ألقى خبير بريطاني بارز في قضايا الأمن الدولي الضوء على احتمالات تفجر التوتر في شبه القارة الهندية بسبب التجارب النووية الأخيرة التي اجرتها الهند، وقال ويليام هوبكنسون رئيس قسم الأمن الدولي في المعهد الملكي للعلاقات الدولية البريطاني في حوار مع "الوسط" انه لا يستبعد وجود تعاون بين اسرائيل والهند، لكنه أكد أن اسرائيل لا تحتاج إلى مساعدة في هذا المجال. ما هو مستقبل شبه القارة الهندية، بعد التجارب النووية التي أجرتها الهند، والتهديدات التي أطلقتها باكستان بأنها ستخطو خطوات مماثلة؟ - للاختبارات النووية الهندية آثار سلبية، سواء على صعيد المنطقة أو حتى على الصعيد الدولي. فعلى صعيد المنطقة، ستقوي نفوذ العناصر الباكستانية التي تشجع على امتلاك أسلحة نووية ، كما ان اسلام آباد ستسعى الى وضع الهند على القائمة السوداء، ومثل هذا سيزيد حتماً من التوتر ومن سباق التسلح بين الطرفين المتخاصمين منذ سنوات بعيدة. كيف تنظر الى قدرات الهند النووية؟ - بكل وضوح تستطيع الحكومة الهندية تفجير قنابل نووية، وبتقديري هناك أسلحة نووية هندية تعد على أصابع اليد وبإمكان الهند استخدامها عبر إطلاقها من الجو، أما استخدام الهند رؤوس صواريخ نووية فمن المبكر تأكيده، أو لأكن أكثر تحديداً لدى شكوك في هذه المسألة. هل تعتقد بأن التجربة النووية الهندية الأخيرة استكمال لتجربة أخرى جرت قبل أكثر من عقدين؟ - إن أول تجربة نووية هندية حصلت العام 1974، ووصفتها الحكومة الهندية يومذاك بأنها مخصصة للأغراض السلمية. ولا أعتقد بأن هناك فرقاً كبيراً بين انفجار مخصص للأغراض السلمية وآخر مخصص للأغراض العسكرية من الناحية التقنية. الاختبار الهندي الأخير أظهر التقدم في التكنولوجيا المستخدمة في عملية التفجير. ولا أظن أن توقيت اجراء هذه التجربة له علاقة بالتقنية النووية لدى الهند بقدر ما هو مرتبط بالسياسة الداخلية الى حد كبير، وان كان الساسة الهنود لا يمانعون في إرسال إشارة الى الدول المجاورة، وبشكل خاص باكستان لإعلامها بأن جارتها دولة عظمى. يتردد ان باكستان تستعد لإجراء تجارب نووية هي الأولى من نوعها، كيف ترى قدراتها النووية؟ - باكستان بتقديري أقل تقدماً من الهند في المجال النووي وفي عدد الأسلحة النووية التي تستطيع تجميعها. لكن ليس لدي أدنى شك بأنها تتمتع بقدرات لا يستهان بها، خصوصاً ان القادة الباكستانيين \لمحو مراراً الى قدرة بلادهم على تجميع التقنية المطلوبة لصنع قنبلة نووية أو اكثر في غضون فترة بسيطة. هل الحديث عن تجربة نووية باكستانية قريبة هو بمثابة رادع للهند، أم أكثر من ذلك. - إنها في المقام الأول لإبلاغ الشعب الباكستاني ان حكومته قادرة على الدفاع عنه. والثاني لتحذير الهند من أنها ليست الوحيدة التي تملك سلاحاً نووياً، باستثناء الصين بالطبع. الى أي مدى سيؤثر السباق النووي بين الهندوباكستان على استقرار المنطقة؟ - سيزيد من تدهور الوضع، لأن أساس عدم الاستقرار في شبه القارة الهندية هو الخلاف الهندي - الباكستاني على قضية كشمير. ولاشك في ان التوتر الحالي سيشجع باكستان على تطوير سلاحها النووي بلا تردد عهدناه في السابق. بل وأكثر من ذلك سيدفعها الى تطوير صواريخ نووية بعيدة المدى في المستقبل القريب. هل تعتقد بأن الضغوط الأميركية على الهندوباكستان ستجبرهما على التوقيع على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية أو تطويرها في المستقبل؟ - هناك اتفاقيتان يرغب الجميع في ان يرى الهندوباكستان توقعان عليهما. الأولى تتعلق بالموافقة على التفتيش، والثانية على حظر التجارب. وبالتأكيد فإن باكستان ستوافق على التوقيع على هاتين الاتفاقيتين اذا أقدمت الهند على خطوة من هذا النوع. لكن الحكومات المتعاقبة في نيودلهي كانت تصر على عدم التوقيع على الاتفاقيات، وتقول اذا بقيت دول اخرى في العالم تملك قدرات نووية فليس من المعقول التخلي عما نملكه في هذا المجال. لذلك لا أرى ان هناك أسباباً ستدفع الهند الى توقيع اتفاقات نتيجة الضغوط الاميركية لأن هذا سيفسر على انه تنازل غير مقبول ومس بعنفوان وكبرياء الهند كدولة، ان احتمال توقيع الهند على الاتفاقات ضئىل جداً لأنه لا يعكس وجهات نظر الرأي العام الهندي الذي اغتبط للإعلان عن إجراء التجارب النووية الأخيرة. هل تمكن المقارنة بين المساعدة النووية التي تقدمها الصينلباكستان وروسيا للهند؟ - سأكون مندهشاً اذا تأكد ان الروس قدموا مساعدة فنية للهند بالقدر نفسه الذي قدمته الصينلباكستان. يجب ألا تنسى أن الهند لديها قدرات نووية منذ أكثر من ربع قرن، وهي بالتالي بحاجة الى قدر أقل من المساعدة التي تحتاجها باكستان من الصين. لماذا تثار الضجة حول دول مثل الهند أو حتى ايران وقدراتهما في المجال النووي، في حين لا يكاد يذكر أحد القدرات الاسرائيلية في هذا المجال؟ - هناك ثلاثة أسباب لذلك، الأول يتعلق بوجهة النظر الاميركية تجاه اسرائيل، لأنه لم تتم الاشارة الى اتفاقات نووية تتعلق بالشرق الأوسط، ولا تقارن بالحديث عن ايران أو العراق. والثاني، ان الكثيرين يستبعدون ان تشن اسرائيل حرباً نووية، في حين يظن كثيرون ان دولة مثل العراق ربما تقدم على خطوة من هذا النوع. والثالث ان دخول الهند النادي النووي بقوة يرسل اشارات الى أكثر من دولة في هذا المضمار على اعتبار ان الهند من زعماء دول عدم الانحياز ودول العالم الثالث. هل تعتبر ان التخوف الغربي من امتلاك دول مثل ايران أو باكستان سلاحاً نووياً مرده كون هذه الدول مسلمة؟ - أنا أقسم الغرب بين الولاياتالمتحدة والبقية. فالأوروبيون في معظمهم لم يبدوا أي قلق حيال التوجهات الايرانية في هذا المجال، وان كانوا لا يتمنون أن تدخل طهران السباق النووي. والموقف من ايران لدى الغرب مفهوم، لأنهم يعتقدون بأن ايران تعرضت في السابق لتهديدات، وقد يتكرر الأمر في المستقبل. ولو كنت مسؤولاً في ايران لخطوات الخطوات نفسها. الموقف من العراق مختلف، فقد اثبتت الوقائع ان بغداد سجلها حافل في الاعتداءات. فقبل غزو الكويت غزت ايران، وقبل ذلك استعملت الغازات السامة ضد الاكراد في شمال العراق. لكن بشكل عام أوافق على ان واشنطن أثارت ضجة كبيرة حول العراقوايران، لكن لم يحصل مثل هذا في وجه اسرائيل. الهند بلد كبير ومهم وبالتالي فإن الناس سيقولون اذا حصلت الهند على السلاح النووي، فلماذا لا تحصل عليه هذه الدولة أو تلك. ان التهديدات التي أطلقت ضد اسرائيل، مثل رميها في البحر، ربما بررت لجوء تل ابيب الى الخيار النووي، اضف الى ذلك انه لم يسبق للدولة العبرية ان هددت، سراً أو علناً باستخدام هذا السلاح ضد جيرانها من دون مبرر أو القول بأنه لغير الأغراض الدفاعية. أما لماذا تحتاج الهند الى السلاح النووي، فمثل هذا السؤال مطروح، خصوصاً ان باكستان دولة صغيرة بالمقارنة مع جيرانها. في حين لا تظهر الصين المجاورة أي اشارات على نيات عدوانية ضد الهند. وفي حالة اسرائيل، فلا اعتقد بأن الاستقرار في الشرق الأوسط سيكون كاملاً من دون ان تتوصل اسرائيل الى حل للمعضلة النووية. ما الذي ينتظر شبه القارة الهندية على ضوء هذه التطورات؟ - التوتر الآن في ذروته. لقد شهدت المنطقة ثلاث حروب بين الهندوباكستان، ومناوشات عبر الحدود. واعتقد بأن المعضلة الاساسية هي في طريقة حل مشكلة كشمير. هل هناك ما يشير الى تعاون هندي - اسرائيلي في الحقل النووي؟ - أشك في ان تكون اسرائيل تستفيد من الخبرات الهندية. وعلى العكس قد تكون الهند هي التي تستفيد من الخبرة الاسرائيلية. لا توجد لدي معلومات اكيدة. خبرات اسرائيل النووية تعود الى أكثر من ربع قرن، ولا أرى أنها تحتاج الى المساعدة. لكن في باكستان أكثر من رواية ترددت في السنوات الماضية عن تعاون هندي - اسرائيلي؟ - قد يصح هذا الى حد كبير، وفي المقابل ترددت أخبار عن القنبلة الاسلامية ومساعدة باكستان لدول شرق أوسطية، اذا لم يكن ذلك على شكل معلومات عن صنع قنبلة نووية بشكل كامل، فعلى شكل مساعدة تقنية. ومن هنا لا استغرب تعاون الموساد الاسرائيلي مع جهاز الاستخبارات الهندية المعروف بپ"راو". أي الدول التي حاولت الاستفادة من الخبرة الباكستانية في الشرق الأوسط؟ - لقد سمعت ان باكستان ساعدت كلاً من العراقوايران؟ لكن ليس لدي ما يدعم هذه الاخبار، وان كنت أعتقد بأن المساعدة تأخذ أشكالاً مختلفة .