لم تنجح الجهود الديبلوماسية الاقليمية والدولية التي نشطت خلال اليومين الماضيين في تحقيق نتائج ملموسة لوقف القتال المندلع بين اثيوبيا واريتريا منذ العاشر من الشهر الجاري، وذلك على رغم اعلان الموفد الأوروبي الايطالي رينو سيري موافقة الطرفين على استئناف المفاوضات. وخلافاً لذلك، اندلعت أمس معارك جديدة ضاربة على جبهة زال امبسا - ايغالا، فيما اتستعت حدة المعارك في يوري الجنوبية وعلى كل الجبهات الحدودية الأخرى. وأعلنت اريتريا ان القوات الاثيوبية تقود معارك في عليتينا على بعد 155 كلم جنوب أسمرا. وأكدت الناطقة باسم الحكومة الاثيوبية سولومي تاديسي اندلاع المعارك بضراوة صباح أمس بين القوات الاثيوبية والاريترية على جبهة زال امبسا - ايغالا الواقعة في المنطقة الحدودية الوسطى. ولم تذكر الناطقة تفاصيل عن تلك الجبهة، لكن مراقبين في أديس ابابا توقعوا أن تكون المعارك فيها حامية وقاسية، لأن كلا الطرفين يحشد عشرات الآلاف من قواته حول زال امبسا التي تدعي اثيوبيا أنها تابعة لها، وما زال الجيش الاريتري يحتلها منذ أيار مايو 1998. وأوضحت تاديسي في بيانها الذي أصدرته أمس، ان القوات الاثيوبية استولت على منطقة كوهين ومدينة مايماين في جنوب اريتريا، وان قواتها "كبدت القوات الاريترية خسائر فادحة" في المعركة التي جرت أول من أمس. وأشار البيان أيضاً إلى استمرار المعارك على جبهة يوري الجنوبيةالشرقية القريبة من البحر الأحمر. وفي أسمرا، أعلنت وزارة الخارجية الاريترية في بيان ان القوات الاثيوبية شنت هجوماً واسعاً في جبهة عليتينا التي تبعد مسافة 155 كلم جنوب العاصمة أسمرا. وذكر البيان "ان القوات الاريترية تدافع ببسالة، وما زالت تكبد القوات الاثيوبية خسائر كبيرة". ولم يذكر البيان حجم الخسائر لدى الطرفين. في موازاة ذلك، أكد مسؤولون اريتريون ل"الحياة" ان الهجوم الاثيوبي بدأ على الجبهة الوسطى في زال امبسا، وان المعارك ما زالت مستمرة بضراوة، وتوقعوا ان تكون فاصلة. وأوضحوا ان المنطقة نفسها كانت شهدت معارك طاحنة مطلع العام الماضي، وان قواتهم كبدت الاثيوبيين خسائر كبيرة آنذاك و"تعرضوا لمجزرة بسبب اعتمادهم في الهجوم على الموجات البشرية". وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" في أسمرا إن اندلاع الحرب على جبهات جديدة هو إشارة إلى صعوبة التوصل إلى حل سلمي بين الدولتين الجارتين، خصوصاً أن المعارك تصاعدت بعد مغادرة مبعوث الاتحاد الأوروبي رينو سيري أسمرا إلى أديس ابابا، وبعد محادثات أمين اللجنة الشعبية العامة الليبية للوحدة عبدالسلام التريكي مع المسؤولين الاثيوبيين. إلى ذلك، قال الناطق باسم قوات الدفاع الاريترية إن قواته استطاعت اخراج أكثر من 37 ألف جندي اثيوبي خارج مسرح العمليات العسكرية، من بينهم 12 ألف قتيل خلال الأيام العشرة الماضية. وفي اديس ابابا، أعلن سيري نائب وزير الخارجية الايطالي مبعوث الاتحاد الأوروبي أن ثمة تجاوباً بشأن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين طرفي النزاع. لكنه رفض الادلاء بأي تفاصيل عن محادثاته مع المسؤولين في كلا البلدين. وكان صرح قبل مغادرته أسمرا أمس ان اثيوبيا أوضحت ان ليس لديها الرغبة في الاحتفاظ بالأراضي الاريترية وتعريض استقلال اريتريا للخطر، وان هدفها الوحيد هو استرداد المناطق التي تدعي اثيوبيا ملكيتها. وأوضح ان اريتريا وافقت على المفاوضات غير المباشرة مع اثيوبيا من دون أي شروط مسبقة، وان الأمر الآن يرجع إلى منظمة الوحدة الافريقية والمبعوث الجزائري أحمد أويحيى لاستئناف المحادثات التي تعثرت في الجزائر قبل حوالى عشرين يوماً. ورداً على سؤال عما إذا كانت اثيوبيا مستعدة لوقف القتال قبل تحقيق أهدافها، قال سيري إن ليس في إمكانه التحدث عن الجوانب العسكرية، موضحاً ان اثيوبيا ستقبل بوقف النار في حال عودة الأراضي إلى ما كانت عليه قبل السادس من أيار مايو 1998. يذكر ان السبب الرئيسي لتعثر محادثات الجزائر الأخيرة كان موقف اريتريا التي تطالب بوقف النار قبل البدء بأي مفاوضات، ومن جهة أخرى إصرار اثيوبيا على عدم التفاوض قبل انسحاب اريتريا من الأراضي التي احتلتها قبل السادس من أيار 1998 والتي تدعي اثيوبيا ملكيتها.