نبيهة كراولي مطربة تونسية استطاعت في فترة قصيرة ان تصنع لنفسها مكاناً على ساحة الطرب في تونس. تقول نبيهة: ولدت في مدينة قفصةجنوب غربي تونس في عائلة متوسطة. كان والدي يهوى سماع سيدة الغناء العربي ام كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب. أما الوالدة فكانت مغرمة بالفن الشعبي خصوصا المطربة التونسية صليحة، فيما كان اخي الكبير يستمع الى أغاني المطربين الفرنسيين كجاك بريل وماري ماتيو وجيمس براون... اخي الصغير كان من أشد المعجبين بالفنان عبدالحليم حافظ، أما أنا وبجانب كل هذا التنوع في الأذواق كنت احب الاستماع الى ليلى مراد بالاضافة الى الفنان التونسي الهادي الجويني الذي كان يحافظ على النمط الأندلسي. ونتيجة لقرب مدينة قفصة من الجزائر كنت متأثرة أيضاً بالاغنية الجزائرية الكلاسيكية التي تقترب كثيراً من النمط الأندلسي، كما في أغاني الفنان خليفة احمد والفنانة سلوى الجزائرية وهذا يفسر معرفة الجمهور الجزائري بنبيهة كراولي لأنني اقدم فناً قريباً منهم. كيف دخلت المجال الفني؟ - الفن دائماً بداخلي ولكني لم امارسه إلا لاحقاً، فبعد حصولي على شهادة "البكالوريا" قررت الذهاب الى العاصمة تونس للدراسة في كلية الآداب والعلوم الانسانية. وهناك درست الأدب الفرنسي، وخلال دراستي التي امتدت اكثر من سنتين التقيت مع أحد أعمدة الاغنية العربية وهو الشيخ إمام الذي كان يزور تونس لاحياء بعض الحفلات. وقد اعجب بصوتي وعرض عليّ المشاركة معه في بعض تلك الحفلات. وهكذا كانت الخطوة الاولى لي في المجال الفني. وقد شجعني هذا على الانتقال الى المعهد العالي للموسيقى. وبعد حصولي على الشهادة العليا توجهت لتدريس الموسيقى، حتى العام 1987. وهنا كان ظهوري الفعلي عندما التقيت الفنان التونسي وعازف العود المتميز أنور براهم كان آنذاك يدير فرقة مدينة تونس للموسيقى، كان الفنان انور يبحث عن اصوات جديدة في تلك الفترة رشحني له الفنان المسرحي المشهور فاضل الجزيري بعد حضوره حفلات الشيخ إمام التي كما ذكرت شاركت في بعضها. وبعد استماع الفنان سألني متى تبدأين؟ ومن هنا أصبحت عضواً في الفرقة التي كانت مطعمة بأجمل الاصوات في تونس أحسست انني في المكان السليم. وكانت هذه الفترة بمثابة حجر الأساس في مشواري الفني. أول عمل قدمته الفرقة بعد مشاركتي كان "النوارة العاشقة" من تأليف الشاعر علي اللواتي ومن الحان مدير الفرقة الفنان انور براهم. وقد شاركني الغناء في بعض الاغاني الفنان لطفي بوشناق الذي كان عضوا في الفرقة آنذاك ولقي هذا العمل على مستوى النقاد والصحافة في تونس نجاحاً كبيراً لم يكن متوقعاً، خصوصاً بعد مجازفة انور براهم بتقديم صوت جديد هو صوتي فضلاً عن انها كانت تجربته الاولى في التلحين. ثم اشتركت الفرقة في العام 1988 في مهرجان قرطاج بعمل فني جديد بعنوان "ليلة طائر" وكان انجازا جديدا يضاف الى حصيلة الفرقة الفنية. واشتركت لاحقاً مع الفنان سمير الشيشري في عمل سمي "القنطرة" وكان الفنان سمير مدرساً خلال فترة دراستي بالمعهد العالي للموسيقى وقد تمثل عمل "القنطرة" في احياء أغاني التراث التونسي من فترة الثلاثينات بتصور وأسلوب جديدين، وأنا حتى الآن اعتبر هذا العمل السبب الرئيسي في تحقيق شهرتي لدى الجمهور، فقد كان "النوارة العاشقة" يقتصر نوعاً ما على ما يسمى "بالنخبة" او الطبقة المثقفة، اما "القنطرة" فكان موجهاً إلى الجماهير في إعادة تقديم أغان مثل "شفتك مره" و"اذا جبوك ارتاح" و"سيلي يا دمعتي" وهي كلها اغان من التراث بالاضافة إلى أنها جمعت بين الجدية والطرافة. ونتيجة للنجاح الساحق لهذا العمل، دعيت للاشتراك في عدة مهرجانات عربية وعالمية عدة لمدة عامين ولأنني اؤمن بالكيف وليس بالكم لم اصدر أية أعمال جديدة حتى العام 1992 عندما قررت المجازفة وانتاج اعمالي بنفسي وهنا دخلت في تجربة جديدة مع المطرب والملحن سليم دمق والشاعرين حسن والحبيب المحنوس اثمرت البوم "طريق السلامة" الذي احتوى على ست أغان منها "ما حلاها" و"كحلة الانظار" و"قالولي جاي" وحقق الالبوم نجاحاً ساهم بالطبع في ازدياد شعبيتي. وفي العام 1994 كان لي لقاء مع الملحن الشاب الناصر حمود فأصدرت البوم "سير يا قلم" و"كان قلبي يطاوعني" كلمات الشاعر المنصف البلدي وهو من نفس مدينتي قفصة وأخيراً جددت اللقاء مع الفنان سليم دمق لانتاج آخر البوم لي. بمن تأثرت في الغناء والطرب؟ - نتيجة لتربيتي على المدرسة الشرقية فقد تأثرت كثيراً بكوكب الشرق ام كلثوم والموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، بالاضافة الى الفنان عبدالحليم حافظ والفنانة فيروز. ونتيجة لتأثري هذا فقد توجهت من البداية الى اختيار الاغنية ذات الطابع الأصيل. ما رأيك في اغاني اليوم المتوفرة على الساحة العربية؟ - منذ بدايتي الفعلية احسست بنفور الجمهور التونسي على وجه الخصوص من الاغاني الحديثة التي يفتقر بعضها إلى المعاني ناهيك ببعدها عن الواقع. وفي رأيي ان نجاح الاغنية المصرية هذا النجاح الساحق كان نتيجة تطرقها الى المشاكل الاجتماعية والمشاكل العاطفية بلغة الناس اليومية. وانا احاول ان اطبق الأسلوب نفسه في الاغنية التونسية وهناك امثلة كثيرة كأغنية "قالولي جاي" وهي تتطرق الى مشكلة الزوجة المنتظرة لزوجها المهاجر طلباً للرزق نتيجة للظروف الاجتماعية الصعبة. من هم الملحنون الذين تضعيهم على قمة الفن العربي؟ - هناك اسماء عديدة اذكر منها الفنان محمد الموجي والفنان كمال الطويل، والمطرب الاصيل سيد مكاوي بالاضافة الى الاستاذ بليغ حمدي والذي بدوره مزج بين الكلمة الشعبية الاصيلة والآلة الغربية الحديثة. أما الآن فهناك الفنان حلمي بكر والاستاذ محمد سلطان بالاضافة الى الاستاذ محمد علي سليمان، وهناك كثيرون ولكن لا اريد ان انسى الفنان سيد درويش بكل ما اضافه الى الفن المصري خاصة والفن العربي بشكل عام. إلى من تستمعين اليوم؟ - هناك العديد من المغنين الجيدين على الساحة الفنية حالياً ولكن هناك اختلاف في الكفاءة وتقديم العمل ولهذا لا استطيع اعطاء اسماء معينة. ولكني كما ذكرت من قبل أميل الى جيل العمالقة أمثال أم كلثوم وليلى مراد ونجاة الصغيرة. هل غنيت بلهجة اخرى غير التونسية؟ - لم أغن حتى الآن بغير اللهجة التونسية، لكن هناك مشروع للغناء في مصر ولبنان ولن اضيف اكثر من ذلك، وأنا أتمنى الغناء بجميع لهجات عالمنا العربي الكبير كاللهجة الخليجية واللهجة اليمنية. هل يمكن للأغنية العربية الوصول الى العالمية؟ - بالتأكيد فهناك محاولات وهناك ايضا من وصل بالفعل كالمطرب الجزائري الشاب خالد الذي احتفظ لنفسه بنمط واحد وهو "الراي" مع تطويره وعولمته. وقد كان موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب أحسن مثال على سعة الرؤية والانفتاح على الموسيقى الاوروبية ففي الوقت نفسه عرف كيف يمزج بين الأصالة العربية والتقنية الاوروبية بادخاله آلات موسيقية جديدة لم تكن موجودة في التخت العربي. هل تعتبرين الفيديو كليب عاملاً أساسياً في نجاح الأغنية؟ - طبعاً، وأنه لأمر جميل أن ترى أداء مطربك المفضل مع سماع صوته وهذا لم يكن متوافراً من قبل الا من خلال الحفلات الحية، أما الآن فالفيديو كليب أصبح تقريباً البديل من هذه الحفلات ولكن في النهاية كفاءة الفنان وموهبته وقدراته الفنية الصوتية وغيرها لا تظهر الا على خشبة المسرح. هل قدمت اية حفلات في دار الأوبرا المصرية؟ - نعم اشتركت في اطار برنامج السهرات العربية الذي ترعاه دار الاوبرا وكان لي الفخر ان امثل تونس ضمن هذه الحفلات. ما هي أعلى طموحاتك الآن؟ - نجاح ألبومي الجديد والفيديو كليب المصاحب له وطبعاً رضى جمهوري عني. وان اوفق في المساهمة في احياء الأغنية العربية التي تنبع من اصالتنا العربية