يمكن للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أن يفتخر بأن فترة رئاسته لمنظمة الوحدة الافريقية التي تنتهي الشهر المقبل، توجت باتفاق وقف الحرب الاثيوبية - الاريترية. ولا ينتقص من ذلك ان هذا الاتفاق الذي وقعه وزيرا خارجية البلدين في الجزائر العاصمة هو الانجاز الوحيد على صعيد النزاعات المتأججة في ارجاء القارة السمراء، خصوصاً ما صار يعرف ب"حروب الماس". ويضع اتفاق الجزائر - الذي ينطوي على 15 بنداً - حداً لحرب ضروس اندلعت قبل أكثر من سنتين بين الجارتين بسبب خلاف على الحدود وأوقعت آلاف الضحايا والمشردين. ويعتبر هذا الاتفاق خطوة أولى في تطبيق اتفاق عام كان قد وقع قبل سنة على هامش القمة الخامسة والثلاثين لمنظمة الوحدة الافريقية التي استضافتها العاصمة الجزائرية. وينص الاتفاق على انسحاب القوات الاثيوبية من المواقع التي استولت عليها بعد 6 شباط فبراير الماضي، وينشئ - في اطار الحرص على تجنب الاحتكاك بين الجيشين - "منطقة آمنة موقتة" بعمق يبلغ 25 كيلومتراً في التراب الاريتري، مما يدل على أن الوضع في الميدان راجح لمصلحة اثيوبيا. وكشفت تصريحات كل من الرئيس الجزائري بصفته الرئيس الحالي لمنظمة الوحدة الافريقية والرئيس بيل كلينتون - باعتبار الولاياتالمتحدة راعية الاتفاق اسوة بالاتحاد الأوروبي - عن تخوف حقيقي من احتمال أن يولد الاتفاق ميتاً كما حدث ويحدث في منطقة البحيرات الكبرى. ولاحظ بوتفليقة "ان أوهام افريقيا كثيراً ما تتبدد بسبب ما يوقع من اتفاقات تظل حبراً على ورق". ودعا الرئيس كلينتون، وهو يحيي اتفاق الجزائر، الطرفين الى "الاستفادة من الجولات المقبلة من المفاوضات بهدف التوصل الى اتفاق شامل ودائم". وحرص الرئيس بوتفليقة على التذكير ببعض الشروط المكملة للاتفاق مثل: تجنيد القوات الدولية اللازمة للاشراف على تطبيق الاتفاق في الميدان، وتعبئة التضامن الدولي الضروري لتضميد جراح هاتين الجارتين. ويعتبر وجود الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي كراعيين مؤشراً ايجابياً لاتفاق الجزائر الذي يكرس مرة أخرى مبدأ "عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار" التي تم رسمها العام 1964 في قمة القاهرة في مناسبة الذكرى الأولى لتأسيس منظمة الوحدة الافريقية. هذا المبدأ الذي من الملاحظ أن بعض الدول حديثة العهد بالاستقلال - كاريتريا - تحاول إعادة النظر فيه ولا تتحرج في ذلك من تجريب قوتها العسكرية. ويمثل هذا المبدأ عين الحكمة على الساحة الافريقية. فلو فتح هذا الباب من جديد لغرقت افريقيا في سلسلة من الحروب الحدودية التي لن تكون لها نهاية.