قال عسكريون أفارقة ل "الوسط" إن الهجوم الذي تشنه قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق على قوات الحكومة السودانية وميلشيا الجبهة الاسلامية القومية الحاكمة في منطقة أولو جنوب ولاية النيل الازرق المتاخمة للحدود مع اثيوبيا يهدف الى إقصاء الحكومة من المناطق التي تسيطر عليها في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، وذلك لتحقيق الالتحام بين قوات قرنق والكوماندور كاربينو كوانيين بول التي تسيطر على مناطق واسعة في الولاية المذكورة. وكان رد فعل الخرطوم على معارك أولو حاداً للغاية، إذ دعا الرئيس عمر البشير الى إرسال أكبر عدد من القوات والمتطوعين الى المنطقة، فيما أقر الدكتور حسن الترابي رئيس البرلمان ومرشد الجبهة الاسلامية القومية بأن المعارك أسفرت الاسبوع الماضي عن مقتل أكثر من 100 جندي حكومي. وقدّر متحدث باسم الجيش الشعبي عدد القتلى ب 72 جندياً حكومياً. وبدا أن الحكومة السودانية تخشى أن يؤدي اختراق الثوار هذه الولاية الى تمكينهم من مهاجمة منشآت النفط وحقوله التي تعلق عليها أملاً كبيراً لتحسين اقتصاد البلاد وتعزيز قدرات القوات المسلحة. وكان المراقبون يتوقعون أصلا أن تستغل الحكومة السودانية فرصة انشغال اريتريا واثيوبيا بنزاعهما الحدودي لتهاجم قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان وتسترد مدناً رئيسية في النيل الازرق، أهمها الكرمك. غير أن الجيش الشعبي نجح في تعبئة مقاتليه لشن الهجوم الاخير قبل أن تكمل الخرطوم استعدادها للمبادرة بالهجوم. وسارعت السلطات السودانية الى اتهام قوى خارجية بمساندة قرنق وتعزيز مقاتليه. غير أن ديبلوماسيين في أديس أبابا قالوا ل "الوسط" إن مشاركة اثيوبيا أو اريتريا في المعارك الحالية بين الفرقاء السودانيين مستبعدة جداً، بسبب سحب الدولتين عدداً كبيراً من قواتهما من الحدود مع السودان استعداداً لحرب محتملة بينهما. وكانت فصائل المعارضة السودانية أعلنت في وقت سابق من العام الحالي أنها تعتبر مناطق التنقيب عن النفط في جنوب وجنوب غرب السودان هدفاً مشروعاً لقواتها. وتحدثت أنباء صحافية عن محادثات سودانية -صينية لانشاء قوات خاصة للدفاع عن الحقول النفطية ومنشآت خط لأنابيب نقل النفط عهدت الخرطوم لشركة النفط الوطنية الصينية بانشائه في نطاق شراكة مع ماليزيا. غير أن ديبلوماسياً سودانياً في باريس نفى ما تردد عن استعانة الحكومة السودانية بقوات وخبراء ايرانيين. وتقول الخرطوم إنها ستصدّر أول شحنة من نفطها من ميناء بورتسودان الشرقي في حزيران يونيو 1999. ويعتقد أن قرب منطقة حامية أولو من خزان الرصيرص الاستراتيجي الذي يزود العاصمة السودانية حاجتها من الكهرباء سبب آخر حدا بالحكومة السودانية الى محاولة حشد أكبر عدد من قواتها ومتطوعيها لمنع الجيش الشعبي من تحقيق انتصار في المعارك الحالية.