب المباراة آمال المشاهدين اذ قدّم البطلان لمحات فنية بديعة رفعت الإثارة الى درجة الغليان وحوّلت اللقاء الى حرب مواقع دافع عنها سامبراس ورافتر بالأظافر والأنياب، ولا سيما في المجموعتين الاولى والثانية حيث اضطرا الى خوض جولتين فاصلتين لحسم النتيجة 6/7 10-12 و7/6 7-5. وفضلاً عن الانجازات التي حققها سامبراس بعد فوزه بلقب ويمبلدون ومنها انفراده بالرقم العالمي لإحراز دورات الغران شيليم 13 لقباً ومعادلته رقم رنشو 7 مرات في رفعه كأس ويمبلدون كما ذكرنا… رفع سامبراس عدد القابه في دورات كرة المضرب الى 63 لقباً منذ انطلاق مسيرته الاحترافية، وهو في هذا المجال لا يزال متخلفاً عن مواطنيه جون ماكنرو 77 لقباً وايفان ليندل 94 وجيمي كونورز 109 ألقاب، وما تجدر الاشارة اليه هو ان الفوز في احدى البطولات الكبرى له مذاق آخر وهو صعب المنال كون اللاعب يحتاج في كل بطولة الى خوض سبع مباريات من خمس مجموعات، ما يقتضي منه ان يكون في ذروة لياقته البدنية وفي قمة عطائه. وصمود رقم ايمرسون 33 عاماً دليل على صعوبة الفوز في دورات الغران شيليم، علماً ان ملاعب كرة المضرب عرفت خلال هذه الفترة ابطالاً من طراز نادر نذكر منهم على سبيل المثال بيورن بورغ ورود لافر وايفان ليندل وجون ماكنرو وجيمي كونورز، وأقرب المنافسين لايمرسون هما بورغ ولافر اذ احرز كل منهما 11 لقباً. ولدى سؤال روي ايمرسون حامل الرقم القياسي العنيد عن مشاعره بعدما اسقط سامبراس رقمه اجاب: كنت بالطبع اتمنى الا ينجح سامبراس في تحطيم رقمي ولكن سامبراس حالياً هو افضل سفير لكرة المضرب في العالم. انه لاعب خارق سواء لجهة ادائه او لجهة سلوكه وهو بكل تأكيد يستحق الانجاز التاريخي الذي حققه. وعندما سئل هل يتوقع ان يتمكن لاعب من تحطيم رقم سامبراس قال: استبعد ان يتم ذلك في المدى المنظور، واللاعب المؤهل لتحقيق هذا الانجاز لم يولد بعد. ومرد ذلك ان اللاعبين الذين يتألقون على الملاعب الترابية يجدون صعوبة في التأقلم على الملاعب العشبية او على الملاعب السريعة. ورداً على سؤال هل كان يدعم رافتر ام سامبراس قال ايمرسون: كنت ادعم رافتر فكلانا استرالي ومن كوينزلاند، وكنت اعتمد عليه لمساعدتي في الاحتفاظ برقمي العالمي مدة اطول من الزمن. وفي عودة الى المباراة النهائية في دورة ويمبلدون لا بد من الاشارة الى بعض اللمسات الانسانية التي تلت فوز سامبراس، فبعدما صافح الفائز منافسه بحرارة لم يستطع ان يحبس دموع الفرح التي انهمرت من عينيه وسط الملعب، وقد أعاد الى الأذهان صورة الدموع التي ذرفها قبل خمس سنوات في بطولة استراليا المفتوحة في ملبورن عندما بلغه ان مدربه تيم غوليكسون يصارع الموت، وان كان لتلك الدموع طعم آخر. وقد تكرر المشهد عندما قفز سامبراس الى المدرجات وهو يبكي ليعانق والديه اللذين جاءا من الولاياتالمتحدة لمشاهدته، وهي المرة الاولى التي يحضران احدى البطولات الكبرى منذ العام 1992 عندما هزم سامبراس في المباراة النهائية لبطولة الولاياتالمتحدة المفتوحة امام ستيفان ادبرغ. وقد عبّر سامبراس عن سعادته العظيمة بهذا الفوز قائلاً: "الانجاز يشكل الشيء الكثير بالنسبة اليّ. والدي ووالدتي كانا هنا اليوم، وكان مهماً جداً ان يتقاسما معي هذا الانجاز. شاهداني العام 1992 وانا اخسر نهائي فلاشينغ ميدوز بطولة الولاياتالمتحدة المفتوحة والفضل يعود اليهما في كل ما حققته حتى الآن. لقد ساعداني كثيراً في الايام ال15 الاخيرة وخطيبتي بريجيت ايضاً". واضاف سامبراس: "ملاعب ويمبلدون افضل الملاعب في العالم وهذه البطولة هي اكبر تظاهرة في عالم كرة المضرب. وانا اعتبر ويمبلدون بيتي الثاني وسأعود السنة المقبلة لأني اشعر بارتياح كبير عندما العب مع لاعبين امثال باتريك رافتر لانه ممتاز سواء في الملاعب او خارجها". ترى هل يكتفي سامبراس الذي دخل فضاء الاسطورة بهذا الرقم العالمي بعدما رفع السقف عالياً؟ لقد وعدنا بالعودة الى ويمبلدون في السنة المقبلة للدفاع عن لقبه، وهذا يعني ان شهيته ما زالت مفتوحة لالتهام مزيد من الالقاب. ولا بد ان يستميت سامبراس لاحراز لقب رولان غاروس وهو اللقب الوحيد من البطولات الكبرى الاربع الذي عجز عن تحقيقه… قديماً قال احد اللغويين العرب: سأموت وفي نفسي شيء من حتّى… فهل يعتزل سامبراس وفي قلبه شيء من رولان غاروس؟