إذا ما صحت التوقعات فإن العام 2000 سيسجل اكبر انطلاقة لمشاريع تخصيص شركات الطيران العربية، ولو ان استكمال تنفيذ هذه المشاريع سيحتاج الى بضع سنوات. وتخطط الحكومة المغربية لبيع حصة من شركة الخطوط الملكية المغربية. ولن يتأخر اطلاق المشروع عن اواسط العام المقبل، على الا تزيد حصة الشريك الخاص عن 49 في المئة، في المرحلة الاولى، تمهيداً لتجاوز هذه النسبة، لكن في مراحل لاحقة، عن طريق فتح باب المساهمة للاكتتاب العام في السوق المحلية، بعدما تكون المرحلة الاولى قد تركزت على ادخال مساهم استراتيجي، وهو التعبير الذي يستخدم عادة للاشارة الى عزم الحكومة بيع الحصة الرئيسية الى احدى شركات الطيران العالمية، بما يساعد على تحسين الملاءة المالية من جهة، وتوفير الخبرة التقنية والادارية. واللافت ان اطلاق مشروع تخصيص "المغربية" يأتي في الوقت الذي بدأت فيه الشركة التحضير لتحقيق اكبر عملية تحديث لأسطولها الجوي، عن طريق شراء طائرات جديدة للمديين المتوسط والطويل، وهو الامر المتوقع انجازه اواخر العام المقبل. الى ذلك، فإن اطلاق تخصيص "المغربية" يأتي في الوقت الذي تثبت فيه الشركة قدرتها على الاستمرار في تحقيق ارباح عالية، وهو ما عكسته نتائج الاعوام الثلاثة الماضية، ويتوقع ان يتابع نموه هذا العام، مع تجاوز الارباح المقدرة ال510 ملايين ريال، بزيادة اكثر من 20 في المئة عن العام 1998. وفي السياق نفسه، من المقدر ان تطرح الحكومة التونسية حصة اضافية من اسهم الشركة الوطنية للبيع، بعدما سبق لها ان باعت 20 في المئة منها، قبل 4 سنوات، فيما يتوقع الا تزيد الحصة الاضافية التي ستطرح للبيع عن 28 في المئة، بحيث تستمر الدولة مالكاً لغالبية الاسهم، اقله في المدى المنظور. وعلى غرار ما تسجله "المغربية"، فإن شركة الخطوط التونسية تهيئ لاستكمال تخصيص ملكيتها في الوقت الذي تتابع فيه تحقيق افضل النتائج المالية لها، منذ سنوات، اذ يتوقع ان تزيد نسبة النمو لهذا العام عن 7 في المئة. اما في دول المشرق العربي، فإن قطار التخصيص يبدو متفاوت السرعات، بين دولة وأخرى، اذ في حين يستمر ملف تخصيص "طيران مصر" والخطوط السورية مقفلاً، اقله حتى الآن، فإن ثمة اشارات كافية الى انه بات جاهزاً للانطلاق في دولتين هما الاردنولبنان. وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الحكومة الاردنية انجزت معظم الترتيبات الادارية والمالية والقانونية لإطلاق مشروع تخصيص "الخطوط الملكية الاردنية"، اعتباراً من اواسط العام المقبل، وتشمل هذه الترتيبات وضع الاطار الخاص لتسوية اوضاع العمالة الفائضة في الشركة، عن طريق نقلها الى شركات تابعة سيصار الى انشائها قريباً، للعمل في مجالات الصيانة والتموين وادارة السوق الحرة. كما شملت الترتيبات مسألة الديون المتراكمة على الشركة، وهي المسألة التي شكلت العائق الاساسي حتى الآن. ووفق المعلومات المتداولة فإن الحكومة ستتحمل الجزء الاهم من هذه الديون، خصوصاً الديون المترتبة لمصلحة مصفاة النفط الاردنية. ويخطط المسؤولون الاردنيون لبيع حصة رئيسية الى شريك استراتيجي، على ان لا تتجاوز حصته 49 في المئة، في مقابل ان يتولى توفير المساعدة المالية والتقنية اللازمة لتطوير اداء الشركة، بما في ذلك تحديث الاسطول، وتطوير خطط التعاون مع الشركات العالمية. اما في لبنان فإن مسألة خروج الدولة من ملكية "طيران الشرق الاوسط"، باتت رهن صدور القرار الحكومي، علماً ان بعض المسؤولين المعنيين تلقوا عروضاً، ولو اولية، من بعض شركات الطيران العالمية، خصوصاً الاوروبية، للمساهمة في "الميدل إيست". وكان الاطار الذي اقترحه المسؤولون اللبنانيون لتخصيص الشركة، يشتمل على انشاء شركات اخرى لاستيعاب العمالة الفائضة، الى جانب اشتماله على اجراءات محددة، خصوصاً على الصعيدين التشغيلي والمالي. وتعتبر مسألة الخسائر والديون التي تتحملها الشركة، من اكثر الاعباء وطأة، على الرغم من النتائج المرضية التي حققتها الادارة الحالية والتي استطاعت، في خلال سنة واحدة، تخفيض خسائر التشغيل، الى حوالي 50 في المئة. وفي المقابل لم يعد قطار التخصيص بعيداً عن شركات الطيران في دول الخليج العربي. ففي السنتين الماضيتين، شهد الوضع تطورات متسارعة، بدءاً من اعلان الحكومة السعودية عن نيتها فتح باب مؤسسة الخطوط السعودية، امام مساهمة القطاع الخاص، وان كان تنفيذ هذه الخطوة ما زال يحتاج الى استكمال الترتيبات المالية والادارية. اما في قطر، فقد خطت الدوحة خطوات اساسية الى الامام، من خلال الابقاء على 50 في المئة، من اسهم شركة "الخطوط القطرية"، في عهدة القطاع الخاص، من دون ان يعني ذلك، ان الاتجاه هو الى اقفال الباب امام زيادة مساهمة الرساميل الخاصة، ولو ان انجاز هذه الخطوة سيستغرق وقتاً اضافياً. واذا كانت شركات الطيران الاخرى في المنطقة ما زالت تقفل ابوابها في وجه الرساميل الخاصة، فإن موضوع تخصيصها بات حاضراً ومطروحاً، ما يعني ان المسألة في الاساس، باتت مسألة الوقت الكافي لاستكمال النضوج.