في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    صينيون يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لأغراض عسكرية    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    الهلال يكتب رقم جديد في تاريخ كرة القدم السعودية    الخليج يتغلب على الرائد برباعية في دوري روشن للمحترفين    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    سعدون حمود للقدساويين: لا تنسوا أهدافي    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (3,742) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل سفارة جمهورية كوريا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    المملكة تحقق المرتبة 12 عالميًا في إنفاق السياح الدوليين للعام 2023    مجلس السلامة والصحة المهنية يؤكد عدم صحة ما تم تداوله حول ظروف العمل بالمملكة    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    ما الأفضل للتحكم بالسكري    عن نشر الكتاب: شؤون وشجون    نقص الصوديوم في الدم يزداد مع ارتفاع الحرارة    الدبلة وخاتم بروميثيوس    صيغة تواصل    الدفاع المدني يحذر من المجازفة بعبور الأودية أثناء هطول الأمطار    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    الأنساق التاريخية والثقافية    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    رحلة في عقل الناخب الأميركي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب القطيعة بين ثوار القرن الأفريقي . الجنرالات الروس "يثأرون" من أريتريا ؟
نشر في الحياة يوم 19 - 06 - 2000

تلخص الحرب الضارية بين حلفاء الامس الذين قادوا الثورة المسلحة ضد امبراطور اثيوبيا الراحل هيلاسلاسي العام 1961، ووريثه العسكري الذي ازاح سليل يهوذا عام 1974، منغستو هايلي مريام، تاريخية العلاقة "الضارية" بين اريتريا واثيوبيا منذ نهاية القرن التاسع عشر.
لم تمر اثيوبيا بتجربة الاستعمار حتى لكأنها امتداد لطبيعة جزيرة العرب التي أفنت كل من راهنوا على اجتيازها بمن فيهم الاحباش، بينما تأرجحت اريتريا كاقليم تمظهر في القرن العشرين على رغم وجود ذات الاسم في الخرائط الرومية في اسيا الوسطى وتداول عبارة Mare Eritreum "البحر الاريتري" كنعت للبحر الاحمر في تلك الخرائط، دلالة على الحمرة القانية، وما تزال حمرة الدماء القانية صفة ملازمة لطبيعة الشخصية الاريترية التي أهرقت دماؤها رخيصة لنيل الاستقلال من جارتها اثيوبيا في ايار مايو 1993.
عرف الاقليم الاريتري باعتباره جزءاً من مملكة "اكسوم" القديمة التي تعود اصولها الى الفترة من الالف الميلادي الاول الى القرن السابع الميلادي. ومنذ نهاية القرن التاسع عشر اعتمد أباطرة اثيوبيا سياسة التوسع على عهد الامبراطور منليك الثاني، فاستحال تاريخ الاقليم منذ ذلك الوقت الى اشواط ملتهبة من الكفاح المسلح لاخراج الاثيوبيين مما اعتبروه ارضهم ووطنهم. وفي نهاية القرن التاسع عشر كان مؤتمر برلين 1886 احدى خيبات الامل التي كرست الامر الواقع مبيحة لاثيوبيا هيلاسلاسي التوسع شمالاً، نسبة للموقع الاستراتيحي الذي حظيت به اريتريا، شمال باب المندب على ناحية مهمة من ساحل البحر الاحمر الجنوبي الممتد الف وثمانين كيلومتراً، اذ تحاذي في موقعها الجزء الجنوبي الغربي من جزيرة العرب، وتتاخم اليمن عبر ضفته الشرقية.
وهذا الاقليم كان احد مراكز الحضارات القديمة والتأصيل الثقافي للغات السامية، ومهجراً ومقاماً لهجرات العرب القدامى التي لا تزال آثارها وسماتها باقية الى اليوم دون ان ينكر ذلك الاريتريون.
واعتبرت الديبلوماسية الاثيوبية ابان عهد هيلاسلاسي ان اريتريا كانت جزءاً من مملكة اكسوم حتى افولها في القرن السابع الميلادي. وجاء بزوغ فجر الاسلام موطئاً لانتقال المركز التجاري الى الشام، وان ايطاليا هي التي فصلت اريتريا عن اثيوبيا العام 1885، ولذلك كان الامبراطور هيلاسلاسي الى حين اطاحة حكمه سنة 1974 يؤمن بأنه ليس ثمة وجود مستقل لاريتريا قبل ذلك الزمان، بل عدتها السياسات الاثيوبية المتوالية محافظة اثيوبية آخذة في الاعتبار موقعها الجغرافي في المغرى، لأن امبراطورية اثيوبيا من دون وضع يدها على هذا الاقليم جغرافياً مغلقة بلا منفذ الى البحر الاحمر، مما يجعلها في اوقات الحرب والسلم تحت رحمة هذا الاقليم.
وبمثل ما كانت لاثيوبيا استراتيجيتها الخاصة كانت لاسرائيل مطامع ومخاوف من هذا الموقع الجغرافي من صراعها الطويل مع العرب. اذ تخوفت دوماً من قيام نظام سياسي ذي توجه عربي - اسلامي في الساحل الجنوبي للبحر الاحمر، ولذلك مالأت الامبراطور هيلاسلاسي في حربه الطويلة ضد حركات التحرر الاريترية. وهدفت اسرائيل من ذلك لقطع الطريق امام تحول البحر الاحمر "بحيرة عربية" اضافة الى خصوصية الموقف الكنسي للمسيحية الارثوذكسية الموغلة في القدم منذ القرن الرابع الميلادي. ولذلك طفقت اسرائيل، في تجيير الدعم الغربي لدولة اثيوبيا "المسيحية" لقلب الموازين في القرن الافريقي. وكان ضمن بنود السياق المصيري لتقاطعات المصالح المحلية والاسرائيلية والغربية تصفية حركة "جبهة التحرير الاريترية" بقيادة عثمان صالح سبي التي وجدت عمقاً واعترافاً وسنداً من السودان ومصر والسعودية وسورية والعراق والجزائر.
الحدود بين اريتريا واثيوبيا
في تموز يوليو 1900 وقّع امبراطور اثيوبيا منليك الثاني وفيدريكو تشيكو دي كولا ممثل ايطاليا في اثيوبيا معاهدة صار بموجبها خط "تومات - ثورك - مأرب - بيليسيا - موتا" الحد الفاصل بين اريتريا واثيوبيا.
وأُخضعت المعاهدة للتعديل في ايار مايو 1903 فصار الخط الفاصل يمتد من خور ام حجر على نهر ستيت الى نقطة التقائه بنهر مأرب مع نهر مي - أمبسا حتى تبقى قبيلة "الكوناما" داخل الاراضي الاريترية. وفي ايار 1908 وقّع منليك الثاني وايطاليا معاهدة جديدة لترسيم الحدود مع اريتريا باعتبارها مستعمرة ايطالية 1890 - 1942. وبناء على هذه الاتفاقية اتجه الخط الفاصل الحدودي من اقصى نقطة شرقي نهر مونا في الجنوب الشرقي في خط موازٍ للساحل على بعد 60 كيلومتراً حتى حدود الاملاك الفرنسية في الصومال.
ولكن عند اندحار الفاشية في الحرب العالمية الثانية، نقلت ادارة اريتريا الى مظلة التاج البريطاني، الى ان أُُلحقت فيديرالياً بأثيوبيا في كانون الاول ديسمبر 1950 بموجب قرار الامم المتحدة خضوعاً للنفوذ الاميركي واعادة لمصالحها التي استلزمت الرباط الفيديرالي ثم الحقت اريتريا نهائياً بالسيادة الاثيوبية في 14 تشرين الثاني نوفمبر 1962، بعدما انطلقت الثورة المسلحة ضد اثيوبيا في ايلول سبتمبر 1961 على يد حامد ادريس عواتي.
اسباب النزاع الحالي
بدأ الخلاف بين الدولتين اثر استقلال اريتريا عبر مبدأ تقرير المصير في ايار 1993. وثار النزاع حول مثلث حدودي في يرغا يحمل اسم بادمي، مساحته 650 كيلومتراً، وذلك سنة 1998 اعتبرت اريتريا مثلث بادمي جزءاً من ترابها الوطني، وطلبت منها اثيوبيا الانسحاب منه من دون شروط مسبقة وتحت تأثير الفعل ورد الفعل بفصل وتجميد وظائف الآلاف من الاريتريين المقيمين فيها ويبلغ عددهم حوالي 400 الف.
واندلعت الحرب في حزيران يونيو 1998 من دون ادنى اعتبار للتجربة النضالية المشتركة بين حلفاء الامس، وفشلت جهود الوساطة التي ابتدرتها منظمة الوحدة الافريقية واميركا.
يقول الاريتريون ان اثيوبيا بادرت بافتعال المشاكل الحدودية في اقاليم جنوب البحر الاحمر وشماله، واقليم القاش - بركة على طريق عصب - اديس ابابا، ومنطقة بدّا جنوب غربي منطقة شمال البحر الاحمر، وبادمي جنوب اقليم القاش - بركة ولاحظ الجانب الاريتري تلكؤ الطرف الاثيوبي في مناقشة الازمة، فيما عثر الاريتريون على خرائط اثيوبية جديدة تنتهك مبدأ الحدود الموروثة منذ الاستعمار وضمت اجزاء من الاقليم الاريتري من دون ان يتم ذلك وفق العادة المتبعة في ترسيم الحدود بين اطراف النزاع.
وفي اثناء الرحلات المكوكية التي أجراها الطرف الاريتري المختص وبينما كان الوفد في اديس ابابا فجّرت اثيوبيا الوضع عسكرياً واعقب ذلك اصدار مجلس الوزراء الاثيوبي في 13 ايار 1998 بياناً مفعماً بالترهيب والوعيد في حال عدم سحب اريتريا قواتها من "الاراضي الاثيوبية من دون شروط مسبقة" ورداً على ذلك البيان اصدر مجلس الوزراء الاريتري بياناً في 15 ايار تضمّن البنود الآتية:
- الخلافات الحدودية تحل بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة.
- اعلان الطرف المدّعي بالسيادة الاقليمية على مناطق النزاع بأحقيته وفق الخرائط والوثائق التاريخية والقانونية.
- بدء المفاوضات عبر وسائط وحال الفشل اللجوء الى مبدأ التحكيم الدولي.
واستمرت الاشتباكات واتجه الوضع الى الجمود وفشل الرهان على ركون الثوار الى منطق الديبلوماسية وهم في البلدين من خريجي مدرسة الحرب وعدم وجود آلية فاعلة لفض النزاعات الافريقية على رغم انشائها في نطاق منظمة الوحدة الافريقية التي لا تحظى باحترام الاريتريين. وفشل الرهان على وحدة الاصل او الانسجام الاثني عبر التحالف للجم النزاعات الحدودية التقليدية، اضافة الى موقع العزة والكرامة الوطنية للحليفين خصوصاً الاريتريين.
وعلّق رئيس وفد سفراء الامم المتحدة السفير الفرنسي لافييت اثر جلسة استماع لمجلس الامن بعد عودتهم من جولة في القرن الافريقي بأن النزاعات الاستبدادية التي طرأت على الجيل الجديد من حكّام افريقيا تدفعهم الى خوض الحروب لاسباب سياسية وشخصية بحتة.
وفي عام 1997 اصدرت اريتريا عملتها النقدية الجديدة النقفا بعد ان تركت التعامل بالبر الاثيوبي ولم يرق ذلك العمل لاثيوبيا فلجأت بدورها الى الزام اريتريا بالتعامل بالدولار في كل المعاملات التجارية القائمة بين البلدين. فألهب ذلك غضب الاريتريين الذين رفضوا تلقي العون المادي الدولي واكتفوا بمجهود ابنائهم المقيمين في اوروبا واميركا وتحويلاتهم 100 مليون دولار ابان حرب بادمي في 1998 - ودفع حوالي الف وخمسمئة اريتري 300 الف جنيه استرليني العام الماضي حين زار الرئيس اسياس افورقي بريطانيا.
اما الحرب التي تجددت في ايار الماضي ولا تزال مستمرة فقد اختلفت طبيعتها الاستراتيجية عن المناوشات العسكرية والجوية في طورها الاول سنة 1998 فقد ارتبط الاجتياح العسكري الاثيوبي بتصريحات لا تخلو من الثقة في كسب الجولة عسكرياً مثل تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي التي لا تخلو من زهو خصوصاً قوله "برهنت اريتريا على انها تقبل الانسحاب تحت الضغط العسكري من بارنتو وزالا أمبسا التي احتلتها اريتريا في حرب العام 1998". وتفادت القوات الاثيوبية طبيعة الاقتحام الجبهوي التي كبّدتها خسائر بشرية فادحة في 1998، فاتجهت الى اهمال مثلث بادمي وتوجهت نحو طريق ميناء عصب، عبر منديغرا الواقعة على سهل يصعب الدفاع عنه لتضع القوات الاريترية المتخندقة في زالا أمبسا تحت رحمة النيران الاثيوبية، مع قلة فاعلية سلاح الجو الاريتري، وتفوق نظيره الاثيوبي الذي قصد الحاق الدمار الشامل بالبنية التحتية الاريترية. ويقول الخبراء العسكريون ان اثيوبيا لا تستطيع البقاء طويلاً هناك، وها هي الآن تسحب قواتها لعوامل عدة أهمها اقتراب فصل الامطار نهاية حزيران مما يهددها بالوحل في مستنقعات طينية.
لقد تميز الخطاب الحربي الاثيوبي ببطريركية جديدة هذه المرة بحيث يبدأ الحرب وينهيها ويحقق اهدافه المتمثلة في الحاق الدمار بالآلة العسكرية لثوار اريتريا الذين يعتبرون الحروب احد خصائص شعبها النفسية، واهانة كرامة الجيش الاريتري، وهذا ابشع انواع الاهانات لطرف يضع العزة والكرامة مبدأ ازلياً. وتركزت حوالي 60 في المئة من القوات الاريترية في منطقة غرب اريتريا مسرح الحرب الراهنة. وتزعم اثيوبيا انها دمرت تلك القوات تماماً، ولو صحّ زعمها فان هذا يعني ان جيلاً اريترياً كاملاً قد اختفى لان اعمار المقاتلين الاريتريين تتراوح بين الثامنة عشرة والاربعين.
وكانت الديبلوماسية الاثيوبية قد قامت بجولات تكللت بالنجاح، فطلبت اديس أبابا من السودان السماح لها باستخددم ميناء بورتسودان لتزويد اقاليمها الغربية والشمالية بالمؤن فضلاً عن تكثيف الجهود الاثيوبية لصيانة الطرق والجسور على طول الطريق المؤدية الى السودان.
وشرعت اثيوبيا في ذلك لاستيائها البالغ مما وصفته بإعاقة السلطات الاريترية مرور المعونات الغذائية الى المتأثرين بالمجاعة في اثيوبيا عبر ميناء عصب الاريتري على البحر الاحمر.
واتهمت اثيوبيا اريتريا بالاستيلاء على 45000 طن من العون الغذائي الذي ارسلته الدول الغربية المانحة اضافة الى انتهاك آليات ومواد بناء وبضائع مستوردة ومركبات تزيد قيمتها على 133 مليون دولار من ميناء عصب.
ويشير الاثيوبيون الى حقول الالغام التي زرعها الاريتريون على طول الممرات المؤدية الى عصب، مما يدل على ان طرفي النزاع يعتبران عصب منفذاً بحرياً مهماً ضمن دائرة النزاع، لا سيما وان اثيوبيا لجأت الى كسر حدة الانغلاق الجغرافي بالتعاقد مع السودان والاستعانة بموانئ بربرة وجيبوتي. ولكن التعويل على بورتسودان يُفهم منه ان جيبوتي استخدمت ورقة "العفر" المقيمين حوله، وهم ذوو جذور اثيوبية بهدف الضغط على اثيوبيا لشل فاعليتها في حسم المشكل الصومالي الذي تريد جيبوتي عبر رئيسها، الاستئثار به. وقد وصفت اثيوبيا عبر رئيسها زيناوي توظيف اريتريا لسلاح الغذاء في الحرب لاجبار اثيوبيا للخضوع للمعتدي" اذ تهدد المجاعة حوالي عشرة ملايين اثيوبي ونحو مليون اريتري.
وفيما يركن افورقي الى قبول مبدأ الانسحاب من المواقع التي تقع تحت سيطرة قواته، كان يقول قبل عامين "ان مشكلة الحدود مع اثيوبيا تحل فقط عن طريق الاعتراف بالحدود الاستعمارية الموروثة. وهو الوضع المعترف به في منظمة الوحدة الافريقية… اما ترسيم الحدود فيتم الاعتماد فيه على الاتفاقات المبرمة بين الدول الاستعمارية مطلع هذا القرن".
واوصى مؤتمر القمة الافريقية الذي عقد في القاهرة العام 1964 باحترام الحدود الموروثة وعدم النيل منها، ولكن لم يرد نص بذلك في الميثاق. فالعبرة هنا بممارسة الدول الاقليمية التي ترقى الى مرتبة "القواعد الآمرة" في القانون الدولي. وتحظر المادة الثالثة من ميثاق المنظمة الافريقية استخدام القوة لتغيير الحدود في البلدان الافريقية. وربما أعاق هذا المبدأ الثورة الاريترية طوال حرب الثلاثين عاماً، باعتبارها اطول حرب تحرير في العالم، عن تحقيق الاستقلال، اذ نُظر الى اريتريا باعتبارها اقليماً جغرافياً يريد الانفصال عن السيادة الاثيوبية.
الموقف الاميركي وحرب بادمي
أجلت الولايات المتحدة حوالي 300 من مواطنيها من اريتريا وبقي طاقم السفارة المكون من حوالي 12 ديبلوماسياً. ووصف ريتشارد هولبروك ممثل الولايات المتحدة الصراع القائم بأنه "اكثر الحروب رعونة في العالم" وقال: "ان الاثيوبيين استخدموا الناقلات والطائرات لنقل الذخيرة وبلازما الدم والوقود للقوات الاثيوبية المرابطة في الشمال بدلاً من نقل الغذاء الى المتضررين من المجاعة في الجنوب".
وتتجه جهود اميركا الديبلوماسية الى تطويق الحرب وحمل حلفائها الى قبول التفاوض ويعمل في ذلك فريق يضم انطوني ليك الذي شغل منصب المستشار السابق لمجلس الامن القومي وسوزان رايس مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية. ويبدو من تصريحات رايس التي عبّرت عن دهشتها لان الهجوم الاثيوبي باغت الديبلوماسية الاميركية. وكان قد سبق لواشنطن ان سعت الى استعادة زمام المبادرة في القرن الافريقي عبر الوساطة والتفاوض وايفاد المبعوثين ثم تدخل الرئيس الاميركي بل كلينتون مباشرة بحض حلفائه في اثيوبيا واريتريا لعدم الركون الى استخدام القوة. ولم تلجأ واشنطن الى تعليق قروض البنك الدولي اكثر من بليون دولار ولم تفرض عقوبات. لكنها دفعت مجلس الامن لفرض حظر على شحنات السلاح لطرفي النزاع لمدة عام بعد ان عزز الطرفان ترسانتهما الحربية. وصرفت اثيوبيا في العامين الماضيين حوالي بليون دولار على التسلّح، وتعددت مصادر سلاح البلدين من المعسكر الشرقي القديم روسيا واوكرانيا وبلغاريا وكوريا الشمالية ورومانيا والصين. وتشكل الحرب الحالية نكسة كبيرة لاميركا التي عولت على تماسك هذا التحالف لاضعاف النظام في الخرطوم.
ولا شك ان الخبراء العسكريين لاحظوا الطبيعة الخاطفة للجولة الاخيرة التي ابتدرتها اثيوبيا. واوردت صحيفة "ازفسيتا" الروسية ان سر انتصارات الجيش الاثيوبي يعزى لوجود عدد من الجنرالات الروس الذين خططوا المسار الفني للحرب للاثيوبيين. واضافت ان هيئة اركان الجيش الاثيوبي لا تجتمع الا بوجود الجنرالات الروس. وقدمت السفارة الاريترية في موسكو قائمة من 18 جنرالاً روسياً خبراء في وسائل الدفاع الجوي المضادة للطائرات والرادارات والشؤون الاستراتيجية وتكتيكات القتال الحربي. كما ان ثمة طيّارين روساً يديرون مواقع اخرى
تاريخ العلاقة بين اريتريا واثيوبيا
مملكة اكسوم 1000 قدم - 700 م
ايطاليا تضم اريتريا 1885
الملك أمبرتو يضع حدود اريتريا 1890
الاحتلال الايطالي 1890 - 1941
بريطانيا تحتل اريتريا 1941 - 1952
قضية اريتريا في الامم المتحدة 1941
الرباط الفيديرالي بين اريتريا واثيوبيا 1952
اثيوبيا تضم اريتريا 1962
اريتريا محافظة اثيوبية 1962 - 1991
تحرير اريتريا 1991
استقلال اريتريا 1993
اندلاع حرب بادمي 1998


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.