اكتسبت محاكمة الشيخ عبدالله نوري أمام محكمة رجال الدين، وما شاء الله شمس الواعظين محمود شمس بتهمة التزوير وإهانة المبادئ الاسلامية، ابعاداً تتجاوز مجرد محاصرة التيار الاصلاحي وضرب مواقعه قبل الانتخابات التشريعية. فالشيخ عبدالله نوري، الذي يعتبر حتى الآن المرشح المضمون للفوز بمقعد طهران على طريق الفوز برئاسة مجلس الشورى، يتم استبعاده عبر محكمة رجال الدين. لكن الشيخ الاصلاحي اعتمد الهجوم فحاكم المحكمة طاعناً في شرعيتها، معتبراً انها وجدت لظروف معينة انتهت ويجب العودة الى الدستور، وهو وضع علناً النقاط على الحروف حول سلطات الولي الفقيه فاعتبرها تحت القانون لأنها مستمدة من الدستور وليست فوقه. وفتح ملف آية الله العظمى حسين علي منتظري خليفة الامام الخميني المعزول فاعتبر ان الامام الخميني منعه من التدخل في القرار السياسي ولم يمنعه من التدخل في الحياة العامة لأن لا احد يستطيع منع مرجع كبير بحجم منتظري من الفتوى وإعلان موقفه مما يحصل في الجمهورية الاسلامية. وبهذا الدفاع الذي شكل هجوماً وقائياً يكون نوري قد منح محاكمته بعداً دستورياً وحجماً فكرياً يطول اسس الجمهورية الاسلامية. وبدوره فان ما شاء الله شمس الواعظين وضع المحاكمة في خارج الاطار الدستوري الذي يمنحها الشرعية، وذلك عندما رفض التكلم من دون وجود هيئة محلفين. وفي حال اصدرت المحكمة قراراً بسجنه يكون شمس الواعظين قد فتح ثغرة في حصن القاضي سعيد مرتضوي المعروف بحربه المعلنة ضد الحرية الفكرية والصحافية. ومما يعزز هذا التوجه ان الرئيس محمد خاتمي دعا في مقابلة صحافية الى احترام القوانين والحريات المشروعة اضافة الى تعزيز حسّ النقد في المجتمع الايراني. واعتبر خاتمي ان زيادة المنشورات، أكانت على صعيد الكتب او الصحف، ستحمل افكاراً جديدة وتزيد يقظة الايرانيين. وأمام الهجمة الحادة للمحافظين على الصحافة الاصلاحية وشخصياتها البارزة، ينشط الاصلاحيون تحت "الخيمة الخاتمية"، فقد اسسوا هيئات تؤطر مختلف الكادرات لئلا تبقى قوتهم مجرد قوة مبعثرة يمكن اختراقها. وتمهيداً لاختيار شخصيات لترشيحها في الانتخابات من دون ان يستطيع مجلس صيانة الدستور استبعادها تحت اي حجة من الحجج.