حققت الفنانة سيمون شهرة في عالم الغناء، لكنها في الوقت نفسه خاضت تجربة السينما والمسرح، وحصلت على جائزة أحسن ممثلة مسرحية وهي تُرجع الفضل في ذلك الى الفنان محمد صبحي الذي تقول عنه: "أمامي الكثير لأتعلمه في مدرسته المسرحية". تقول سيمون: "كنت حريصة دوماً أن يكون لي مقعد في مسرح محمد صبحي لأتابع من خلاله أعماله الناجحة، فكنت من أشد المعجبين بمسرحه أنا وأسرتي وحتى قبل كوني فنانة. لكن لم يراودني حلم ان أصبح عضواً في فرقته، على رغم أنني رفضت كل العروض التي قدمت اليّ بعد أول سنة لي في مجال الفن، لكن مع محمد صبحي الأمر يختلف، فعندما رشحت لآداء دور "كريمة" في مسرحية "كارمن" لم أتردد لحظة في القبول وذلك لثقتي البالغة فيما يقدمه. لقد سعدت بالشخصية ورأيت انها قريبة الى حد كبير من ملامح سيمون الانسانة، واجتهدت في أدائها قدر استطاعتي. ثم بعد ذلك رشحني لبطولة مسرحية "لعبة الست" والتي عرضت في مهرجان "المسرح للجميع"، ولا أنكر رفضي في البداية لتخوفي من اداء الشخصية، ولكن امام اصراره وتأكيداته لي بأنني سوف احقق نجاحاً في آدائها لم أجد بديلاً من الموافقة، وبالفعل حصلت على جائزة احسن ممثلة مسرحية عن دوري في المسرحيتين". هل كان اختيارك بطلة لمسرح محمد صبحي رهاناً يفوق قدراتك اذ لم يكن قد سبق لك خوض تجربة المسرح من قبل؟ - لا أريد الحديث بلسان محمد صبحي، ولكن من خلال تجربتي الشخصية في العمل معه، أعتقد أن فناناً ناجحاً مثله لا يضع للمراهنات اعتباراً في حساباته، لأن كلمة الرهان في حد ذاتها تحتمل المغامرة حتى ولو كانت محسوبة بدقة، وهذا لا تجده في مسرح محمد صبحي، لأن كل خطواته مدروسة ومحسوبة بدقة، وهو يضع في اعتباره حسابات أخرى، فلا يمكننا القول إن فناناً يحرص على نجاحه لديه استعداد للتضحية بتاريخه الفني والمراهنة من أجل سيمون. إذن تعتقدين بأنه كان واثقاً من قدراتك كممثلة مسرحية. - ثقة محمد صبحي الأساسية تكمن في ما يقدمه. فهو فنان واع لديه تصور ودراية، وقد توسم في سيمون ممثلة مسرحية ناجحة، على رغم أن اختياره تحدد بناء على مشاهدته لي في أحد المسلسلات التلفزيونية وفي بعض أغاني "الفيديو كليب" وهو أمر ليس له علاقة بالنشاط المسرحي، إلا أنه فنان كبير واستطاع أن يفجر طاقتي الفنية، وبالتأكيد عندما يضع احد مثل هذه الثقة في امكاناتك لا يسعك إلا بذل كل جهد ممكن حتى لا تخيب ظنه وثقته، فأنا أدين له بالفضل في ما حققته من نجاح. من المعروف عن محمد صبحي ديكتاتوريته الشديدة في العمل، وهي احياناً تزعج. ألم تجدي صعوبة في التعامل معه؟ - صبحي مخرج مسرحي قبل كونه ممثلاً، وذلك في رأيي يعطيه الحق في التوجيه والارشاد لأي ممثل يعمل معه، وتقديم النصيحة اليه، حتى يخرج العرض بالصورة التي يريدها ويتمناها ويراها صالحة للعمل. ولذلك لا اعتبر ما تقوله امراً يزعجني فأنت لا تستطيع ان تغضب من استاذك اذا كان يريدك أن تصبح ممثلاً ناجحاً. أداؤك لثلاث شخصيات في ثلاث مسرحيات خلال اسبوع واحد، هل يشكل صعوبة في فهم الشخصية وأدائها؟ - أهم ما يميز مسرح محمد صبحي فترة الاعداد الطويلة التي تستغرقها كل مسرحية في التجهيز. فالموهبة وحدها لا تكفي لصنع فنان ناجح، وفترة "البروفات" الطويلة والتدريبات المستمرة تكسب الفنان مهارة خاصة في اتقان الشخصية وللتعرف على ملامحها وشتى جوانبها، إضافة إلى أننا بدأنا عروض المهرجان بمسرحية "لعبة الست" ثم "كارمن" وفي النهاية مسرحية "سكة السلامة"، وكل واحدة منها قد اخذت كفايتها من التدريبات و"البروفات". ولن يكون من قبيل الغرور ان أقول انني لم أجد صعوبة في أداء الشخصيات الثلاث، ولم أتعرض للخلط بينها. هل تنوين الاستمرار مع فرقة محمد صبحي؟ وهل يمكنك الاشتراك في عروض مسرحية اخرى لغيره؟ - خلال الفترة الحالية، اذا قدر لي الاستمرار في المسرح، فلن يكون ذلك إلا مع فرقة محمد صبحي لأنك نادراً ما تجد مسرحاً يوفر لك عناصر الافادة والامتاع في الوقت نفسه، وأنا من خلال العمل معه، تأكدت من كذب المقولة بأن "الفن الجيد يساوي بالضرورة ايراداً منخفضاً". أما بالنسبة الى اشتراكي في فرقة اخرى، فلا أجد على الساحة الآن ما يغري اي فنان ويجعله حريصاً على المشاركة أو حتى المشاهدة. بداياتك في الفن كانت كمطربة، هل تجدين اختلافاً في الشكل وأداء غنائك في المسرح وبين اللون الذي قدمتيه؟ - هناك اختلاف جذري بين الغناء من خلال رواية مسرحية، والغناء امام الجمهور في الحفلات، وذلك لأسباب أهمها ان هناك قواعد وأصولاً تحكم الغناء في المسرح، فأنا اغني بالطريقة التي تناسب الشخصية، لان صوتي هو تعبير عن الشخصية وطباعها وملامحها، وليس تعبيراً عن سيمون المطربة. ووجّهني صبحي الى ضرورة ان أراعي هذا وأن أغيّر شكل أدائي ليصبح أكثر عمقاً ونضوجاً. ماذا كان تصنيفك على الساحة الغنائية؟ هل كان لك ترتيب بين بنات جيلك؟ - لم اصنف يوماً في أي مجال قدمته، وعادة لا يطرح اسم سيمون ضمن قائمة اسماء المرشحات كأفضل بطلة سينمائية او في مجال الغناء، على رغم انني كنت مطربة ضمن اربعة أصوات نسائية على الساحة في ذلك الوقت، هن حنان ومنى وصابرين وأنا. وقد اشتهرت بتقديم لون غنائي بسيط رأيت أنه يتناسب مع شخصيتي، وحصلت من خلال ذلك على جائزة أحسن اغنية وهي "نظرة وابتسامة". وفي السينما ايضاً يحدث الشيء نفسه، إذ شاركت في ثلاثة أعمال سينمائية للمخرج خيري بشارة اعتبرها ناجحة الى حد ما، ومع هذا فإن أهل السينما قرروا نسياني. طرق عدد من المطربين الشبان مجال التمثيل ولكنهم فشلوا في تحقيق النجاح نفسه الذي حققوه في الغناء، إلى أي مدى ينطبق هذا الكلام على سيمون؟ - إن تجربة السينما جاءت عن طريق المصادفة. لم أسع لأكون ممثلة سينمائية، لكن حدث ان رشحني خيري بشارة لدور صغير في فيلم "يوم مر ويوم حلو" امام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. وحقق الشريط نجاحاً ملموساً عند الجمهور والنقاد واستفدت أنا من ذلك النجاح لكنني بطبعي لا أتعجل الوصول إلى القمة، وما زلت اعتبر نفسي هاوية . على أي أساس كنت تقبلين أدوارك في السينما؟ - لا تهمني مساحة الدور الذي اقدمه قدر اهتمامي بحجم العمل ككل، لأنه بالتأكيد يعطيك مؤشراً على مدى نجاح العمل وتميزه، وشرط أن يكون الفيلم اضافة حقيقية الى عملي، لأن الفنان الناجح هو الذي يحرص على اختياراته، ومن هنا يتأكد استمرار نجاحه. لكن فيلم "آيس كريم في جليم" الذي قمت فيه بدور أساسي واجه زوبعة نقدية؟ - اعتقد بأن هناك أسباباً عدة أدت لتعرض الشريط لهذا الهجوم الضاري، في مقدمتها ان "آيس كريم" كان بداية لتيار جديد قد بدأ يتشكل في السينما في ذلك الوقت وهو تيار "السينما الشبابية" وعادة ما تتعرض التجارب الجديدة لصدمات وهجوم عنيف من قبل الجمهور والنقاد. كما ان الفيلم كان نقطة تحول في السينما التي يقدمها خيري بشارة لم يألفه الناس أو يعتادوه، وقد فوجئ الجميع بالطرح الجديد لقضايا الشباب ومشكلاتهم، وأيضاً لأن الشريط اسند ادوار البطولة فيه لوجوه شابة ومطربين شبان ممن يحظون بشعبية واسعة، ولم يعتمد على نجم او نجمة سينمائية، ولهذا أثار الشريط بالطبع جدلاً واسعاً عند بداية عرضه. واذكر هنا ايضاً ان فيلم "يوم مر يوم حلو" لم ينج من الهجوم، فقد اعتبره بعض النقاد قاتماً وكئيباً على رغم أنه كان من بطولة فاتن حمامة وهي فنانة كبيرة تحرص بشدة على اختياراتها. إذن انت راضية عن دورك في الفيلم؟ - لا أنكر أنني قد ترددت كثيراً قبل قبولي الدور لاعتقادي الشخصي بأنني لا اصلح لأدوار الشر، وشخصيتي في "آيس كريم" كانت الى حد ما شخصية شريرة، فهي الفتاة التي تتعجل الثراء، وترى ان حبيبها أناني وسلبي، ولذلك تهجره وتتزوج من غيره حتى يتحقق لها ما تريد، ونحن بطبيعة الحال شعب عاطفي، نتعلق بالشخصيات الخيرة ونقوّم الفنان من هذا المنطلق، وأنا أحرص على ان يحب الجمهور سيمون الإنسانة ويتعلق بها وأحياناً أكثر من تعلقه بسيمون الفنانة