عواصم - "الحياة"، أ ف ب - فاجأ مدرب منتخب ايطاليا لكرة القدم دينو زوف الاوساط الرياضية باستقالته من منصبه، مشيراً الى انه ليس في حاجة الى تلقي دروس في الكرامة من رئىس نادي ميلان سيلفيو بيرلوسكوني. وكان بيرلوسكوني وصف زوف بانه "تصرف كالهاوي على رأس المنتخب الايطالي". وكان المنتخب الايطالي خسر نهائي بطولة امم اوروبا 2000 امام فرنسا 1-2 الاحد الماضي. وبدأ زوف 58 عاماً مسيرته الكروية مع اودينيزي حيث لعب معه في الدرجة الاولى عام 1962، واثبت معه كفاءة كبيرة ورزانة في الملعب فانتقل الى مانتوفا ثم نابولي قبل ان يحط الرحال في يوفنتوس الذي سطر معه اسمه على أحرف من ذهب من 1972 الى 1983. وأحرز اول لقب كبير له عام 1968 وكان بطولة امم اوروبا التي اقيمت في ايطاليا حيث تغلب اصحاب الارض على يوغوسلافيا 2-صفر في 10 حزيران يونيو في روما، ثم قاد بلاده حارساً الى الفوز بكأس العالم عام 1982 في اسبانيا. بدأ مسيرته كمدرب عام 1984 مع يوفنتوس حيث تكفل بحراسة المرمى، ثم قاد دفة المنتخب الاولمبي قبل ان يشرف على تدريب يوفنتوس ثم لاتسيو. وابتعد زوف عن التدريب وترأس نادي لاتسيو، قبل ان يستدعى من قبل الاتحاد الايطالي للاشراف على المنتخب الاول خلفاً لتشيزاري مالديني بعد مونديال فرنسا 98. ويملك زوف الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية لايطاليا 112، وفي عدد المباريات في الدرجة الاولى 570، وفي عدد الانتصارات مع المنتخب 55 بالاضافة الى الرقم القياسي في الحفاظ على شباكة من دون اهداف 1143 دقيقة. وقاد زوف في اوروبا "2000" تشكيلة غنية باللاعبين، كانت ابرز سماتها انه لم يكن هناك فارقاً كبيراً بين اساسييها واحتياطييها لأن الجميع يكمل الاخر ومن يأخذ مكانه اساسياً يبلي بلاء حسناً. فماركو دلفيكيو صاحب الهدف الايطالي الوحيد في مباراة القمة، لم يلعب اساسياً منذ انطلاق البطولة، وقد استعان به زوف في المباراة النهائية كورقة رابحة وكان عند حسن ظنه، ولو لم يسجل سيلفان ويلتورد هدف التعادل في الوقت بدل الضائع لبات دلفيكيو بطلاً قومياً في ايطاليا. وفضل زوف اشراك دلفيكيو على فيليبو اينزاغي، وذلك للانسجام الكبير بينه وبين زميله في روما فرانشيسكو توتي. وبالفعل قدم الثنائي مباراة رائعة واربكا في اكثر من مرة الدفاع الفرنسي بقيادة العملاقين مارسيل دوسايي ولوران بلان. كما ان جانلوكا بيسوتو لم يكن اساسياً باستثناء المباراة الاولى ضد تركيا، وقد عوض زميله جانلوكا زامبروتا الذي طرد في مباراة نصف النهائي ضد هولندا. خلاصة الكلام ان بيرلوسكوني اخطأ لأن الايطاليين لم يحلموا ابداً بتحقيق ما حصل، ولم يكن اشد المتفائلين يتوقع ان يصل "الاتزوري" الى ما وصل اليه. لقد شذ رئىس نادي ميلان عن الرأي العام الايطالي، وعن احترام الانجاز الذي تحقق واعترف به الجميع وثمنوه بدءاً من الرئيس الذي منح اعضاء المنتخب وسام الجمهورية من رتبة فارس... الى الجماهير التي استقبلتهم استقبال الابطال لدى وصولهم الى مطار روما. والاكيد ان الخاسر الاكبر من وراء استقالة زوف ستكون الكرة الايطالية. ثنائىة الذهب وخلدت فرنسا الى الراحة بعد ان بات منتخبها اول من يحرز لقب كأس العالم ويتبعه بلقب بطل اوروبا محققاً ثنائية من الذهب الخالص، في الوقت الذي حقق فيه المنتخب الالماني الثنائية بالعكس عندما توج بطلاً لاوروبا عام 1972 قبل ان يصبح بطلاً للعالم بعد سنتين، ثم خسر المباراة النهائية لبطولة اوروبا عام 1976 امام تشيكوسلوفاكيا. وكانت فرنسا احرزت كأس العالم الاخيرة على ارضها بفوزها على البرازيل 3-صفر على استاد فرنسا في سان دوني ضاحية باريس. وأكد المنتخب الفرنسي أنه يستحق "النجمة" الملصقة على قميصه، وأنه لم يحرز كأس العالم فقط لانه كان يلعب على أرضه أو لان رونالدو اصيب بنوبة صرع قبل ساعات قليلة من المباراة النهائية. ويعود الفضل في التركيبة الحالية الى المدرب السابق ايميه جاكيه الذي شكل منتخباً قوياً ومتكاملاً حقق به الهدف الذي يحلم به أي مدرب وهو لقب كأس العالم. وجاء لومير ليمسك زمام امور المجموعة ذاتها تقريباً 18 لاعباً من بين ال22 الذين شاركوا في المونديال وحقق معها نجاحاً منقطع النظير. وشاءت الاقدار ان يسجل البديل سيلفان ويلتورد، احد اللاعبين الجدد، هدف التعادل في مرمى ايطاليا في الثواني الاخيرة ليصبح المنقذ الذي اعاد الكأس من على ابواب روما قبل ان ينقلها البديل الاخر دافيد تريزيغيه بهدفه الذهبي الى باريس. وخاضت فرنسا الاحد الماضي مباراتها الرسمية الاخيرة قبل انطلاق مونديال 2002، لانها معفاة من خوض التصفيات باعتبارها حاملة القب. الفشل بعينه اما المنتخب الالماني فمثل الفشل بعينه، وللمرة الاولى اخفق الالمان في تحقيق نتائج جيدة وعروض مقنعة في بطولتين كبيرتين هما مونديال فرنسا 98 و"اوروبا 2000"، وذلك بعد ان تربعت على العرش الاوروبي طويلاً. تراجعت الكرة الالمانية، وشاخ عدد كبير من لاعبيها الذين قادوا المنتخب الى احراز كأس العالم 1990 في ايطاليا، ولم يستطع الجدد سد الثغرة التي تركها اسلافهم فكان ما كان. وصاحب الخبرة الوحيد الذي اعتمد عليه المدرب ارييك ريبيك كان لوثار ماتيوس 39 عاماً، حامل الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية برصيد 150 مباراة، لكنه خيب الآمال المعقودة عليه. وكان ماتيوس اكثر المتأثرين بالطريقة التي ودع فيها المنتخب الالماني، لأن الالمان انفسهم نسوا تاريخه العريق في الملاعب فكانت نهايته تعيسة فعلاً. وستكون المهمة الاساسية لمدرب المنتخب الموقت رودي فولر ثم كريستوف داوم الذي سيتسلم المهمة عنه في 1 حزيران يونيو عام 2001، بناء منتخب متجانس، بيد ان المهمة لا تبدو سهلة على الاطلاق لان مشكلة الكرة الالمانية تكمن في انها لم تخرج اي لاعب كبير في السنوات الاخيرة. ام الكرة "خرّت" اما ام الكرة ومخترعتها انكلترا فخرت سريعاً وتلقت هزيميتن مذلتين امام البرتغالورومانيا فخرجت من الدور الاول، واكدت انها باتت على مفترق طرق وانها في حاجة الى ثورة حقيقة اذا ارادت ان تنافس مجدداً على اعلى المستويات. ولم يكن مدرب انكلترا كيفن كيغان مخطئاً في تشخيص مشكلات الكرة الانكليزية عندما اعترف بعدم قدرة لاعبيه على تمرير الكرة بشكل جيد في المباريات مشيراً الى ان هذا الامر كان السبب الرئيسي وراء الفشل! ولم يبحث كيغان عن الاعذار لانها غير موجودة، ففي ثلاث مباريات تعرض منتخبه لخسارتين ودخل مرماه 6 اهداف، في حين حقق فوزاً تاريخياً على حساب المانيا التي لعبت من دون حول او قوة في هذه البطولة ولم تحقق بدورها اي فوز. والطريق الافضل للاصلاح هو التخلي عن المدرسة التقليدية المعروفة ب"اركل واركض"، والانتقال الى الاعتماد على دقة التمريرات وبناء الهجمات من الدفاع تدريجياً. ويكمن سبب تراجع مستوى انكلترا ايضاً في تخطي اكثر من لاعب اساسي في صفوفها الثلاثين من عمره وعلى رأسهم الحارس ديفيد سيمان 36 عاماً والمدافع طوني ادامي 34 عاماً ولاعب الوسط بول اينس 32 عاماً. ولم تكن خيبة امل شيرر، 30 هدفاً مع المنتخب، لأنه ودع قميص المنتخب بطريقة لا يتمناها اي بطل. وجوه... ووجوه وضعت "اوروبا 2000" حداً لمسيرة عدد كبير من اللاعبين المؤثرين بعد ان قرروا الاعتزال، فمنهم من غادرها منتصراً، ومنهم تلطخت سمعته بعد مسيرة مظفرة. وابرز الخائبين كان الروماني جورجي هاجي 35 عاماً الذي خاض 125 مباراة دولية والملقب ب"مارادونا البلقان" لأنه داس على تاريخه الكبير في 5 دقائق فقط عندما نال بطاقتين صفراوين امام ايطاليا في الدور ربع النهائي، في الاولى خاشن انطونيو كونتي في الدقيقة 54 وفي الثانية حاول التمثيل على الحكم للحصول على ركلة جزاء 59، فخرج بطريقة الهواة المبتدئين غير آبه بانجازاته وآمال شعب كان يعتبره المنقذ. وكان نصيب هاجي الغضب والسخط من صحافة بلاده التي رفعته في وقت سابق الى مصاف الابطال القوميين خصوصاً بقيادته الرائعة للمنتخب في نهائيات كأس العالم عام 1994 الى الدور ربع النهائي ومن خلال مسيرته المكللة بالنجومية مع انديته التي ختمها مع ناديه التركي غلطة سراي باحراز لقب مسابقة كأس الاتحاد الاوروبي للمرة الاولى في تاريخه.