انتهى الوقت الأصلي في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2000 وايطاليا متقدمة 1/ صفر على فرنسا، وكان على الايطاليين أن يعضوا بالنواجذ على هذا الهدف طوال دقائق الوقت الضائع الأربع التي أعلن عنها حكم المباراة. وفيما كان الوقت الضائع يلفظ أنفاسه الأخيرة والايطاليون في المدرجات وعلى مقاعد الاحتياط وعلى شاشات التلفزيون يهمون بالاحتفال بالنصر الذي أصبح حقيقة ملموسة، تمت المعجزة على قدم اللاعب الاحتياطي سيلفان ويلتورد فانتزع التعادل وأنقذ فرنسا من المأزق، وجر الايطاليين إلى لعب وقت اضافي مشحون بالإثارة. والمهمة المستحيلة التي بدأها وليتورد أنجزها اللاعب الاحتياطي الآخر دافيد تريزيغيه عندما هز الشباك الايطالية في الدقيقة ال103 بهدف ذهبي حوّل الحلم الايطالي كابوساً والعرس الذي لاحت بشائره مأتماً. وبهذا الهدف الذي حسم المباراة لمصلحة الفرنسيين وأتاح لهم أن يهزموا أحفاد القياصرة بعد ولادة قيصرية، بات المنتخب الفرنسي أول منتخب يحرز كأس العالم ويتبعه بلقب بطل أوروبا، وكان المنتخب الألماني فاز بلقب أبطال أوروبا في العام 1972 ثم أحرز كأس العالم في العام 1974. واللقب الأوروبي هو الثاني للمنتخب الفرنسي، كونه توّج بطلاً بقيادة ميشال بلاتيني عندما استضاف البطولة العام 1982. وتعليقاً على المباراة التي كانت لقاء قمة بكل المقاييس، والتي حفلت بالندية والاثارة، قال ستيفانو فيوري لاعب وسط ايطاليا: "لقد خضنا أفضل مباراة لنا في البطولة لكن الحظ الذي ابتسم لنا ضد هولندا في نصف النهائي، عبس في وجهنا هذه المرة". وهذا التعليق يختصر وقائع المباراتين، فالفريق الايطالي تأهل على حساب هولندا للمباراة النهائية بمعجزة، وخسر نهائي البطولة أمام فرنسا بمعجزة أيضاً، وما جرى في المباراة النهائية أعاد إلى الاذهان نهائي دوري أبطال أوروبا 1999 بين مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ، فقد ظل هذا الأخير متقدماً بهدف حتى اللحظة الأخيرة من المباراة، وكان اليكس فيرغسون بحاجة إلى معجزة فتمت له معجزتان، إذ سجل تيدي شيرنغهام هدف التعادل في الوقت الضائع وأردفه اولي غونار سولسكيار بهدف الفوز، وهما لاعبان احتياطيان على غرار ويلتورد وتريزيغه. وما حصل في لقاءي مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخوايطالياوفرنسا يؤكد حقيقة لا غبار عليها وهي أن الفوز لا يمكن ضمانه قبل أن يطلق الحكم صافرة النهاية، فكم من مرة أفلت النصر في اللحظة الأخيرة من يد فريق كان يعتقد ان النتيجة حسمت لمصلحته. ألم تعتقد يوغوسلافيا أنها حصدت نقاط المباراة الثلاث التي جمعتها مع اسبانيا، إذ كانت متقدمة 3/2 قبل نهاية المباراة بدقائق، لكن اسبانيا ادركت التعادل في اللحظة الأخيرة، وانتزعت الفوز في الوقت الضائع 4/3 في واحدة من أكثر مباريات هذه البطولة إثارة ومتعة. والغرائب في عالم كرة القدم أكثر من أن تحصى، ونكتفي بعينات بسيطة من هذه البطولة، فقد تقدمت انكلترا على البرتغال 2/صفر وعلى الأثر صامت عن التهديف، لكن البرتغال لم تنم على ضيم فسجلت الهدف الأول ثم أدركت التعادل، ولم تلبث أن سجلت هدفاً ثالثاً ضمن لها الفوز. وسلوفينيا تقدمت على يوغوسلافيا التي اعتبرها النقاذ حصان البطولة الأسود 3/ صفر، لكن المنتخب اليوغوسلافي استطاع على رغم طرد الحكم أحد لاعبيه، ان يسجل 3 أهداف في سبع دقائق فأقام المتفرجين في المدرجات ولم يقعدهم. والمنتخب الهولندي الذي سجل رقماً قياسياً في نهائيات كأس الأمم الأوروبية، إذ هز شباك يوغوسلافيا ست مرات، عجز عن ترجمة خمس ركلات جزاء إلى أهداف في نصف النهائي أمام ايطاليا وخرج من البطولة التي استضافها وهو يجر أذيال الخيبة، مع أنه كان من المرشحين البارزين لإحراز الكأس. وقد تعرض المنتخب لانتقادات قاسية من النجم الهولندي السابق والمدرب القدير يوهان كرويف، وجاء الرد سريعاً وميدانياً على هذه الانتقادات، إذ ألحق المنتخب الهولندي بيوغوسلافيا هزيمة نكراء 6/1، لكن أداء المنتخب في نصف النهائي أمام ايطاليا أثبت ان انتقادات كرويف لم تنطلق من فراغ، علماً أن كرة القدم لا تخضع دائماً لحسابات المنطق، ففي نهائي دوري أبطال أوروبا الذي اقيم في اثينا في العام 1994 بين برشلونة الاسباني الذي يدربه يوهان كرويف، وآ. سي ميلان الايطالي الذي يدربه فابيو كابيللو، كانت الترجيحات تصب في مصلحة برشلونة، لكن المباراة انتهت بخسارة هذا الأخير خسارة مذلة صفر/4 ولم ينتقص ذلك من مؤهلات كرويف الخارقة وكفاءته العالية. وشهدت هذه البطولة انهيار المنتخب الألماني، أكثر المنتخبات احرازاً للبطولة، فخرج من الدور الأول بعدما خسر مباراتين وتعادل في واحدة، ولم يكن المنتخب الانكليزي أوفر حظاً فقد فشل بدوره في التأهل لربع النهائي، وحقق المنتخب التركي نتيجة طيبة. أما المنتخب الاسباني فقد بدأ بداية متعثرة، لكنه استعاد زمام المبادرة وقدم عروضاً جيدة إلى أن انحنى أمام المنتخب الفرنسي بعدما أضاع راوول، أفضل لاعب في صفوفه، ضربة جزاء كانت كفيلة بأن تجعل المنتخبين يلعبان وقتاً اضافياً. ولا بد من الاشارة إلى أن المنتخب البرتغالي سرق الأضواء في هذه البطولة، ووفر للمشاهدين لمحات فنية بديعة وخرج من البطولة في نصف النهائي مرفوع الرأس بعدما خاض مباراة تاريخية أمام فرنسا. وأخيراً اثبت المنتخب الفرنسي، الذي يضم خليطاً من الحرس القديم والوجوه الشابة، أنه فريق متماسك ومتجانس دفاعاً ووسطاً وهجوماً، وقد قدّم أداء راقياً أتاح له أن يترك بصماته على هذه البطولة التي استحق لقبها بكل جدارة